شهران ميتان…”الثنائي” يحضر خارطة “مواصفات وضمانات” رئاسية

لبنان الكبير

أصبح كل الذين يتولون المراكز المهمة، ومواقع القرار في العالم، يدركون جيداً هموم اللبنانيين، ويشعرون بوطأة الأزمة عليهم، لكن لسخرية القدر، فإن المسؤولين المباشرين غير مهتمين، ولا يقومون بأي مبادرة انقاذية كأن وضع البلاد والعباد بألف خير، فيما يخوضون معارك دونكيشوتية ضارية عند أول إشارة طائفية بهدف تسجيل نقاط شعبوية لا تسمن في وطن بدأت ساعته تتحرك على عقارب جهنم.

وباستثناء النتعات الشعبوية ومحاولات التحرك لتصريف الأعمال، حكومياً وبرلمانياً، فان الخواء يبقى المسيطر على الاستحقاق الرئاسي.

وفي معلومات “لبنان الكبير”، طلب الفرنسي من رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية التريث في الظهور على الاعلام واعلان الترشح والبرنامج حتى انضاج الأمور، خصوصاً أن الاجتماع الباريسي الأخير بينه وبين السعودي لم يأتِ بجديد.

إذاً، شهران ميتان ولكن يمكن أن يوقظهما حراك داخلي من فرنجية تجاه القوى الممانعة له في الداخل، وخصوصاً الأقطاب المسيحيون حلفاء المملكة لتبديد الهواجس وتفكيك الألغام الداخلية تمهيداً لتفكيك اللغم الأكبر.

وعلم موقع “لبنان الكبير” أن “الثنائي الشيعي” اقترح، إحتياطاً، مؤخراً تحييد كل الأسماء ووضع دفتر شروط يتضمن مواصفات وضمانات: ماذا نريد من الرئيس العتيد؟ وما هو المطلوب منه داخلياً (الملف السياسي والاقتصادي)؟ وعربياً (اتفاق الطائف، الاستراتيجية الدفاعية والملف السوري)؟ ثم يتم البحث عن الشخصية التي يمكن أن تلبي هذه الشروط.

مواقف تنذر بالأسوأ في حين يخيّم السكون والجمود والهدوء السلبي على المشهد الداخلي الذي اخترقته بالأمس زيارة مساعدة وزير الخارجيّة الأميركيّة لشؤون الشّرق الأدنى باربرا ليف الى بيروت، والتي تضع لبنان الرسمي أمام آفاق المرحلة اقليمياً ودولياً ولا سيما رؤية واشنطن للاتفاق الايراني – السعودي وموقفها منه. وتأتي الزيارة في ختام جولة شملت تونس ومصر والأردن قبل لبنان، اذ أشارت المعلومات الى أن هذه الزيارة تهدف إلى استطلاع التطورات في المنطقة على أكثر من مستوى، قبيل سلسلة اجتماعات ستُعقد في وزارة الخارجية الأميركية، وعلى ليف أن تقدّم تقريرها فيها.

وأوضح أحد المسؤولين لموقع “لبنان الكبير” أن ليف تؤكّد أمام المسؤولين، أنّ على اللبنانيين القيام بما هو مطلوب منهم خصوصاً انتخاب رئيس للجمهورية، وأنّ بلادها ستكون إلى جانبهم، وستستمر في دعم الجيش اللبناني وتسهيل اتفاقات الطاقة، ودعم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لكن كل هذه الأمور تبقى في اطار الأمنيات لأن الأهم ترجمتها على أرض الواقع.

وزارت ليف في أول محطة لها، ترافقها السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، رئيسَ الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط في كليمنصو، في حضور رئيس كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط والنائب راجي السعد، وكان عرض لمجمل الأوضاع والتطورات السياسية. بعدها انتقلت الى عين التينة، حيث اجتمعت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، قبل أن تحط في وزارة الخارجية للقاء الوزير عبد الله بو حبيب، وتمّ البحث في التطورات السياسية والاقتصادية في لبنان وما يجري في المنطقة من تحوّلات لا سيما إنعكاسات الاتفاق السعودي – الايراني والصراع اليمني والأزمة السورية، علماً أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي استقبلها مساء، وأقام افطاراً على شرفها في دارته.

وعشية جلسة مجلس الوزراء الاثنين المقبل والتي ستبحث في زيادة على رواتب موظفي القطاعين العام والخاص، بحث الرئيس ميقاتي في اجتماعين عقدهما في السرايا، مطالب أساتذة وموظفي الجامعة اللبنانية. فاجتمع مع رئيس الجامعة بسام بدران ووفد من الأساتذة. كما إجتمع في حضور بدران ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، مع وفد من لجنة الموظفين في الجامعة.

وعلى الخط نفسه، وفي خطوة تريح موظفي الادارات العامة، رفع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل إلى رئاسة مجلس الوزراء، مسودة مشروعي المرسومين اللذين أعدتهما الدوائر المعنية في وزارة المال، ويتضمن الأول تعويض انتاجية لموظفي الادارات وسائر المؤسسات العامة ومقدمي الخدمات الفنية والأسلاك العسكرية عن أيام العمل الفعلي. والثاني، يتعلق بتعديل بدل النقل الذي يحتسب بليترات البنزين وفق معدل وسطي لسعر يحدّد بقرار يصدر عن وزير الطاقة شهرياً. على أن تُعرض مسودة المشروعين على مجلس الوزراء في جلسته المقررة الاثنين لمناقشتها واتخاذ القرار بشأنها.

