ساعة الانهيار تتسارع… و”توسعة الأمل” في مطار الحريري

لبنان الكبير

يكفي الاستماع الى ما أعلنه رئيس بعثة صندوق النقد الدولي أرنستو راميريز عن أن “لبنان في وضع خطير للغاية، وتقدم الاصلاحات بطيء للغاية بالنظر إلى درجة تعقيد الموقف”، للتيقن أكثر فأكثر من مدى استهتار المنظومة الحاكمة في مواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية الطاحنة، وجُلّ ما يقوم به أركانها، الهروب الى الأمام، وتقاذف المسؤوليات، والتآمر على البلد وأهله.

وفي خضم المتاهات السياسية واستمرار سيطرة الخواء الرئاسي على أنقاض ما تبقى من هذا الوطن، شكّل مشروع إنشاء مبنى ركاب للرحلات العارضة والموسمية في مطار رفيق الحريري الدولي بارقة أمل بعدما جرّدته الأزمة الاقتصادية من امتيازاته كافة وموقعه الريادي. فالمشروع الذي يهدف إلى زيادة القدرة الاستيعابية للمطار إلى حوالي ١٠ ملايبن مسافر سنوياً (ارتفاعاً من 6 ملايين)، سيوفر أكثر من ٢٥٠٠ فرصة عمل مباشر من دون تكبيد الخزينة أي أعباء، وسيمكّن المطار من استقطاب المزيد من شركات الطيران منخفضة التكلفة ومن مواكبة التطور الحاصل في مطارات المنطقة وإضافة مبان وإنشاءات وتجهيزات مهمة لأملاك الدولة من دون التأثير على القدرات المالية المتاحة للخزينة ‏العامة.

فالمطار الذي لا يزال من دون أي صيانة منذ ٢٥ عاماً، سيجد في هذا المشروع فرصة ذهبية للتجديد والتطوير لمواكبة الارتفاع الهائل في عدد مسافريه، وليكون هذا المشروع المتكامل بمثابة رافعة للاقتصاد اللبناني المتهاوي وأحد مداميك بناء الثقة التي فقدها لبنان داخلياً وخارجياً كي يعود إلى موقعه الطبيعي على الخارطة العربية والدولية واستعادة دوره كجاذب للاستثمارات الأجنبية والرساميل بالعملة الصعبة.

في الوقائع السياسية، استطاع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تأجيل البدء بالتوقيت الصيفي لمدة شهر بعد أن كان يتم اعتماد الأسبوع الأخير من شهر آذار موعداً للعمل به، لكن هل يمكن للسلطة أن تضبط عقارب الانهيار أو تؤجل توقيت اعلان القضاء على الكيان، وعلى الوطن وعلى الدولة وعلى المؤسسات لأن الاندثار أصبح واقعاً لا محالة؟

وفي هذا الاطار، أكد الرئيس ميقاتي أن “الأوضاع تقتضي ورشة طوارئ سريعة لإنقاذ البلد. لا نستطيع أن نبقى على ما هي عليه الأوضاع راهناً”، وذلك خلال جولة قام بها الى دار الفتوى لتهنئة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان بحلول شهر رمضان المبارك قبل أن يتوجه الى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتناول اللقاء تطورات الأوضاع العامة والمستجدات السياسية.

ومن دار الفتوى، قال ميقاتي: “هناك بعض الأفكار للقيام بلقاء في هذه الدار الكريمة لأركان الطائفة والمجلس الشرعي. كما تحدثنا أيضاً عن المواضيع التي تهم المواطن خصوصاً، ونحن نعلم ونعي تماماً الوضع المعيشي الصعب الذي يمر به كل لبنان. شرحت بإسهاب الواقع الذي نحن فيه، فنحن كحكومة نقوم بواجبنا كاملاً، وقد أرسلنا كل مشاريع القوانين الى المجلس النيابي لاقرارها من أجل أن يكون ذلك بداية ورشة عملية واصلاحات كبيرة على صعيد الدولة اللبنانية لإعادة الحركة الاقتصادية الناشطة لكي نستطيع إنقاذ ما نتمكن من انقاذه على الرغم من هذه الظروف الصعبة”.

ومن عين التينة، قال ميقاتي: “كنت صريحاً جداً مع دولة الرئيس بأن الأوضاع تقتضي ورشة طوارئ سريعة لإنقاذ البلد. لا نستطيع أن نبقى على ما هي عليه الأوضاع راهناً، ولا تستطيع الحكومة أن تقوم بدورها مع مجلس نيابي معطل ومع عدم إنتخاب رئيس للجمهورية. إنتخاب الرئيس مسألة ضرورية والمدخل الى الحل. ومن ينتقد ما نقوم به اليوم على حسناته أو مساوئه، فليذهب وينتخب رئيساً للجمهورية. إنتخاب الرئيس ضروري وإنعقاد مجلس النواب لإقرار المشاريع الإصلاحية أيضاً. علينا أن نتفق. اليوم نحن أمام ثلاثة خيارات: إما الاتفاق مع صندوق النقد، أو أن نتفق مع بعضنا البعض أو ألا نتفق بتاتاً. وبدا واضحاً أننا اخترنا الخيار الأسوأ، وهو ألا نتفق بتاتاً، فمن هو المستفيد من هذا الواقع؟ المواطن هو الذي يدفع الثمن وكل الطبقة السياسية مسؤولة عن ذلك”.

