فرنسا ترد “جميل” توتال للممانعة بـ”الترسيم الرئاسي”

لبنان الكبير

القوى السياسية في لبنان حسمت أمرها، حل الأزمة في البلد لن يكون داخلياً، والجميع بانتظار كلمة السر الاقليمية، للتوصل إلى انتخاب رئيس وإعادة إنتاج السلطة، والتمني أن ينعكس الأمر إيجاباً على الأزمة الاقتصادية في بلد يتسارع فيه انهيار عملته ويحقق أرقاماً قياسية، وأصبح المواطن لا يجد مكاناً يضع فيه الرزم الكبيرة من الليرة لاستعمالها في نفقات يومياته، عدا عن تقلب بورصة الأسعار، وتحديداً المشتقات النفطية، بحيث شهد يوم الجمعة صدور تسعيرة مختلفة كل ثلاث ساعات، الأمر الذي أثار إرباكاً في السوق، بعدما وصل سعر صفيحة البنزين إلى مليوني ليرة.

ملف الرئاسة هو الأولوية، وبما أن التسوية الداخلية أطيح بها، فالترقب هو لتسوية من الخارج، تلعب فيها فرنسا دوراً كبيراً، ولكن هذا الدور ليس من محبة دولة الانتداب للبنان وشعبه، بل وفق ما تسير مصالحها، وهي صفقة لا تنطبق عليها مواصفات التسوية من أجل لبنان، فكل ما تطرحه لا يخدم سوى “حزب الله”، ووفقاً للمعلومات التي تخرج من الدوائر المتابعة للاتصالات والاجتماعات الفرنسية المتعلقة بلبنان، تقترح فرنسا مقايضات يكون فيها لمحور الممانعة الدور الأكبر. أما لماذا تقوم فرنسا بذلك؟ فالسبب بسيط وفق ما قال مصدر مطلع لموقع “لبنان الكبير”: “البزنس أولاً”. وتابع: “المصالح الفرنسية لا تتوقف فقط عند حدود شركة توتال بالتنقيب عن الغاز في البحر اللبناني والافادة من عائداته، ولا عند حدود شركة cma cgm، والاستثمار في مرفأ بيروت وتشغيله وإعادة إعماره، ومعه مرفأ طرابلس ضمناً، بل تتخطى ذلك إلى بلدان محور الممانعة، تحديداً سوريا وإيران، ففرنسا تطمح الى أن يكون لها الدور الأكبر في إعادة إعمار سوريا، وكذلك تسعى الى أن تكون الشركات الفرنسية هي المستفيد الأكبر من السوق الايرانية الضخمة، في حال نجح الاتفاق النووي، ولذلك نرى أن الطروح الفرنسية في لبنان تأتي من منطلق حماية مصالح حزب الله، لأن ذلك يحمي مصالح فرنسا، حتى لو وصل ذلك الى حد ضرب اتفاق الطائف الذي دفع لبنان ثمن التوصل إليه مئات الآلاف من الشهداء والجرحى”.

بعد انفجار مرفأ بيروت في اليوم المشؤوم الرابع من آب 2020، تفاءل اللبنانيون حين هرع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان، ظناً منهم أنه سيقدم مبادرات وحلولاً تساعد الشعب المغلوب على أمره ضد المنظومة التي لم تسرق جنى عمره وحسب، بل فجرت المرفأ وقتلت فلذات أكباده، ولكن يبدو أن أول فكرة خطرت للرئيس الفرنسي يومها، هي كيف يمكن الافادة من هذا الانفجار، وربما حتى خطر له اسم الشركة الفرنسية التي سيدفعها الى الاستثمار في المرفأ وهو يحادث الصحافة فوق أنقاضه، بينما كانت اهراءات القمح لا تزال تتهاوى خلفه. مبادرات ماكرون لم تفضِ إلى أي نتيجة، بل بالعكس أدت إلى المزيد من التأزم في البلد، خصوصاً أنه كان يتصرف من تلقاء نفسه، من دون أن يكون لديه قبول من الدول المعنية بالشأن اللبناني، وعلى رأسها السعودية. وحتى يومنا هذا لم تدخل فرنسا في ضغوط من أجل إحقاق الحق في تفجير المرفأ سواء بتأمين صور الأقمار الاصطناعية أو حتى دفع الملف إلى التحقيق الدولي.

وبالحديث عن السعودية، علم “لبنان الكبير” أن الموقف السعودي لا يزال ثابتاً، والمملكة لن تدخل في صفقات أو مقايضات، ولا تدخل في الأسماء لا تأييداً ولا رفضاً، ولا تزال على مواصفاتها التي لا تنطبق على رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وبرأيها أن الرئيس العتيد يجب أن يتمتع بمواصفات معينة، أولها أن لا يكون محسوباً على طرف، وموحداً لكل اللبنانيين، ولا تسيطر على قراراته جهة واحدة، ويجب أن يكون رئيساً توافقياً لديه برنامج، ينفذ الاصلاحات المطلوبة للبلد، ويلتزم بكل ما ورد في مؤتمرات عربية خصت لبنان بالذكر، وأهمها قمة جدة، والورقة الكويتية، والتي كانت أهم بنودها بسط سيادة الدولة ودعم القوى العسكرية، واعتماد نهج النأي بالنفس وعدم السماح للبنان بأن يكون منصة للتعرض للدول العربية، وممراً لتهريب المخدرات، وأن يكون رئيساً نزيهاً وغير فاسد.

وعلق مصدر سياسي وسطي على الطروح الفرنسية في حديث لموقع “لبنان الكبير” بالقول: “ليس غريباً على دولة مثل فرنسا أن تضع مصلحتها فوق مصلحة أي أحد، ولكن ما يثير الاستغراب هو رهان الفريق الذي يحمل لواء محاربة الامبريالية على دولة الاستعمار، بينما يتهم السعودية بالتبعية للأميركيين، علماً أنها لطالما اختلفت مع أميركا، بل مؤخراً هي تقوم بإدخال خصمها الدولي الأول إلى الساحة، الصين، وهذا كان واضحاً بعد الاتفاق السعودي – الإيراني في بكين”.

معيشياً، يبدو أن الدواء سيلحق بالتربية، فبعدما أصبح مستقبل طلاب لبنان في خطر داهم، ستكون صحتهم وصحة أولادهم هي الأزمة القادمة، في ضوء النية لدولرة القطاع الدوائي الأمر الذي من شأنه أن ينسحب على القطاع الصحي كله. وقال نقيب الصيادلة جو سلوم: “بعد توقف المستوردين والمستودعات عن تسليم الأدوية للصيدليات، وبعد أن أصبح الاستحصال على الدواء أشبه بالشحادة، والاذلال ما بعده إذلال، وبعد تأخر المؤشر اليومي مراراً وتكراراً، وبعد أن باتت معظم الصيدليات على شفير الإفلاس وغير قادرة على الاستمرار وخصوصاً تلك الملتزمة القوانين والدواء المسجل دون سواه والمؤشر الرسمي… بات مطلب الدولرة كسائر القطاعات مطلبنا الأوحد كشرط للاستمرار”.

شارك المقال