“حزب الله” يهدد بـ “أجل غير مسمى”

لبنان الكبير

في وقت تؤكد كل المؤشرات الحالية، وسط تعدد السيناريوهات، أن السكون الرئاسي سيرخي بظله على الواقع المحلي الى فترة ليست قريبة لأن المسؤولين يقيمون حسابات خاصة في الفتح والضم، والجمع والطرح، والضرب والقسمة، ويزينون بميزان “الجوهرجي” مصالحهم الخاصة، ومكتسباتهم السياسية في حين يراهن “حزب الله” على حشر الجميع في زاوية تأييده أو الفوضى، فيما تؤكد مصادر المعارضة لموقع “لبنان الكبير” أن ما سرى قبل ست سنوات لم يعد سارياً اليوم، برزت بالأمس العديد من المواقف السياسية المليئة بالرسائل في كل الاتجاهات.

البداية مع تغريدة نائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم عبر حسابه على “تويتر”، قال فيها: “طريقان لا ثالث لهما: إمَّا طرحُ الكتل لأسماء المرشحين لديها للرئاسة والحوار في ما بينها لتأمين الترجيح لأحدهم، وإمَّا التمترس حول خياراتها وعدم إنجاز الاستحقاق إلى أجل غير مسمَّى”.

كما برز موقف لرئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية للمرة الأولى بعدما تبنى ترشيحه “الثنائي الشيعي”، اذ لفت الى أن “المسيحيين يتفقون على السيء وليس على الايجابي، وحبذا لو يتفقون لمرة واحدة على الايجابي وليكن الدستور هو الضمانة، اما اذا كانوا لا يريدون الدستور فلتكن لديهم الجرأة للمطالبة بتعديله، ولكن أن نكون مع الدستور عندما يناسبنا ونكون ضده اذا انتفت مصلحتنا فهذا لا يجوز”.

وقال فرنجية: “علينا أن نطبق الدستور في الانتخابات الرئاسية، وبعدم تطبيقه نكون كمجلس ملة بحيث تتفق الأحزاب المسيحية الأربعة على رئيس وعندها لا لزوم للانتخابات، فهل هذا ما يريدونه؟ في انتخاب الرئيس يجب أن يتوافر حضور ثلثي المجلس ما يعني ضرورة حضور نصف النواب المسيحيين للجلسة وهذا يؤمن الميثاقية”.

أما “التيار الوطني الحر” فأكد بعد اجتماع هيئته السياسية أن “عمق الأزمة يكمن في عملية تهديم ممنهج للدولة، وحان وقت التحاور والتفاهم في ما بيننا كلبنانيين من دون انتظار الخارج، ومن دون القبول بأن يفرض علينا أحدٌ من الخارج أو من الداخل قراره، ونحن في التيار، وفي مطلق الأحوال، لن نسير الاّ بقناعاتنا.”

ووسط الأجواء الرمادية والضبابية، خرق تحقق في السراي الحكومي، بإصلاح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “ذات البين” بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزيف عون، بعدما بلغ خلافهما حد ايقاف وزير الدفاع، بريد قيادة الجيش الوارد اليه والصادر منه، إلى باقي الوزارات والجهات الخارجية ما أدى إلى عرقلة العديد من المهمات المنوطة بالمؤسسة العسكرية، لكن مدة هذا الاصلاح غير معروفة طالما أن السياسة تفعل فعلها في القرارات الوزارية.

على أي حال، وقبل الدخول في الزواريب السياسية، لا بد من تهنئة المرأة في يومها العالمي خصوصاً النساء اللبنانيات اللواتي يبذلن جهوداً مضاعفة، ويتحملن مشقات ومصاعب ومسؤوليات كبيرة جداً، لكنهن لا يلقين التقدير المستحق لهن في الميادين كافة خصوصاً أنهن يواجهن صعوبة وعراقيل في الانضمام الى المؤسسات الدستورية، البرلمانية والحكومية على الرغم من كفاءتهن فيما معظم الدول العربية سبقت لبنان في هذا الاطار.

إذاً، بعد المستجدات في الأيام القليلة الماضية، دخل الاستحقاق الرئاسي في مرحلة جديدة، والمعادلة سلبية بين فرنجية والنائب ميشال معوض، والتوجه اليوم نحو خيار ثالث، لكن لا أحد يملك الاجابة عن كيفية تجسيد هذا الخيار. هل يذهب الفريقان الى البرلمان بحيث يمكن لأحدهما أن يسجل مفاجأة؟ هل تشهد المنطقة تطورات ايجابية يمكن أن تساهم في تليين المواقف؟ هل سيكون هناك حوار وطني واسع يمكن أن يخرق جدار التعطيل، وانتخاب رئيس للجمهورية قبل الصيف المقبل؟