وفيما دعا رئيس الحكومة إلى جلسة يوم الاثنين المقبل، ببند وحيد يتعلّق بعرض وزير المالية الوضعَين المالي والنقدي وانعكاساتهما على القطاعات المختلفة، تأجل إنعقاد هيئة مكتب مجلس النواب لمزيد من البحث وللافساح في المجال لإحالة بعض مشاريع واقتراحات القوانين على اللجان النيابية لدرسها، لتكون الجلسة المقبلة لمجلس النواب جلسة منتجة على صعيد إقرار القوانين.

على أي حال، يخيّم على المشهد السياسي خصوصاً الرئاسي منه، السكون والجمود واللاحركة واللابركة، بانتظار ظهور مفاعيل الاتفاق السعودي – الايراني في الشهرين المقبلين مع العلم أن فريق المعارضة لم يتمكن حتى اللحظة من تأمين الأصوات اللازمة لمرشحه النائب ميشال معوض، كما لم ينجح فريق الموالاة في تعبيد الطريق أمام مرشحه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الذي لم يعلن ترشحه الى اليوم على الرغم من تبني “الثنائي الشيعي” له، حتى أن كثيرين اعتبروا أن فرنجية ليس في موقف يُحسد عليه لأن عوائق الترشح تساوي عوائق الاستمرار، ولن يقدم على أي خطوة اذا لم تنضج الطبخة الرئاسية داخلياً وخارجياً.

وأشارت مصادر لموقع “لبنان الكبير” الى أن فريق المعارضة المتمسك حتى اللحظة بمرشحه، يجري اتصالات في الكواليس، بعيداً عن الأضواء للتوافق على اسم يمكن أن يحصل على عدد أكبر من الأصوات، بالتنسيق والتوافق مع معوض. اما لناحية الموالاة، فإن كل المواقف تشير الى أن “الثنائي” متمسك بترشيح فرنجية على الرغم من الدعوات المتكررة للحوار والتفاوض، اذ قال نائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم منذ أيام: “كلمتنا كلمة وموقفنا موقف وتأييدنا للوزير فرنجية لأنه جدير بالرئاسة، ونقطة على السطر”.

وفي ظل انسداد الأفق الرئاسي، هل انطلق فريق المعارضة فعلاً في الخيار الآخر أو في الخطة “ب”، ومحاولة التوافق بين مختلف أطرافه على اسم خلال مرحلة الشهرين المقبلين لملاقاة نتائج الاتفاق السعودي – الايراني؟ وهل “الثنائي الشيعي” مستعد للتنازل عن مرشحه على قاعدة أن الطرف الآخر، اتجه نحو مرشح غير استفزازي، فيقوم بالمثل؟

في هذا السياق، أكد أحد نواب المعارضة في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن “النقاش لم يتوقف بين الأطراف في الفريق المعارض حتى أن المرشح معوض المعني مباشرة بالموضوع، قال انه في حال التوافق على اسم يمكن أن يحصل على عدد أكبر من الأصوات، مستعد أن يقود حملته. نحاول اليوم درس كيفية تحسين الظروف إن كان لمعوض أو لغيره، والى اليوم، لا يزال معوض مرشحنا، لكن اذا وجد أي اسم يمكن أن يحصل على عدد أكبر من الأصوات، فستتحد حوله غالبية قوى المعارضة، وستصوّت له في الجلسة الانتخابية”.

في حين لفت أحد نواب الموالاة الى أن “لدينا مرشحنا. فليعلنوا هم عن مرشحهم، ولنذهب الى المجلس اذ حين يعلنون عن مرشحهم، يدعو الرئيس نبيه بري الى جلسة انتخابية. نحن مع التوافق والحوار، لكن هل يشكل فرنجية استفزازاً لأحد؟ هو ممكن أن يكون مخرجاً للحل، ويقنعوننا بعكس ذلك”.

حياتياً، وفي خطوة كانت متوقّعة بعد التلويح بها في الساعات الـ24 الأخيرة، أعلن المجلس التنفيذي لنقابة موظفي هيئة “أوجيرو” الاضراب المفتوح اعتباراً من صباح اليوم الجمعة “لتجاهل مطالبنا بتعديل رواتب أصبحت تعادل 1 في المئة من قيمتها”، في خطوة قد تهدّد بعزل لبنان عن العالم. الا أن وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم، أشار في حديث صحافي الى أن “موظفي أوجيرو يعلمون جيداً المسؤولية الملقاة على عاتقهم ولا يقبلون بعزل لبنان عن العالم، لكن في الوقت ذاته لديهم مطالب محقّة والتي أسعى بصورة حثيثة منذ فترة، إلى تحقيقها”.

على صعيد آخر، مثل عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب زياد الحواط أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، بعدما ادعت عليه القاضية غادة عون بتهمة القدح والذم والتشهير وتهديد قاضٍ. وقال الحواط: “أردتُ أن أكون تحت سقف القانون وهذا ليس ضعفاً إنّما قوّة. أنا نائبٌ أقوم بدوري الوطني أمّا القاضية عون فلا تحترم القانون ولا تحضر إلى التفتيش القضائي عندما يستدعيها. تخلّيتُ عن حصانتي المكرّسة دستوريّاً لأواجه القضاء المسيّس في عقر داره”. وحدّد القاضي منصور جلسة في ٢٠ نيسان المقبل لإصدار القرار حول الدعوى المقدمة من القاضية عون ضد الحواط.

شارك المقال