تبادل أسرى في اليمن… والرئاسة بلبنان أسيرة أنانيات

لبنان الكبير

تتسارع الخطوات الايجابية على مسار الاتفاق الصيني بين الرياض وطهران، وكان آخرها أتفاق على تبادل الأسرى في اليمن، فيما يبدو لبنان على قارعة التطورات الايجابية التي تمر بجانبه بينما استحقاقاته معلقة على مشجب أنانيات متعددة، ليبقى البلد بلا رأس، يلفظ أنفاسه الأخيرة في ظل ارتفاع غير مسبوق لسعر صرف الدولار، وانعكاس ذلك على حياة الناس والموظفين والعاملين والأجراء الذين وجدوا أنفسهم أمام خيار وحيد: الاضراب واقفال المؤسسات لأن العمل في ظل هذه الظروف أصبح مستحيلاً. وهل يجوز السؤال بعد لماذا لبنان الأكثر تعاسة، ويحتل المرتبة ما قبل الأخيرة في هرم تقرير شبكة التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة لعام 2023، في اليوم العالمي للسعادة؟

إذاً، فيما الدولار الأسود الذي تخطى بالأمس الـ120 ألف ليرة، زاد سواداً على حياة اللبنانيين، برز بصيص نور في النفق المظلم ، يؤشر الى أن البلد لا يزال على قيد الحياة، بحيث أطلق من السراي الحكومي “مشروع انشاء مبنى جديد للمسافرين في مطار رفيق الحريري الدولي”، برعاية رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي شدد على “أننا مؤمنون بأن الصعوبات لن تثنينا عن المضي في العمل لانقاذ وطننا”، داعياً الجميع الى “مؤازرتنا في هذه الورشة والتعاون لدفع عملية النهوض قدماً”. وأشار الى أن “أهمية المشروع أنه يؤمن استثماراً خارجياً من دون ترتيب أي أعباء أو تكلفة على الخزينة، ويوفر ايرادات اضافية للخزينة والكثير من فرص العمل، اضافة الى استقطاب شركات طيران أخرى وفتح آفاق السياحة على مدار العام”.

ورأى في المشروع “تأكيداً إضافياً أن لبنان، على الرغم من كل الأزمات والصعوبات التي يمر بها، وطن يستحق الحياة وسينهض من جديد. قد يعتبر البعض هذا الكلام خارج سياق الواقع المر الذي يعيشه اللبنانيون اقتصادياً واجتماعياً ومالياً، لكننا مؤمنون بأن الصعوبات لن تثنينا عن المضي في العمل لإنقاذ وطننا”.

وقال: “اجتمعت مع وفد من صندوق النقد الدولي الذي جدد دعمه للبنان وأمله في أن نسرع في اقرار الخطوات الاصلاحية المطلوبة لتوقيع الاتفاق النهائي مع الصندوق، والذي من شأنه أن يفتح أبواب الأمل للبنان أفضل وخطوات اضافية من الدعم من دول المجتمع الدولي”.

وعلى وقع اضراب المصارف، واصلت بعثة صندوق النقد الدولي جولتها على المسؤولين، واجتمعت مع الرئيس ميقاتي في السراي الحكومي. وتأتي زيارة الوفد في سياق البند الرابع للصندوق والتي تتعلق بتقويم الأوضاع الاقتصادية والمالية لأي بلد، ومن ضمنها لبنان، وقبل صدور التقرير الاستشاري السنوي.

ويستعد الرئيس ميقاتي للقيام بزيارة خاطفة الى قبرص خلال اليومين المقبلين وفق ما أشارت مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير”، للبحث في عدد من الملفات العالقة بين البلدين، لا سيما تلك المتصلة بإعادة النظر في ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة وتصحيح بعض النقاط البحرية في ضوء الانتهاء من ترسيم الحدود في المنطقة الجنوبية.

وتحدثت المعلومات عن أن الرئيس ميقاتي سيبلغ الجانب القبرصي أن المطلوب اليوم التفاوض والتحاور تمهيداً لمرحلة استتباب الأوضاع الدستورية، وانتخاب رئيس للجمهورية لأن المعاهدات الدولية من صلاحيات رئيس الجمهورية بحيث أن الحكومة ليست في صدد إصدار أي مراسيم كونها تناقش الأمور الملحة فقط والتي تتعلق بحياة الناس وهمومهم المعيشية فيما مجلس النواب في حالة انعقاد لانتخاب رئيس للجمهورية وليس للتشريع.

