لبنان من سيء الى أسوأ… بانتظار “نسيم” الاتفاق الصيني

لبنان الكبير

في وقت تتلهى السلطة بالاختلاف على جنس الملائكة من دون اتخاذ أي تدبير اصلاحي لا على الصعيد السياسي ولا على الصعيد الاقتصادي والمالي، وبما أنها تعيش على كوكبها الخاص وفي زمنها الخاص، تنتظر أن يلفحها نسيم الاتفاق الصيني بين السعودية وايران ليضخ الدم في عروق الاستحقاق الرئاسي، لم تنتبه الى خروج لبنان تدريجاً عن النظام العالمي التكنولوجي بحيث شلت الأعمال في عدد من المناطق بسبب اضراب موظفي “أوجيرو”، كما لا تهتم بأنين الموظفين الذين سينظمون تحركاً تصعيدياً اليوم لأن الجوع دق أبواب منازلهم.

وفيما السكون السلبي لا يزال الحاكم بأمره على الساحة الداخلية، أشارت معلومات لموقع “لبنان الكبير” الى أن “هناك حركة خارجية لافتة متعلقة بلبنان، ومن المتوقع أن نشهد خرقاً ما على صعيد الاستحقاق الرئاسي في نيسان المقبل، لأن التواصل بين أصدقاء لبنان قائم على أكثر من مستوى كما هناك محاولات لعقد مؤتمر يمكن أن يكون في مصر في حضور الجانب الايراني، لكن الأمور لا تزال قيد التداول والتشاور، ولا تزال مجرد فكرة”. والتقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي غادر مع العائلة لأداء مناسك العمرة على أن يعود الى بيروت بعد يومين، السفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري في السراي الحكومي. وشدد بخاري بعد اللقاء، على “مواصلة الجهود المُشتركة لحضّ قادة لبنان على انتخاب رئيس للجمهورية والمضيّ قدماً في الإصلاحات الجذرية”.

أما من الأردن، فأكد الملك الأردني عبد الله الثاني، خلال لقائه في قصر الحسينية، وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب، وقوف الأردن المستمر إلى جانب لبنان وشعبه. وأفادت وسائل إعلام أردنية أنه تمّ خلال اللقاء البحث في العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين، وفرص توسيع التنسيق والتعاون في المجالات كافة. كما تمّ التأكيد على أهمية تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه اللاجئين السوريين، ولا سيما في البلدان المستضيفة.

الى ذلك، فإن ما قاله رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط خلال مداخلة في أمسية أقامتها بلدة بيت جن في فلسطين في ذكرى الشهيد كمال جنبلاط وسلطان باشا الأطرش، أفضل تعبير عن الواقع، اذ راى أن “الوضع في لبنان من سيء إلى أسوأ إقتصادياً ونقديّاً، لأن المسؤولين عن الحكم لا يُريدون المُعالجة الجذرية، والأقطاب لدى اخواننا الموارنة قالوا علينا انتخاب رئيس لكنهم مختلفون وكل منهم لديه شروطه على الآخر، والثُنائي الشيعي أعلن ترشيحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. أنا مع التّسوية وانتخاب رئيس يُعطي أملاً ببداية إصلاح سياسي واقتصادي”.

من ناحية أخرى، وغداة المواجهات الكلامية التي شهدتها اللجان المشتركة أول من أمس، عقد رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميّل، مؤتمراً صحافياً لفت فيه إلى “أننا من مدرسة أخلاقية علّمتنا أنّنا عندما نتلقى اعتذاراً نطوي الصفحة وإشكال الأمس (الثلاثاء) انطوى بمعزل عن الخلاف السياسي المستمّر. لا يمكننا الاستمرار بلبنان على ما هو عليه اليوم فهو على حافة الانهيار وقد وصل إلى مكان ما بقا يترقع. وحزب الله لن يتمكن من فرض رئيس جمهورية على اللبنانيين، وإن حصل ذلك فسيكون رئيساً لجمهورية حزب الله وليس للبنانيين”.

