بخاري يحرك السكون الرئاسي… هل يجلب “حزب الله” باسيل الى “بيت النصاب”؟

لبنان الكبير

بالتزامن مع إطلالة الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله، لإكمال ما بدأه رئيس مجلس النواب نبيه بري بإشهار “الثنائي الشيعي” ترشيح سليمان فرنجية، ضرب السفير السعودي وليد بخاري على “تويتر” حساس محلياً بتغريدة حرّك فيها “سكون” الاستحقاق البنيوي اللبناني بحديثه عن “ساكنَيْن” أحدهما ناقص يستحسن حذفه وتحريك الثاني ليستحق مكانه، لتأخذ رسائله الملغزة بعداً أوسع يمكن فهمه مع حركة نشطة له خلال الأيام المقبلة كما علم موقع “لبنان الكبير”، وتبدأ من بكركي.

البداية إذاً من تغريدة بخاري التي قال فيها: “ظاهرةُ التقاءِ الساكِنَينِ في الِاستِحقَاقَاتِ البُنيَوِيّةِ تقتضي التَّأَمُّلَ لتكرارِهَا نُطقاً وإعراباً، وخلاصةُ القولِ هُنَا: إذا التَقَى سَاكِنَانِ فيتمُّ التخلّصُ من أَوَّلِهِمَا؛ إمَّا حذفاً إذا كان مُعتلاً، أو بتحريكِ أحدِهمَا إن كان السَّاكنُ صحيحاً!”.

وفي معلومات موقع” لبنان الكبير” أن السفير السعودي قصد بصورة مباشرة بكلمة “استحقاق” الاستحقاق الرئاسي، فهل كان يغمز بمصطلح “الساكنين” للاشارة الى المرشحين رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وقائد الجيش جوزيف عون؟ وهل الأخير هو”الساكن الصحيح” وفق بنية التغريدة؟

قبل التغريدة لم يسجل المشهد اللبناني الجامد جديداً سوى المواقف التي أطلقها نصر الله خلال الاحتفال التكريمي الذي نظمه الحزب بمناسبة “يوم الجريح” بعد أن ضم صوته الى صوت الرئيس بري، واعلان مرشحه الطبيعي للانتخابات الرئاسية، الوزير السابق سليمان فرنجية بالاضافة الى الرسائل التي وجهها الى “التيار الوطني الحر”.

وكشف نصر الله عن “جلسة انعقدت مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وقلت له المواصفات التي يريدها حزب الله في الرئيس وقلناها في الاعلام وهي عدم طعن ظهر المقاومة والشجاعة والتواصل مع جميع الأطراف وغيرها، وقلت له بأن هذه المواصفات موجودة في حضرتك ورئيس تيار المردة، وبما أنك لا تريد الترشح لذلك فإن مرشحنا الذي ندعمه هو الوزير سليمان فرنجية، واتفقنا بعد النقاش مع النائب باسيل على أن للبحث صلة… في آخر لقاء حصل بين وفد قيادي من حزب الله ووفد من التيار الوطني الحر طرحنا أن نقدم لائحة ومن ضمنها اسم سليمان فرنجية”.

وقال نصر الله: “نحن عندما نتخلى عن الورقة البيضاء ونكتب اسم مرشح على الورقة فهذا التزام جدي، نحن لا نناور ولا نقطع وقتاً ولا نحرق أسماء مرشحينا. والمرشح الطبيعي الذي يدعمه حزب الله في الانتخابات الرئاسية ونعتبر أن المواصفات التي نأخذها في الاعتبار موجودة في شخصه هو سليمان فرنجية”.

