اجتماع باريس سقفه توصيات… ورعد يزجر مَن يريد الصراخ

لبنان الكبير

“الترقب” هو الحالة الوحيدة التي يمكن أن تصف المشهد السياسي اللبناني اليوم، فالجميع ينتظر الاجتماع الخماسي في العاصمة الفرنسية باريس يوم الاثنين، لعل وعسى تصدر عنه أي إشارة قد تفتح الطريق أمام حل الأزمة السياسية، على الرغم من أن غالبية المطلعين تجزم بأن الاجتماع لن يختلف كثيراً عن مؤتمر جدة وما صدر عنه، لا سيما في ما يتعلق بالتزام لبنان مسار الاصلاح السياسي والاقتصادي والمالي، واعتماد سياسة النأي بالنفس والالتزام بالقرارات الدولية، وقد تصدر عنه توصية بوجوب إنهاء الشغور الرئاسي في أسرع وقت، من دون الدخول في أسماء معينة، أو دعم طرف ضد الآخر. الترقب لدى القوى السياسية لا يخرقه إلا صراخ الشعب الذي يعاني الأمرين من آثار الأزمة الاقتصادية، بسبب سياسات البوتقة الحاكمة.

ولكن يبدو أن هناك قوى سياسية لا يهمها هذا الصراخ، فرئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد توجه في لقاء حواري جنوباً إلى من سمّاهم “البعض”، قائلاً: “من يريد أن يصرخ فليصرخ حتى يشبع، فنحن مطمئنون بأن شعبنا لن يصرخ، لأنه شريك معنا في المعركة، كما أننا لسنا مجموعة منفصلة عنهم ونفرض إرادتنا عليهم، ومن يقول إن المقاومة ترهن طائفة وتأخذ البلد إلى المكان الذي تريد، فإننا نقول له بأننا في المقاومة رهائن تطلعات الناس وخياراتهم، والمقاومة جاهزة لما تتطلبه هذه التطلعات من تضحيات”.

وأشار رعد الى أن “أعداءنا يحاولون تحويل الاستحقاق الرئاسي في لبنان إلى منصة للإمساك برئيس للجمهورية ينفذ سياساتهم، ويستكمل مشروعهم لتضييق الخناق على المقاومة”، مؤكداً “لسنا نحن من يعطل البلد، وإنما الذي يعطله، هو من يضع يده عليه بنقده ومصارفه وسياساته وحصاره وعقوباته، ويمنع أن تصل الكهرباء إليه، وأن تأتي المساعدات إلى الشعب”. ولفت إلى أن “الأزمة التي يعيشها لبنان، تخرج أصواتاً تحت عنوان بأنه لم نعد نحتمل، ولكن هذه الأصوات تزرع التثبيط والاحباط عند الناس، وتخدم مشروع العدو الذي يريد أن ترتفع مثل هذه الأصوات لتسهم في تعديل موازين القوى”، معتبراً أن من أشعل الأزمة في لبنان هي أميركا بسبب تعطيل المقاومة لمشروع التطبيع مع العدو الاسرائيلي وفوز المقاومة عليه عام 2006.

كلام رعد بدا وكأنه يقسم الشعب اللبناني بين من هم مع مشروع “حزب الله” ومن هم ضده، ورأى مصدر سيادي في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “من الطبيعي أن يخرج هذا الكلام من الحزب الالهي الذي يضحي بلبنان من أجل مصلحة إيران، فما يعنيه هو أن يحافظ على البيئة الحاضنة التي أخذ محل الدولة في تقديم الخدمات لها، طبعاً لن يعنيه أن ابن الشمال أو عكار يموت ألف موتة في اليوم لتأمين قوت يومه، ولن يعنيه إن كان ابن برج حمود يموت في فراشه غير قادر على الطبابة، فلبنان بالنسبة الى أصحاب الدويلة هو الضاحية والجنوب وبعلبك الهرمل، التي يؤمن لها الخدمات، ويوزع عليها بعضاً من الدولارات، بل انه يسمح لها بالعمل خارج القانون وبالممنوعات، المهم أن تبقى تقدم فروض الطاعة للحزب وأمينه العام وإيران، وما الفيديوهات التي تنتشر عن غسل دماغ الأطفال ليكونوا مشاريع (شهداء) إلا دليلاً على ثقافة هذا الحزب، التي لا تشبه لبنان”.

