“بهدلة سباعية” لدولة فاشلة… و”فشة خلق” لبنانية عنصرية بحق اللاجئين

لبنان الكبير

وضعت القوى السياسية الاستحقاقات الأساسية في الثلاجة، بانتظار استشراف الجو الاقليمي، الذي بدأ مع وصول وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان الى بيروت، والذي كشف فور وصوله عن “بعض الأفكار والمبادرات، من خلال علاقاتنا الثنائية لتحسين الأوضاع في لبنان”، ما يؤشر الى دخول ايران على خط الاستحقاقات بصورة مباشرة، في المقابل، لا تزال السعودية تلتزم سياسة الصمت تجاه الاستحقاق. وبعد مغادرة عبد اللهيان ستحاول القوى السياسية استشراف آخر المستجدات من سفير السعودية وليد بخاري، فضلاً عن جولة استطلاعية جديدة للموفد القطري الأسبوع المقبل.

وفي انتظار الاستشرافات من ممثلي الدول الاقليمية، أصدر سفراء 7 دول في بيروت، هي كل من كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بياناً بمناسبة مرور عام على “توصل لبنان إلى اتفاقية على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي”، وقد بدا البيان تقريعاً للسياسيين على فشلهم في إنجاز الاجراءات المطلوبة لاتمام الاتفاق النهائي مع صندوق النقد.

واعتبر البيان أن “من المخيب للآمال أن الجهات السياسية الفاعلة في لبنان لم تحرز سوى تقدم محدود في تنفيذ الإجراءات المسبقة”، لافتاً الى أن “غياب الارادة السياسية أعاق التقدم”.

فشل القوى السياسية اللبنانية أًصبح عالمياً، هي التي تسلمت بلداً كان يعد منارة الشرق الأوسط، وأوصلته إلى قعر “جهنم”، ولم تجد من تضع اللوم عليه في الأزمات التي اختلقتها، إلا اللاجئين السوريين. فقد تقدم ملف من تطلق عليهم الدولة النازحين على كل الملفات الدستورية اللبنانية، من رئاسة الجمهورية الى الانتخابات البلدية. واجتمع بعض القوى السياسية على فرض الملف على طاولة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في اجتماعين أمس في السراي الحكومي، خلص الأول الى مقررات مهمة أبرزها إسقاط صفة النازح عن كل من يتوجه الى سوريا.

وفي قراءة لمقررات الاجتماع التي اعتبرت مهمة جداً، أوضح مصدر معني في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن “أهم ما نتج عن اجتماع اللجنة الوزارية أنه أصبحت هناك رؤية موحدة للدولة بأركانها كافة في شأن اللاجئين السوريين، تم التوافق عليها بين الدولة اللبنانية والأمم المتحدة. وتكمن أهمية هذه البنود أو النقاط أنها فصلت بين اللاجئ السوري والمقيم في لبنان الذي يستخدم صفة اللجوء للافادة من المنظمات الدولية”.

وأشار المصدر الى أن “الدول الأوروبية كانت ولا تزال، ترغب في ابقاء اللاجئين في الدول المضيفة خصوصاً في لبنان حيث لم يكن هناك وحدة في الرؤية في ملف اللجوء، والرئيس ميقاتي تمكن من توحيد هذه الرؤية، ونجح في إزالة الشرخ الذي كان موجوداً بين اللبنانيين حول هذا الموضوع”.

ورأى أن “أهم ما حصل أن المنظمات الأممية ستسلم الجهات اللبنانية الداتا الخاصة باللاجئين، اذ كانت ترفض ذلك في السابق. المنظمات غيّرت في مواقفها تجاه اللاجئين في لبنان بعد أن توحّد اللبنانيون على رأي واحد ورؤية واحدة، حتى أنه كان هناك قرار من القوى العسكرية والسياسية في لبنان بعدم التعاون مع منظمات الأمم المتحدة اذا لم توافق على المقررات”.

