“معلمو السياسة” أنهوا منهاج الخراب… ونصر الله يدرّس علوم الصمود!

لبنان الكبير

لو قدر للمعلم ان يكون له كل يوم عيد، لكان ذلك قليلاً عليه، لكن في ظل الظروف المريرة، يحز في قلوب اللبنانيين أنهم يفتقدون معلمين يقودون البلد الى بر الأمان، والى معلمين يتحلون بالمعرفة والوعي والادراك وحس المسؤولية والأخلاق والضمير والانسانية. معلمون يضحّون في سبيل المواطنين، ويسهرون على تأمين مصالحهم، وإخراجهم من العتمة الى النور. لكن، كالعادة، المقاييس مقلوبة في بلد الغرائب والعجائب حيث أصرّ المعلمون الذين يتحكمون بالبلد على نشر الظلمة والظلم حتى قطع الأنفاس، وما نمط الحياة، وسلب الكرامات، والفواتير الخيالية سوى دليل على افلاسهم من الانسانية، وآخرها فواتير الكهرباء الغائبة التي تخطت كل منطق وكل قدرة على التحمل.

رسالة معلمي السياسة وصلت، فهم يريدون الدمار والخراب مهما كلف الأمر، وربما لم يعد ينفع سوى الدعاء والصلاة من أجل الانقاذ، فقد دعا البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي إلى “يوم صوم وصلاة على نية لبنان وشعبه”، مناشداً “الاسراع في إنتخاب رئيس للجمهورية لإنقاذ الوطن، ممّا يتخبط به من مشكلات على الصعد كافة، واحترام المناصفة بين اللبنانيين، وضرورة المساواة في المواطنة على قاعدة العيش المشترك وتطبيق اتفاق الطائف الذي وضع للحفاظ على تنوع الكيان اللبناني”.

أما الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله فتوجه إلى كل “من يهددنا بالقتل والحصار، فنحن لا نلين ولا تتوقعوا منا استسلاماً أو انصياعاً أو خضوعاً. من يهددنا بالقتل وبالحرب العسكرية والتجويع، فهذا لا يهددنا، ولو قتلتم نساءنا وأطفالنا ورجالنا لا يمكن أن نشعر بالضعف أو الوهن لأننا نعتمد على الله ونثق بشعبنا”.

على أي حال، لا يختلف اثنان على أن الانقسام بين المكونات السياسية في البلد عميق لدرجة أنه يستحيل لحمه أو ايجاد أرضية مشتركة يمكن البناء عليها ما يؤشر الى انسداد في الأفق السياسي والرئاسي. وما زاد في طين الانقسامات بلة، ترشيح “الثنائي الشيعي” لرئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية بحيث أن الفريق المعارض يعتبره مرشح تحدّ تماماً كما يرى فريق الموالاة في مرشح المعارضة النائب ميشال معوض، مرشح تحدّ.

إذاً، ترشيح فرنجية حرّك مياه الاستحقاق الرئاسي الراكدة منذ أيلول الماضي، أي منذ مهلة الشهرين السابقة لانتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون وسط الكثير من التحليلات والسيناريوهات عن المرحلة المقبلة التي يميل بعضها الى التفاؤل، فيما البعض الآخر أكثر تشاؤمية وسوداوية مع العلم أن الجميع يدرك خطورة المرحلة، وأن البلد لم يعد يحتمل أي خضة لأن تداعيات الشغور تنعكس سلباً على المستويات كافة خصوصاً على المستوى الأمني، اذ أن هناك تخوفاً من أحداث أمنية ربما تطل برأسها من خلال المخيمات الفلسطينية لاسيما من مخيم عين الحلوة، ما يهدد الاستقرار في البلد.

وسط كل هذه الأجواء الملبدة والغامضة حيث تبدو معابر الاستحقاق الرئاسي مجهولة، لا بد من التساؤل: ما حقيقة “الطبخة” الرئاسية التي تطبخ خلف الكواليس بعيداً من الضجيج الاعلامي، متخطية حالة الانقسامات والتصاريح التصاعدية كما يروّج لها بعض المسؤولين، أو أن اشاعة مثل هذه الأخبار تهدف الى ذر الرماد في العيون، وايهام الناس بأنه يتم العمل فعلياً لفكفكة العقد الرئاسية، وبالتالي، لا طبخة ولا من يطبخون؟