مصدر مقرب من السراي الحكومي أوضح في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن “زيارة الرئيس ميقاتي الى قبرص تأتي تتويجاً لمرحلة من التفاوض معها. بعد الترسيم البحري الجنوبي، حدثت أمور معينة، ويجب الاتفاق على بعض النقاط العالقة كي تأخذ المنحى العملي لكي تكون هناك سلاسة في عملية التنقيب وتسهيل استخراج النفط، وبالتالي تسريع هذه الأمور لأن لبنان أحوج ما يكون حالياً الى ثرواته النفطية”.

وأشار المصدر الى أن “التفاوض حول الترسيم بين البلدين حصل في مرحلة سابقة، وأصبحنا في المراحل الأخيرة. الترسيم مع قبرص سلس، وزيارة الرئيس ميقاتي توضح بعض الأمور لما فيه مصلحة لبنان. لا يمكن استباق الأمور، والحديث عن اتفاق بين البلدين انما الرئيس ميقاتي وحده الذي يعلن عن نتائج زيارته الى قبرص، وهو يتحدث عن الصيغة التي يتم التوصل اليها اذ من الممكن أن يكون هناك استكمال للتفاوض أو يتم التوصل الى بداية تصور معين لتكون الأرضية جاهزة الى حين انتخاب رئيس الجمهورية كما يمكن الوصول الى صيغة نهائية أو شبه نهائية. كل الاحتمالات واردة، ولا شيء مؤكد، لكن المهم ازالة كل العوائق من أمام عملية التنقيب”، كاشفاً أن “الرئيس ميقاتي سيبحث مع الجانب القبرصي في شؤون أخرى تهم البلدين خصوصاً على المستوى الاقتصادي والاستثمار”.

فيما أوضح أحد خبراء النفط لموقع “لبنان الكبير” أن “نقطة البداية جنوباً رقم 23 ونقطة النهاية شمالاً رقم 7، فاقترح الجانب القبرصي على الجانب اللبناني التراجع من نقطة 23 الى النقطة 1 جنوباً، ومن النقطة 7 الى النقطة 6 شمالاً، وبين النقطتين هناك 17 كلم أو 10 أميال بحرية. اليوم على قبرص أن تعدل حدودها مع لبنان من النقطة 1 الى النقطة 23 أي أن تعدل رسالتها في الأمم المتحدة، وتوضح أن النقطة الثلاثية التي تجمع المياه الاقليمية بين لبنان وقبرص واسرائيل جنوباً هي النقطة 23 وليس النقطة 1″، مشدداً على “أننا اليوم بهذا التعديل لا نربح مساحة في البحر انما نسترد ما خسرناه أي مساحة 860 كلم مربع. وبالتالي، ترسيم الحدود البحرية مع قبرص لا يتطلب تفاوضاً لأن قبرص لا تخسر شيئاً انما تنقل نقطة الحدود المشتركة أو نقطة التقاء المياه الاقتصادية الخالصة القبرصية والاسرائيلية واللبنانية الى النقطة 23 أي تصحيح خطأ هي ارتكبته”.

في الغضون، عقدت جلسة للجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان للاطلاع من الخبير النروجي في العائدات البترولية وانشاء الصناديق السيادية، فيدار اوفيسين، على تجارب عدد من الدول في ما يتعلق بانشاء الصندوق السيادي.

سياسياً، في وقت أشارت المعلومات الى أن قوى المعارضة تستعد لإجراء مشاورات ولقاءات مكثّفة بينها، بهدف توحيد موقفها حول تسمية مرشح لرئاسة الجمهورية تخوض المعركة الرئاسية على أساسه، في مواجهة مرشح محور الممانعة الوزير السابق سليمان فرنجية، بحيث أن مرشحها النائب ميشال معوض سيكون حاضراً في المشاورات، وأن المحاولة ستكون جدية على الرغم من صعوبتها، لكن لا بد منها ومن الذهاب موحدين الى صندوق الاقتراع، أكد أحد النواب المستقلين في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن الاستحقاق الرئاسي أصبح مرتبطاً بعنصرين أساسيين: الأول داخلي، والثاني، الواقع الدولي والاقليمي. في الداخل، ليس هناك من أي فريق يستطيع ايصال مرشحه اذ أن المجلس منقسم الى 3 فئات: فئة كانت تعرف بـ 8 آذار، وفئة كانت تعرف بـ 14 آذار، وفئة الكتلة الوسطية والمستقلة. الاستحقاق الرئاسي محكوم بالتوازن الداخلي كما بالتوازن الخارجي. من الواضح أن مرشح 14 آذار أي النائب ميشال معوض كما مرشح 8 آذار أي الوزير السابق سليمان فرنجية لا يمكنهما تحقيق أي خرق. وخلال الشهر الحالي، ليس هناك أي جديد في الملف الرئاسي، لذلك الحديث عن أن قوى المعارضة، ستنتقل الى مرحلة المشاورات والتفاوض ليس دقيقاً، ولم يحسم الأمر بعد.