وتساءل المصدر: “لماذا يرفض حزب الله مشاريع التقسيم والفدرلة إن كانت هذه هي عقليته؟ أليس اعتبار أن شعبنا وشعبهم هو تقسيم؟ ألا يجدر بالنائب أن يكون نائب الأمة جمعاء لا نائب فئة أو طائفة؟”.

وبالعودة إلى الاجتماع الخماسي في باريس، أكد مصدر ديبلوماسي فرنسي لموقع “لبنان الكبير” أنه طالما الاجتماع ليس على مستوى وزراء الخارجية للدول المشاركة وأكبر، فهو لن يفضي الى أي نتيجة، وسيكون أِشبه بتوصيات وتأكيد حرص الدول على دعم لبنان واستقراره.

ويتوقع أن يشهد الأسبوع المقبل ملفات ساخنة عدة من شأن الساحة السياسية والشعبية أن تضج بها، أولها الملف القضائي، بحيث أن المحقق العدلي طارق البيطار حدد جلسة لاستجواب النائب غازي زعيتر والوزير السابق نهاد المشنوق بداية الأسبوع أي يوم الاثنين، وبما أن الخلاف القضائي لم يحل، فمن المتوقع أن يكون هناك فصل جديد من التجاذب في هذا الملف، تحديداً أن الضابطة العدلية لن تنفذ قرارات البيطار وهناك انتظار لرد فعله على هذا الأمر في ظل توقع أن يقدم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات على خطوات ضده.

الملف الثاني هو جلسة الحكومة التي من المفترض أن تضم بنوداً أساسية على رأسها الملف التربوي، الذي يبدو أنه سيطيح بمستقبل الشباب اللبناني إن لم يحل قريباً.

أما الملف الثالث فهو احتمال دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة تشريعية، من أجل إقرار قوانين مالية مهمة، على رأسها “الكابيتال كونترول” في حال كان انتهى النقاش حوله، وكذلك هناك مسألة المدير العام للأمن العام، اذ تنتهي ولاية اللواء عباس ابراهيم في آذار المقبل، خصوصاً أن موضوع الجلسات النيابية في ظل الفراغ الرئاسي أمر عليه خلاف، بحيث يعتبر البعض أن المجلس هيئة ناخبة خلال فراغ سدة الرئاسة، بينما يتمسك البعض الآخر بسابقة تشريع الضرورة التي حصلت في ظل الفراغ الرئاسي السابق بين العامين 2014 و2016.

ملفات ساخنة كلها متأثرة بالشلل الذي يسيطر على الدولة، وأصبحت استحقاقاتها قريبة، وبسبب الخلاف السياسي تنتشر أفكار التقسيم والفديرالية، لدرجة نشر إحصاء ادعى أنه بناء على بيانات وزارة المالية عام 2019، يقسم مداخيل الدولة وإنفاقاتها بنفس طائفي، الأمر الذي نفته مصادر وزارة المالية لموقع “لبنان الكبير”، مشيرة الى أن “الوزارة لا تصدر بيانات على هذا النحو لا شكلاً ولا مضموناً، ومن يرغب في الترويج لمشاريعه السياسية والتحريضية عليه ألا يلقي بأساليب التزوير على وزارة المالية”.

مصدر سياسي علق على الاحصاء المنشور بالقول: “الهدف من نشر هذا البيان المساهمة في نشر فكرة التقسيم والفديرالية، وهو لا يرتكز على أي أسس صحيحة، ولبنان اليوم أرض خصبة لأصحاب مشارع التقسيم، بسبب الانهيار الاقتصادي الذي يعانيه، ورمي كل طرف التهمة على الآخر”.

شارك المقال