في هذا السياق، أشارت معلومات صحافية الى أن “الثنائي الشيعي” يعمل على إنضاج خطة رئاسية ترمي إلى “حرق” حظوظ قائد الجيش بحجة تعذر التعديل الدستوري لانتخابه، بالتوازي مع سعي “حزب الله” إلى تليين موقف رئيس “التيار الوطني الحر” من خلال وعده بسلة من التعهدات والحصص الوزارية والتعيينات الادارية مقابل تأمينه الغطاء المسيحي الميثاقي لانعقاد جلسة انتخاب فرنجية. الا أن أحد نواب “البرتقالي” نفى نفياً قاطعاً هذا الكلام “الذي يصب في اطار الحملة على باسيل الذي ليس من طينة الرجال الذي يُشترى ويُباع”. وبعد كلام نصر الله عن أن “إخوتنا في التيار هاجمونا في كل مرة اختلفنا معهم في الآراء و(نحنا كنا نسكت) لكن لا أحد يعتقد أننا إذا سكتنا يعني أننا لا نعرف كيف نرد. وعندما نختار اسماً لا نمزح ولا نلعب ولا نتردد”، لا بد من التساؤل: هل انطلقت مرحلة ترويض باسيل، واعادته الى “بيت الطاعة” بعد أن رفع السقف عالياً ضد حليفه الوحيد؟ وبالتالي، هل سيدفعه الحزب مكرهاً الى تأمين نصاب الجلسة والتصويت لفرنجية؟ مع العلم أن نصر الله أكد “أننا ملتزمون بنصاب الثلثين في انتخاب الرئيس في الدورة الأولى والثانية، ولا نقبل أن يفرض الخارج على لبنان رئيساً”.

ولا تكف المراجع الدولية عن التحذير من تدهور الأوضاع بصورة دراماتيكية في حال لم ينتخب رئيس للجمهورية. وتحدثت المعلومات عن اتصالات تجريها باريس تحضيراً لاجتماع ثانٍ يبحث في النتائج التي سيعود بها السفراء من لبنان، الا أن مكان الاجتماع وزمانه لم يحددا بعد كما مستوى المشاركة لأن ذلك قيد التداول راهناً بين عواصم هذه الدول، مع العلم أن سفراء مجموعة باريس الخماسية يجرون اتصالات مكثفة مع المسؤولين في لبنان، ويسرّعون من وتيرة اللقاءات معهم، وينذرون بالذهاب نحو الانفجار، وقد أعذر من أنذر.

ويواصل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي مسعاه في خرق الجدار الرئاسي من خلال جولة ثانية يقوم بها موفده المطران أنطوان أبو نجم على القيادات والشخصيات المسيحية عله يسهّل ايصال السفينة الى بر الأمان. وفي حين تحدثت معلومات صحافية عن أن المطران يحمل في جولته الثانية مجموعة من الأسماء عله يتمكن من حصرها بإسم أو اسمين لخوض الاستحقاق الرئاسي بهما، أكد مصدر مطلع لموقع “لبنان الكبير” أن ليس هناك من نتائج حالية يبنى عليها للزيارات التي يقوم بها المطران أبو نجم، لكن الكل يريد حلولاً. وما يتم الحديث عنه في الصحف عن أن البطريرك سيدعو النواب المسيحيين الى اجتماع في بكركي بعد الانتهاء من وضع جدول الأعمال والتوافق على البيان النهائي ليس دقيقاً أقله الى اليوم، مع العلم أن البطريرك لن يوفر جهداً لأنه يدرك تماماً أن البلد لا يحتمل المزيد من الاخفاقات والانهيارات، وأن هناك مخططاً لا يتوقّف عند إفراغ رئاسة الجمهورية وحسب، بل يتخطّاه لضرب الدولة بأكملها، وهو حريص على الوطن وعلى مؤسساته كافة وعلى الشعب بأكمله. أما بالنسبة الى الشخصيات المارونية، ومدى تجاوبها، فلا يمكن استباق الأمور، لكن من المتعارف عليه عبر التاريخ أنها لا تتنازل لبعضها، وتعبّر عن آرائها بوضوح ولا تحب الالتحاق بالآخرين أو التبعية، وبالتالي، لا تتجاوب مع مبادرة البطريرك كما يجب، وهو منزعج ولديه عتب على بعض الأطراف المسيحية والمارونية الذين عندما يحتاجون دعمه، يتوددون اليه، وحين يطلب منهم أي أمر لا يلبون خصوصاً أن هذا الأمر وطني بامتياز. على الجميع من مسيحيين ومسلمين، التنازل بعض الشيء لصالح انقاذ البلد الذي وصل أبناؤه الى حافة المجاعة، والى مرحلة اليأس، وحالات الانتحار اليومية خير دليل. وفي ظل التأزم، لا بد من رفع الصوت عالياً، والتوجه الى المسؤولين الذين يجازفون بمصير البلد، والقول لهم ان ما من أحد أعطاكم الحق في تقرير مستقبل الفئة الأكبر من الناس غير الراضية وغير المقتنعة بأدائكم المنطلق من المصالح والمكاسب الخاصة. على المسؤولين أن يتنازلوا، ويلمسوا معاناة الناس اليومية وإن كانت لديهم ذرة من الضمير والأخلاق والانسانية يستقيلون أو أقله يستمعون الى المطالب، ويلبونها بأسرع وقت ممكن لأن ما نسمعه وما نراه، يدمي القلب ويبكي الحجر.