أشار أحد المتابعين الى أن “الاتصالات تبقى بين الفرقاء المختلفين عبر وسائل مختلفة، وفي عز الحرب والأزمات لم تنقطع أقنية التواصل بين الأطراف، ونجد دائماً من يسعى الى الخير، ويحاول ايجاد حل وسطي بين الفريقين الأساسيين في البلد، لكن هل يمكن أن نقول ان هناك تسليماً داخلياً بوجوب حسم الأمور في الداخل والاتيان برئيس للجمهورية؟ الى اليوم، هذا مستبعد. و”حزب الله” لا يهمه الداخل بقدر ما يهمه الخارج بمعنى أنه يريد أن يبرم تسوية أو اتفاقاً مع الخارج يضمن المراحل اللاحقة بعد انتخاب رئيس الجمهورية، ويحصل على ضمانات على وضعيته وألا يحصل معه كما حصل في ملف الترسيم اذ أن الأميركيين لم يدفعوا له ثمنه لا من خلال المساعدات ولا رفع العقوبات. الحزب يريد اليوم الاتفاق مع الخارج على رئيس للجمهورية بشكل أنه يقدم تنازلاً يُقابل بمنح معينة اقتصادية ومالية، ويحمي المنظومة الحاكمة لأن لدى الحزب قلقاً من أن الأمور تدفع باتجاه تغيير حقيقي على مستوى السلطة السياسية. “حزب الله” ليس ساعياً الى انجاز تسوية مع الأطراف اللبنانية انما يسعى الى انجاز تسوية مع الخارج، وحتى الآن الخارج ليس مهتماً ولم يتجاوب، وبالتالي، أخذ خيار ترشيح فرنجية كنوع من رفع سقف المواجهة على قاعدة الاستعداد للتغيير انما بشروط. الحزب يريد أن ينجز تفاهماً أو اتفاقاً مع الأطراف الاقليمية والدولية سواء بصورة مباشرة أو عبر تفاهمات ايرانية – سعودية وايرانية – أميركية، وهذا غير ناضج. وبالتالي، لا نتوقع أن يحصل خرق جدي وحقيقي في مسألة انتخاب الرئيس في المدى القريب انطلاقاً من الاتصالات الداخلية لأن الحزب لا يعتبر أن الاطراف الداخلية صالحة للاتفاقات. ويبقى هدف الاتصالات شراء الوقت وتمديد الأزمة وليس تقصيرها.

وفي هذا الاطار، هناك من يسأل: هل من مخطط للتوتير الأمني، والدفع الى انتخاب رئيس للجمهورية على الساخن؟ في حين أن هناك من يقول انه لا يجوز الانجرار خلف الأخبار والتحليلات الكثيرة والمتعددة والمتناقضة لأنه على الرغم من أن ظاهر الأمور يدل على التأزم الا أن التواصل قائم بين مختلف الأطراف، والأبواب ليست مقفلة كلياً، وربما تحصل مفاجآت تناقض التوقعات والقراءات .

رأى أحد المحللين السياسيين أنه ربما ينتخب الرئيس على “الحامي”، لكن المعطيات الحالية لا تشير الى ذلك، وربما نشهد مظاهر فوضى متعددة في أكثر من منطقة، وتأخذ أشكالاً مختلفة، لكن الحرب مستبعدة، ولا بوادر لها وليس هناك من مشروع حرب لأن الأزمة أعمق من انتخاب الرئيس الذي على أهميته لن يشكل حلاً اذا لم يكن مبنياً على تفاهم أو على رؤية لأن الأساس هو القرار. هل قرر “حزب الله” تغيير أسلوب تعاطيه مع السلطة أم لا يريد ذلك؟ من يعود بالذاكرة الى السنوات السابقة، وأسلوب ادارة البلد، والى أين وصلنا، من الطبيعي اذا أردنا الانتقال الى مرحلة أخرى أن نغير الأسلوب في التعاطي. والطرف المقرر هو الحزب، لكن هل نضج لديه هذا القرار؟ لا يبدو ذلك الى اليوم، وهو لن يتنازل بسهولة عن خياراته. وتعامل المسؤولين مع التطورات في البلد غير مسؤول، فهم غير مهتمين بالأزمات الكبيرة على الصعد كافة. وبالتالي، على الرغم من أهمية الظروف الداخلية الا أن الأهم، الظروف الخارجية والاقليمية، واذا لم يحصل تطور كبير في المنطقة يدفع باتجاه معين قد يكون من نتائجه تسهيل انتخاب الرئيس، فستستمر الأزمة الى أجل غير مسمى، اضافة الى أن الداخل ليست لديه نية جدية في انتخاب الرئيس، لذلك، فإن الشغور رهن التطورات في المنطقة.

على صعيد آخر، وفي ظل معاودة ارتفاع سعر صرف الدولار، وما رافقه من ارتفاع في أسعار المحروقات والسلع الاستهلاكية، أعلنت جمعية المصارف العودة إلى الاضراب ابتداءً من صباح الثلاثاء 14 الجاري، مطالبة بـ”اتخاذ التدابير القانونية السريعة لوضع حد لهذا الخلل في اعتماد معايير متناقضة في إصدار بعض الأحكام التي تستنزف ما بقي من أموال تعود لجميع المودعين وليس لبعضهم على حساب الآخرين، ولمعالجة هذه الأزمة بشكل عقلاني وعادل ونهائي، تتحمّل فيه الدولة بصورة خاصة مسؤوليتها في هذا المجال”.

في حين أشارت السفارة البريطانية في لبنان، إلى أن “سفراء المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا وألمانيا وهولندا ونائب سفير اليابان، التقوا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يوم الثلاثاء 7 آذار 2023، واتفقنا جميعاً على دعمنا المستمر للشفافية والمساءلة في لبنان”.

شارك المقال