وبما أن الاستحقاق الرئاسي في ثلاجة الانتظار، فإن الانتخابات البلدية والاختيارية ستشكل محور الخلافات والمناكفات بين الأطراف السياسية في المرحلة المقبلة، وما جرى في جلسة اللجان المشتركة، عينة من الاختلاف في وجهات النظر، اذ أثناء مناقشة تمويل الإنتخابات البلدية، طرح الجميل أكثر من احتمال لكيفية تأمين الأموال من دون الحاجة الى انعقاد جلسة تشريعية لمجلس النواب، مثل “امكان التمويل من الهيئة العليا للإغاثة أو من مصرف لبنان”، و”امكان استعمال أموال السحب الخاصة SDR التي تستعمل لأغراض متعددة”. وهنا تدخل النائب علي حسن خليل، ليقول: “ان أحد رؤساء الأحزاب يريد مخالفة الدستور ويطلب من مجلس الوزراء مخالفة الدستور”، وحصل ما حصل من نقاش حاد بين النائبين.

وسط هذه الأجواء المتشنجة، والانقسام حول كيفية ودستورية تمويل الانتخابات، يتساءل اللبنانيون ان كانت ستجرى في أيار المقبل أو تتأجل للمرة الثانية، مع العلم أن معظم الأحزاب والقوى السياسية يستعد لها، ويعمل على أساس أن الاستحقاق سيجري في مواعيده؟

في هذا السياق، أكد باحث في “الدولية للمعلومات” لموقع “لبنان الكبير” أن “كل القوى السياسية على اختلافها ليست لديها الرغبة أو الارادة في اجراء الانتخابات حتى القوى التي تعتبر أن لديها شعبية ويمكن أن تحقق الفوز، تحاول التهرب من هذا الاستحقاق لأنه بلدي وأهلي وليس سياسياً. وخير دليل على ذلك، الانتخابات التي حصلت سنة 1963 وانتهت الولاية سنة 1967 حيث حينها كانت ولاية البلدية 4 سنوات، فتأجلت الانتخابات على الرغم من أن الوضع كان جيداً والأموال موجودة. مع العلم أن الانتخابات النيابية حصلت سنة 1968 و1972 لكن استمرت المجالس البلدية على حالها حتى سنة 1998 حيث جرت الانتخابات النيابية سنة 1992 وسنة 1996 ولم تتم الانتخابات البلدية الا سنة 1998. ومن يطالب بإجراء الانتخابات، يستفيد من رفض الآخرين كي يزايد. انها حفلة مزايدات . اليوم هناك الكثير من الذرائع، وبالتالي، هناك استبعاد لاجراء الانتخابات”.

واعتبر أحد الخبراء الدستوريين أن “هناك 3 عقبات أساسية تعترض اجراء الانتخابات البلدية: أولاً، ما يتعلق بالتمويل الانتخابي أي ربط الاعتمادات بإجراء الانتخابات. اما العقبة الثانية، فتتعلق بالجهاز البشري الواجب أن يتأمن من قضاة وموظفين وأساتذة ورؤساء أقلام ومعاونيهم. والعقبة الثالثة، لوجستية، وتتعلق بكيفية انجاز المعاملات والأوراق والمستندات المطلوبة لكل مرشح خصوصاً أن هناك أكثر من 1057 بلدية أي ما يقارب الـ 10 آلاف عضو بلدي يمكن أن ينتخب أي ما يوازي 100 ألف مرشح. هناك صعوبة كبيرة إن لم نقل استحالة بإجراء الانتخابات، لكن هذه مسؤولية الحكومة ووزير الداخلية تحديداً”.

وبالانتقال الى الأحوال الحياتية والمعيشية، فحدث ولا حرج، اذ عقد وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم، مؤتمراً صحافياً اثر خروج سنترالات المتن الأوسط، جل الديب، المريجة، سن الفيل، اليسار، العمروسية، حلبا، شتورة والدامور من الخدمة، قال فيه: “في وقت كانت المساعي لمحاولة ايجاد حلول في بداياتها، تفاجأت بقرار إعلان الإضراب المفتوح من نقابة موظفي هيئة أوجيرو، وأُؤكّد على كل مطالبهم التي تعتبر محقّة إذ أنهم يعانون تماماً كما يعاني أي موظف أو مواطن آخر جراء الأزمة الاقتصادية والمعيشية والمالية التي يمرّ بها لبنان ولا سيما القطاع العام، لكن هل يجوز إعلان الإضراب وأنا كوزير مسؤول أخوض مفاوضات، وأحاول فتح الأبواب لأجل الوصول إلى حل يُرضي الموظفين؟ إعلان إضراب الموظفين بمثابة قرار متسرّع اتّخذتْه النقابة في وقت لم ينتظروا ما ستؤول إليه المساعي والحلول”.