من جهته، اعتبر مصدر حقوقي بارز أن “مقررات الحكومة تشكل صفعة لكل الرؤوس التي تتحدث بخطابات تحريضية وغرائزية”، مشيراً الى أن “مقررات الحكومة منطقية في ظل حفلة الجنون الحاصلة، وتضع الأمور في نصابها، وتعيد بعض الدور الى القضاء، الذي يجب أن يكون دوره أساسياً في تحديد من قد يكون في خطر في سوريا، ومن هو ليس كذلك، في ظل غياب لجنة لدراسة طلبات اللجوء في لبنان”. ورأى أن “مقررات الحكومة مطابقة لطلبات الجمعيات الدولية التي تعمل على الملف، مثل إعطاء دور للقضاء، اهتمام أكثر بالنازحين، واحترام المواثيق الدولية”.

ولكن المصدر لا يبالغ في قيمة المقررات، فبرأيه هي ليست خطة استراتيجية تشاركية مع الجميع، بل أشبه بإعلان نوايا، متمنياً على الحكومة وضع خطة استراتيجية واضحة.

وحاول رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أن يصطاد في الماء العكر ويتمايز عن القوى المسيحية الأخرى، اذ كتب على “تويتر” قائلاً: “النزوح السوري العشوائي كان مؤامرة واجهناها وحدنا وإخراجهم بالعنف مؤامرة سنواجهها. نحن مع العودة الآمنة والكريمة وتطبيق القانون الدولي واللبناني بعودة كل نازح غير شرعي ومنع أي توطين. الفرصة الاقليمية سانحة لعودة لائقة، ولن نسمح للمتآمرين والمستفيقين بتضييعها بالتحريض واللاانسانية”. وغاب عن باسيل أن سياسة نبش القبور والاضطهاد الذي مارسه تياره وأنصاره بحق اللاجئين كان شعلة فتنة أطفأها في كل مرة الحريصون على لبنان. ويبدو أنه تناسى اصداره في حزيران عام 2018، تعليمات إلى مديرية المراسم في وزارة الخارجية لوقف طلبات الاقامة المقدمة إلى الوزارة والموجودة فيها لمصلحة المفوضية في لبنان، الأمر الذي تسبب بعرقلة عملها وتسجيل عدد اللاجئين في لبنان، والقيام بما يلزم تجاههم.

وتناسى باسيل أيضاً أن حليفه الأساس “حزب الله” تدخل في سوريا لمساندة نظام الأسد، وتسبب بنزوح أعداد هائلة من السوريين، بسبب جرائمه وحربه هناك. باسيل الذي يعيش هاجس انتهائه سياسياً، يرى في موضوع اللاجئين وسيلة عنصرية قد تنعش تياره المأزوم، وقد تسبب بمزايدة في الشارع المسيحي، لتلحقه قوى مسيحية أخرى، منها “القوات اللبنانية” التي تقوم البلديات في مناطق نفوذها باتخاذ اجراءات أحادية بحق اللاجئين.

وكانت بلدية ذوق مصبح أقامت أمس ثلاثة حواجز متنقلة للحدّ من ظاهرة تواجد الأجانب المخالفين في البلدة وفق ما أشارت في بيان، لافتة الى أنه تم التدقيق في أوراق الأجانب وحجز دراجتين ناريتين غير قانونيتين، مما يذكر بحقبة الحواجز الحزبية قبل الحرب الأهلية اللبنانية، عدا عن الاعتداءات التي تحصل بحق السوريين في بلدات مختلفة تابعة للثنائي الماروني.

تتصرف القوى السياسية وكأن النازحين يحبون البقاء بصفة لاجئين في غير بلدهم، لا أن النظام السوري لا يريد عودتهم، فالأمن العام اللبناني عندما كان يرسل لوائح بأسماء النازحين من أجل إعادتهم طوعاً إلى سوريا، كان النظام يختار أسماء يشطبها رافضاً عودتها إلى بلدها، وحتى ضمن الذين يقبل بعودتهم، عمل على خطف الشبان منهم من أجل تجنيدهم للخدمة العسكرية، ونكل بغيرهم واعتقلهم تحت حجج واهية، تؤكد أن الديكتاتورية والتعسف والاجرام لا تزال من سمات هذا النظام.

شارك المقال