لبنان الفراغ ينتظر عبد اللهيان… ويترحم على شهاب

لبنان الكبير

في زمن الانهيارات والانكسارات والرهانات والارتباطات، حيث الفراغ مالئ الدنيا وشاغل الناس، وحين يتلهى المسؤولون بتحديد جنس الملائكة والبلد على شفير الاندثار، يستذكر اللبنانيون رجال الدولة الكبار، ومنهم الرئيس فؤاد شهاب، الذي مرّ على رحيله 50 عاماً، لكنه يبدو الحاضر الأكبر، لأن البلد يحتاج إلى رجال من طينته، بعد أن هدم المسؤولون ما بناه من مؤسسات ونظام وعدالة اجتماعية.

ولا بد من أن شهاب يبكي لبنان ومؤسساته، بدءاً من المؤسسة الأولى، التي يتقاتل عليها الزعماء الموارنة في كل مرة، ويتسببون بفراغ يدمر البلد، ويتفشى في مؤسساته، حتى بات المواطن يحلم بأدنى مقومات العيش.

المشهد اليوم في لبنان ينقسم بين زيارة وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت، والمقابلة المنتظرة لرئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية عبر قناة “الجديد”، والمواقف التي سيدلي بها، لا سيما وأنه سبقتها مقابلة نارية لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع يوم الأحد، أدلى فيها بسلسلة مواقف اعتبرت تصعيدية، على رأسها ما رأى فيه البعض رسالة مبطنة، بأنه في حال استوت التسوية على فرنجية، ستعمل “القوات” على تغيير التركيبة اللبنانية، ملمحاً إلى الفديرالية.

المشهدان يبدو كأنهما متزامنان في التوقيت، الأمر الذي اعتبرته أوساط سياسية مدروساً بعناية من فرنجية وداعميه، وأن الأخير سيتعالى عن كلام جعجع عنه، وسيقدم صورة نقيضة عن الصورة التي قدمها رئيس “القوات”، والتي بدا فيها متوتراً ومنفعلاً، ورده الأبلغ عليه سيكون التزامه بالطائف، بينما جعجع يوحي بأنه في صدد البحث في تركيبة جديدة للنظام اللبناني، وهو الأمر الذي يرفضه حلفاؤه الاقليميون قبل المحليين. ورأت الأوساط أن جعجع قدم أكبر خدمة لفرنجية بهذه المقابلة.

أما عن زيارة عبد اللهيان، وما قد يحمل في جعبته من جديد في الملف الرئاسي، وإن كانت زيارته ستحدث تحولاً فيه، فمن الواضح أن اليوم الأول سيكون لاطلاع قيادة “حزب الله” على آخر التطورات على صعيد الاتفاق السعودي – الايراني، بحيث لم يحدد له موعد مع المسؤولين اللبنانيين فيه، بينما حددت غداً الخميس ثلاثة مواعيد مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب.

وأشارت أوساط متابعة الى أن الزيارة هي ضمن أجواء الاتفاق السعودي – الايراني، وتحضير الأرضيات المناسبة لتنفيذ بنوده في المنطقة، ومن المؤكد أن لها علاقة بالاستحقاق الرئاسي وحلحلة العقد اللبنانية.

وتقرأ الأوساط السياسية زيارة عبد اللهيان من وجهتي نظر مختلفتين، الأولى ترى أنه أتى ليهيئ الأرضية للصفقة الرئاسية لانتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية، أما الثانية فتعتبر أنه جاء ليطلب من الثنائي الشيعي أن يتخلى عن التشدد في ترشيح فرنجية، وفتح الباب أمام النقاش، وكل وجهة نظر هي وفق تمنيات الانتماءات السياسية المختلفة.

من التصعيد الرئاسي إلى التصعيد “الديموغرافي”، بحيث ارتفع خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين، وأصبح ملف مزايدات بين القوى المسيحية، فـ”التيار الوطني الحر” يحرّض بخطابات إعلامية، بينما قام عناصر قيل إنهم مناصرون لـ “القوات” في بلدية نهر إبراهيم بالاعتداء على لبنانيين أحدهما قاصر، على خلفية توظيفهم سوريين في محلهم. هذا التصعيد في غاية الخطورة، ويعطي صورة قاتمة عن مستقبل البلد إن استمر الخطاب التحريضي. فيما ناشدت منظمة العفو الدولية السلطات اللبنانية أن “تكف فوراً عن ترحيل اللاجئين السوريين قسراً إلى سوريا، وسط مخاوف من أن هؤلاء الأفراد معرضون لخطر التعذيب أو الاضطهاد على أيدي الحكومة السورية لدى عودتهم”.

مناشدة المنظمة رد عليها عضو تكتل “لبنان القوي” النائب جورج عطا الله عبر حسابه على “تويتر” قائلاً: “رداً على بيان منظمة العفو الدولية التآمري الذي تهدد فيه جيشنا بوجوب وقف ترحيل المجرمين والمخالفين للقوانين اللبنانية، فإننا ندعوها إلى الاهتمام بشؤونها وعدم التدخل في القرارات السيادية اللبنانية، وإلى المساهمة في إعادة كل النازحين السوريين إلى بلدهم لكي يعيشوا بأمان وكرامة هناك… لبنان فوق الجميع”.

لتعود المنظمة وتنشر تغريدة على حسابها على “تويتر” جاء فيها: “تحديث: اعتقلت السلطات السورية شخصاً على الأقل من الذين رحلتهم السلطات اللبنانية. أخبرنا محمد أن السلطات السورية اقتادت شقيقه إلى مكان غير معلن عنه وزعم أنهم قالوا لزوجته وابنته اللتين رحلتا معه: اذهبا وانسيا أمره”.

شارك المقال