على أي حال، يسأل أحدهم: لماذا نحيد دائماً عن الخط، ونضيع البوصلة، ونفتش عما هو غير مجهول؟ بعد أن شهد البلد انهياراً غير مسبوق، يقر الجميع من معارضة وموالاة، أنه لا يمكن انتشاله من دون المساعدة العربية والخليجية وخصوصاً المملكة العربية السعودية حتى أن “حزب الله” لن يخاطر باعادة تجربة العهد السابق. وموقف السعودية معروف في ما يتعلق بصراع المحاور وبالدور الايراني في لبنان، والرسالة واضحة في المبادرة العربية التي حملها وزير خارجية الكويت قبل عام، وليس مستبعداً أن تكون جولة السفير السعودي وليد بخاري على المسؤولين تشدد على هذه الناحية. وانطلاقاً من ذلك، لا بد من التساؤل: هل ستشكل بنود المبادرة العربية، المدماك الأساس في انتخاب رئيس الجمهورية المقبل والتي تنص على وقف تدخل “حزب الله” في الشؤون الخليجية والعربية، والتزام لبنان بكل استحقاقات مؤتمر الطائف، وبقرارات الشرعية الدولية وقرارات جامعة الدول العربية، والنأي بالنفس الذي يجب أن يكون قولاً وفعلاً، ووقف كل أنشطة الجماعات المناوئة لدول مجلس التعاون؟ في حين أكد السفير السعودي أن المملكة لا تدخل في الأسماء انما هي مع رئيس انقاذي غير متورط في قضايا فساد مالي وسياسي.

في هذ السياق، رأى أحد الوزراء السابقين أن “الأمور رهن بميزان القوى في الداخل والخارج. وحين يتوصل هذا الميزان الى حل ما، يتم الحديث بالورقة العربية وبنودها، والسير نحو الحلحلة، لكن اليوم ليس هناك من حل. المبادرة العربية لم تعد خياراً، والدخول العربي الى اللعبة اللبنانية أصبح لا غنى عنه لأن ما بات مسلماً به أن لا قيامة للبلد من دونه. نحن اليوم كلاعبي كرة القدم الذين يمرون في مرحلة الاحماء قبل أن يعلن الحكم انطلاق المباراة، بحيث أن كل الأطراف في لبنان في مرحلة الاحماء، ولم يحن بعد موعد المباراة ، ولم يأت الحكم، وخطاب الفرقاء السياسيين يظهر التمترس خلف المتاريس المتعددة، لكن هذا التمترس لن يستمر الى أجل غير مسمى انما رفع السقف الى حين اللحظة التي سيتم فيها التفاوض. مع العلم أن هذا التفاوض لن يحصل على الاسم بقدر ما سيكون تفاوضاً على الصفات التي تحتاجها المرحلة، والاتفاق على كيفية انتشال البلد من أزمته، وهذا يتطلب مستلزمات داخلية وعربية ودولية. وبالتالي، في حال حصل التفاهم، فلا بد من أن تؤخذ المبادرة أو بنود الورقة العربية في الاعتبار، لكن لن يحصل اتفاق على قاعدة أن فريقاً سيغلب فريقاً آخر كما لن يكون هناك اتفاق متوازن جداً انما سيكون هناك نوع من التنازل بين الطرفين، لكن حجم التنازل لن يكون متساوياً”.

على صعيد آخر، وفيما يشن “التيار الوطني الحر”، حملة ممنهجة ضد قائد الجيش بذريعة الحرص على الدستور والقوانين، وتسريب أخبار عن لقاءات ومحادثات تم وضعها في خانة تحت الطاولة، اجتمع الرئيس ميقاتي بوزير الدفاع وقائد الجيش في السراي الحكومي، وجرى الاتفاق على حل التباينات بروح التعاون حفاظاً على الجيش ودوره وعلى العلاقة الوطيدة بين سليم وعون. كما جرى عرض لأوضاع المؤسسة العسكرية والعلاقة بين وزارة الدفاع وقيادة الجيش.

وكان ميقاتي رأس اجتماعاً ضم وزير الدفاع، وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، قائد الجيش، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، المدير العام للأمن العام بالوكالة العميد الياس البيسري والمدير العام لوزارة المال جورج معراوي.

وفي هذا الاطار، أكد مصدر لموقع “لبنان الكبير” أن شخصية قائد الجيش بعيدة عن المدرسة السياسية اللبنانية التي تعشق المناورة، وأن السياسيين الذين يزورون عواصم العالم، يسمعون كلاماً تقديرياً لقائد الجيش وأدائه في المؤسسة العسكرية. على أي حال، بغض النظر عن رمي المسؤوليات، واتخاذ موقف ضد أو مع، فلا يجوز أن تصل الأمور بين وزير الدفاع وقائد الجيش الى هذا الحد خصوصاً في المرحلة الدقيقة الحالية. والاتهامات معيبة بحق قائد الجيش الذي يجب أن يُشكر لأنه تمكن من الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية. بعض الناس يمكن أن نطلق عليهم صفة “نقاري الخشب” الذين يميلون دوماً الى التسبب بالازعاج للآخرين. ثم نسأل هؤلاء “النقارين”: ألا تلاحظون أن المجتمع الدولي فقد ثقته بكم، ولا يسلم المساعدات المالية الا لمؤسسة الجيش؟ لا نزال نفتش عن القشور والنقار وصب الزيت على النار، والبلد في حالة الاحتضار. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال الأكثرية مصممة على أن تنأى المؤسسات العسكرية والأمنية عن الصراعات الدولية والاقليمية والمحلية لأنه اذا ما زُجت بها، سقطت، وسقط معها ما تبقى من عناصر الدولة بعد أن انهارت المؤسسات والسلطات الواحدة تلو الأخرى. المؤسسات العسكرية والأمنية خط أحمر، وعلى الجميع المحافظة عليها.

شارك المقال