وبغض النظر عن القراءات والمعلومات المتناقضة حول اللقاء الفرنسي – السعودي في باريس بشأن لبنان، اذ أوحى البعض بأن نتائجه سلبية، ولم يتم التوصل الى اتفاق يدفع قدماً باتجاه انتخاب رئيس جديد للبلاد، في حين رأى آخرون أن الأسابيع القليلة المقبلة ستكون مفصلية، وأنه يتم العمل على تسوية ما قيد الكتمان لازالة العراقيل والعقبات من أمام الاستحقاق الرئاسي، قال أحد النواب لموقع ” لبنان الكبير”: “من الواضح جداً أننا بتنا في مرحلة البحث عن اسم وسطي، لا يؤدي الى استفزاز لطرف معين، وهذا الخيار صاحب الحظ الأوفر في المرحلة المقبلة. لا شك في أن التفاهم السعودي – الايراني، يريح المنطقة ككل ومنها لبنان، وواضح أن الاتفاق الذي أتى نتيجة مفاوضات مثمرة على فترة طويلة، مختلف هذه المرة اذ أن الخطوات تسير بصورة سريعة ومضطردة، وهذا ينعكس ايجاباً على المنطقة نظراً الى أهمية الدولتين وقدرتهما على التأثير في أحداث أكثر من بلد. والسؤال هنا: متى يترجم هذا التفاهم في لبنان، ومتى يمكن أن يستفيد من هذه الايجابية؟ اليوم يمكن القول ان هذه الايجابية بدأت تترجم من خلال التخفيف من حدة التخاطب التصعيدي، ومع الوقت ستترجم على الساحة اللبنانية، لكن على الرغم من ذلك، لا يجوز أن يتكل اللبنانيون على التفاهمات الجارية، ويتخلوا عن مسؤولياتهم خصوصاً أنه تم تسريب معلومات في الاعلام عن أن التباين لا يزال قائماً بين فرنسا والسعودية على العديد من النقاط. لذلك، اللقاء بين السعودية وفرنسا، والاتفاق بين السعودية وايران، ومبادرة الدول الخمس التي اجتمعت سابقاً ومن المرجح أن تجتمع مرة أخرى، أمور مهمة جداً، لكن لا تحلّ محل اللبنانيين. مع العلم أن دول العالم تواجه تداعيات كورونا الاقتصادية من جهة، والحرب الروسية – الأوكرانية من جهة ثانية. وبالتالي، الأزمة المصرفية والاقتصادية في العالم ستؤدي الى تراجع الاهتمام الدولي بلبنان. وهناك صعوبة لا بل استحالة في تحديد موعد لانتخاب رئيس للجمهورية، وما حدث في الاقليم جيد، وما يحدث في العالم من توتر ينعكس سلباً علينا، لكن كل ذلك يؤكد أن على اللبنانيين مسؤولية كبيرة في انجاز الاستحقاق الرئاسي، وليس أمامهم سوى التقارب، والالتقاء في منتصف الطريق، وعدم تضييع المزيد من الوقت لأن الجميع يعلم أن البلد يلفظ أنفاسه الأخيرة”.

على صعيد آخر، أعلن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بعد اجتماع تكتل “الجمهورية القوية” عن “أننا سنشارك بصورة كاملة في خلوة حريصا آملين من اللهأان يستجيب لصلوات البطريرك بشارة بطرس الراعي”، متوجهاً الى رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد كلامه عن أن الأزمة الرئاسية سببها عدم تفاهم المسيحيين، بالقول: “روّق بالك، فالصراع ليس بين المسيحيين والمسلمين وبقدر ما هناك خلافات بيننا وأمل، هناك خلافات بيننا والتيار الوطني الحر، فالخلاف سياسي وما تفعله هو لغش الرأي العام”.

في الموازاة، دعا الرئيس بري هيئة مكتب مجلس النواب الى إجتماع في تمام الأولى من بعد ظهر يوم الاثنين في 27 آذار الجاري، لعقد جلسة تشريعية.

شارك المقال