وليس بعيداً من الأمن الاجتماعي، اعتصمت “صرخة المودعين” أمام مصرف لبنان في شارع الحمراء، وأطلقت المفرقعات النارية في اتجاه المصرف المركزي، وأشعل بعض المعتصمين الاطارات أمامه. وتدخلت عناصر من مكافحة الشغب لمنع المتظاهرين من اقتحام مصرف “سوسيتيه جنرال” المحاذي لمصرف لبنان. وانتقل مودعون الى مصرفي “بيروت والبلاد العربية” و”الموارد” الكائنين في الحمراء، وحاولوا تحطيم ما أمكن بسبب التحصينات لواجهات المصرفين المقفلين.

على صعيد آخر، أعلن رئيس هيئة الشراء العام جان العلية، في بيان، أنّ “ملف مزايدة المطار سيكون في بداية الأسبوع المقبل بين أيدي الجهات الرقابية المعنية المختصة قانوناً لإبداء الرأي القانوني فيه، وأي كلام من خارج هذا الاطار يضلل الرأي العام ولا يفيد بشيء”.

وفي وقت يتخبط لبنان في أزماته المتعددة، فإن الحراك الجاري على مستوى المنطقة منذ اعلان الاتفاق السعودي – الايراني أكثر من لافت، بحيث أنها تنام على تطور ايجابي لتستفيق على لقاء يبشر بالتهدئة والتبريد واعادة العلاقات الى طبيعتها بين الدول المتخاصمة، حتى أن البعض يقول ان العملية الانفتاحية والدينامية التي نراها أو المعلن عنها ليست سوى عيّنة مما يجري في الكواليس السياسية حيث التسويات والاتفاقات والتواصل على قدم وساق، ما يؤكد أن المنطقة متجهة نحو مسار يتسم بمزيد من الانفتاح والعلاقات الجيدة والتفاعل والتنسيق بين دولها. لكن، يبدو أن لبنان معزول أو خارج اطار هذه الدينامية التصالحية والتوافقية، اذ يواصل المسؤولون فيه مسارهم التصادمي والخلافي، ويتمترس كل فريق وراء متراسه ليصوّب الاتهامات على الآخر، ويصرون على المنحى السلبي والتعطيلي، مغلبين مصالحهم الشخصية على المصالح الوطنية، غير مكترثين بما يجري من حولهم، وبما تفعله كل دولة لصالح شعبها.

وانطلاقاً من انسداد الأفق في الداخل، والتشبث بالمواقف، والانقسام الحاد في الرأي والرؤية، لا بد من التساؤل: هل يجوز أن تستمر خطوط التواصل شبه مقطوعة بين الفرقاء في ظل الأجواء الحوارية في المنطقة؟ وهل يجوز أن يبقى المنحى التصادمي والسلبي في الداخل فيما تسير المنطقة نحو منحى التلاقي والايجابية؟ وهل يُعقل ألا يتعظ المسؤولون مما يجري حولهم، ولا يحققوا مصلحة بلدهم الأكثر حاجة الى الافادة من الأجواء الايجابية وتقاطع المصالح، لانتشاله من قعر الهاوية؟ وهل الاتفاق السعودي – الايراني سينعكس ايجاباً على دول المنطقة فيما لبنان لن يستفيد بشيء لأن المسؤولين غير مسؤولين ولم يبلغوا بعد سن الرشد السياسي؟ وهل يكون لبنان خارج اطار التسويات والتفاهمات طالما أن المسؤولين لم يقدموا على أي خطوة باتجاه بعضهم البعض وتجاه بلدهم خصوصاً أن عدداً كبيراً من الشخصيات العربية والأجنبية تحدثت عن ضرورة المبادرة الداخلية لتلاقي التغييرات والتطورات والتسويات الى منتصف الطريق؟

وفي هذا السياق، رأى أحد النواب أنه “اذا استمر المسؤولون في مناكفاتهم، وصراعاتهم ، فسندفع الثمن باهظاً لأن كل دولة تحاول تأمين مصالحها. اليوم علينا الافادة من كل التفاهمات، وتأمين مصالح بلدنا، واذا لم نقدم على هذه الخطوة، فسيسبقنا قطار التسويات، ونبقى خارج ما يجري في المنطقة. علينا التخلي عن الأنانيات والمصالح الضيقة، والعمل للمصلحة الوطنية، والافادة من المناخ الايجابي في المنطقة، وتهيئة الأجواء الملائمة لايجاد مساحات مشتركة بين اللبنانيين هدفها مصلحة لبنان، والعودة الى العلاقات الطبيعية مع الدول العربية والخليجية. واذا نحن في الداخل لم نبادر، فلا أحد سيبادر عنا”.

فيما اعتبر نائب آخر أن “الحل في البلد، لبناني – لبناني لأن لبنان ليس على أجندة الدول الخارجية، وهذا يتجلى يوماً بعد يوم من خلال ما يحصل في المنطقة إن كان لناحية الاتفاقات أو المساومات أو اللقاءات. المشكلة في التسويات، اذ أنها خلال العقود التي مرت هي التي أوصلت البلد الى ما هو عليه اليوم. وعلى الرغم من كل شيء، لا يجوز أن نكون من فئة المتفرجين. لذلك، في ظل هذه التطورات، الأمر الأهم هو انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن للبدء بعملية فرملة الانهيار. اذا استمر الوضع على ما هو عليه في الداخل، وفي ظل الممارسات الكيدية، والخلافات القائمة بين الأطراف، فلن نستفيد من التسويات الحاصلة في المنطقة، ويصبح علينا انتظار تسوية اقليمية تفرض على اللبنانيين، وحينها يكون رفضها صعباً”.

شارك المقال