وسارعت نقابة موظفي “أوجيرو” الى الرد على الوزير، بعقد اجتماع، وأصدرت بيانا لفتت فيه الى أن “تقديم المطالب حصل منذ أكثر من شهرين وبناء عليه نفذ إضراب تحذيري ليوم واحد ولم نلقَ آذاناً صاغية، وبعد الإضراب الثاني أتى تصريح يوم الثلاثاء 21 آذار بصورة مفاجئة بعدم تعديل رواتب هيئة أوجيرو. الاضراب مستمر والوعود لا تكفي”.

من جهة ثانية، تستعد “تنسيقية الدفاع عن حقوق العسكريين المتقاعدين” لتحرك كبير في ساحة رياض الصلح اليوم، وأعلنت في بيان أن “زمن المفاوضات والاقتراحات والمبادرات انتهى. جرّبنا كل الوسائل كي لا تنكسر الجرة من دون نتيجة. نحن نعيش تحت خط الفقر برواتب تبخرت قيمتها الشرائية على سعر صيرفتكم فكيف إذا تضاعف السعر إلى الضعف أي 90 ألف ليرة للدولار الواحد؟ لا مناص لنا إلّا الشارع الذي أجبرونا على النزول اليه لنصرخ بصوت واحد عالٍ، لن ندع عيالنا تجوع ونحن مكتوفي الأيدي”.

وأشار أحد العمداء المتقاعدين لموقع “لبنان الكبير” الى أن كل روابط القطاع العام ستشارك في التحرك اليوم “لأنه عندما أقروا زودة 2022 كان دولار صيرفة على 28500، لكن صيرفة اليوم 90000 ولا ندري بعد ساعات الى أي حد ستصل، وبالتالي تبخرت معاشاتنا، ونطالب بحقوقنا ولا نلقى أي تجاوب. فهل يعقل أن يعيش الانسان بـ 70 دولاراً في الشهر؟ نُمي الينا أن مصرف لبنان بدأ بتحويل الرواتب على سعر صيرفة 90000، وهذا ما لن نقبل به. وبما أن جلسة مجلس الوزراء التي كنا ننتظرها للتحرك بالتزامن مع انعقادها، طارت، وبما أن رواتبنا ستحتسب على 90000، وبما أن المسؤولين يتهربون من المسؤولية، كان لا بد من التحرك، ولا يمكن أن نتكهن كيف ستتطور الأمور لأن الناس موجوعة وجائعة، وهناك حد أقصى لضبط النفس. ماذا نقول للناس حين يتحدثون عن جوع أبنائهم؟ لا يمكن توقع ماذا سيحصل في الشارع غداً (اليوم) خصوصاً أن الحشود ستكون كبيرة، لكن لا بد أن نعترف بأن ليس لدى الجميع قدرة مادية للوصول الى بيروت. نحن على ثقة بأن الدولة ليست عاجزة، ويمكنها التمويل. وهنا نسأل: أين هي الأموال والضرائب التي تجبيها الدولة؟ السرقات مستمرة. ثم هل من واجباتنا نحن أن نفتش عن مصدر للتمويل؟ هل يجب أن نموت جوعاً ليعيشوا هم؟”.

أما رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر فدعا “حاكم مصرف لبنان والمجلس المركزي للمصرف الى الاستمرار في دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين والعسكريين في القطاع العام والأساتذة في التعليم الرسمي وأساتذة الجامعة اللبنانية على سعر صيرفة 45000 ليرة للدولار الأميركي، لأن عكس ذلك يعني خسارة 50% من الراتب اذا اعتمد سعر صيرفة الحالي أي 90000 ليرة للدولار الواحد”.

شارك المقال