وفي حين نجحت المساعي التي بذلتها شخصيات سياسية وديبلوماسية لتطويق الخلاف الذي نشب بين الرئيس بري والنائب المرشح ميشال معوض، والالتفاف على محاولات اللعب بالنار واستغلال الخلاف لأغراض فتنوية، اعتبرت مصادر مطلعة عبر “لبنان الكبير” أن مواقف الرئيس بري نقلت اللعبة الرئاسية الى مكان جديد بعد أن أعلن أن سليمان فرنجية هو مرشح “الثنائي الشيعي”، وأن تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش مستحيل.

كل هذه المواقف والتصاريح تأتي وسط صمت مطبق من فرنجية الذي لم يصدر عنه أي موقف حتى اللحظة في شأن تبني “الثنائي الشيعي” ترشيحه للمرة الأولى علناً وجهارة.

من جهة ثانية، تستعد وزارة الداخلية والبلديات لاجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في نهاية أيار المقبل بعد أن انتهت ولاية المجالس البلدية والاختيارية في منتصف العام 2022 بعد ست سنوات من انتخابات 2016، إلا أن الموعد تزامن مع انتهاء ولاية المجلس النيابي، وأعلن حينها أنه تتم مناقشة قانون عصري للبلديات في اللجان النيابية.

وفيما أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي في العديد من المواقف عزم الوزارة على اجراء الانتخابات، وأنها باشرت باتخاذ كل الترتيبات الادارية والتقنية واللوجستية لإجرائها في موعدها، يبقى السؤال: هل القوى السياسية مستعدة لاتمامها خصوصاً أنها تصب اهتماماتها في هذه المرحلة على الملف الرئاسي؟ وبالتالي، ربما تفضل التمديد للمجالس البلدية الى ما بعد ملء الشغور كي تتفرغ كلياً لحملاتها الانتخابية خصوصاً أن المجالس البلدية هي السلطة الفعلية والمحلية في المناطق، مع العلم أن هناك قوى تتخوف من محاسبة الناس بسبب أدائها السياسي السيء.

وفي أحاديث مع مختلف الكتل السياسية أجراها موقع “لبنان الكبير”، كان تأكيد واجماع على ضرورة اجراء هذه الانتخابات في موعدها على اعتبار أنها أساس للحفاظ على مكونات المجتمع في ظل انهيار الدولة، خصوصاً أن البلديات هي الجهات الوحيدة التي تتواصل مع المجتمع الدولي لتأمين بعض التمويل لصمود الأهالي في المناطق. لكن، هل هذا التأييد قولاً وفعلاً؟ إن غداً لناظره قريب.

شارك المقال