“صغير” في جزين “منزوع الفتيل”… وعين على “سكون” بخاري

لبنان الكبير

إنه الأول من أيار، أي 6 ستة أشهر على الفراغ في رئاسة الجمهورية. وهي أيام أيضاً ويسجل اللبنانيون لنوابهم سنة ميلادية أولى للمجلس الجديد. سيسألونهم ماذا فعلتم وماذا قدمتم؟ لتكون النتيجة واحدة، أنهم شكلوا امتداداً غير مباشر لعهد “جهنم”، ولعلّ تسمية “عهد ميشال عون” باتت كافية لتعبّر عن جهنم. هي أيام ونسجل الذكرى الـ 15 لغزوة بيروت في 7 أيار 2008. هو شهر فاصل حُسم فيه تمثيل لبنان في القمة العربية في الرياض في 19 الشهر الحالي، فبغياب الرئيس تبقى الصلاحيات التنفيذية بأكملها بيد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ويبقى الممثل الأول للجمهورية اللبنانية بين العرب وفي العالم.

إنه الأول من أيار، عيد العمال الذين يعيشون في هذه الجمهورية “يومك يومك”، فالدولار “كل يوم بسعر”، والراتب لا يغطي فاتورة كهرباء لعامل في إدارة عامة، وحال شلل ضربت الادارات العامة إلى حد إسقاطها، فقط ارضاء لقاضية العهد المنتهي، وحال من التطنيش يعيشها المواطن اللبناني على قاعدة “ناكل اليوم ونعيش لبكرا”، فيما السياسيون أنفسهم غارقون في حساباتهم الضيقة، كل طرف يريد “لبنان على قياسه”. ولعل أكثر الصادقين والرابحين كان الرئيس سعد الحريري الذي علم منذ ضرب تشكيلته الأخيرة واعتذاره عن التشكيل قبل تعليق العمل السياسي أنه لم يعد هناك امكان للعمل الوطني مع هذه المنظومة، وتبين وفق خطاب الأمين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري خلال تكريم لنقابيين في “غلاييني فيلاج” أن “اتفاق مار مخايل” كان هدفه استهداف الحريرية، وأن تعليق الحريري عمله السياسي أنهى مفاعيل هذا الاتفاق. وما الدليل على صحة خيار الحريري إلا الرشقات التي أطلقها رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل من جزين، حازماً معه رئيس “جهنم” عمه الذي يشهد له التاريخ بامتهانه تدمير البلاد وإفقار العباد.

بداية أسبوع “أياري” ستُسجل فيها قراءات لمن وصفه النائب السابق زياد أسود من دون أن يسميه بـ “التافه والصغير”. فبعد اطلالة لرئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع وتلتها اطلالة “الواثق” رئيس “المردة” سليمان فرنجية، أطل جبران من ملعب ضيّق ليتوافق مع “القوات” في رفض ترشيح فرنجية وفي تمتين فكرة التهديد بالفديرالية وضرب الطائف، وأيضاً في الحملة على اللاجئين ليرد من الجنوب على معادلة “حزب الله” فرنجية أو الفراغ برفض الفوضى، محاولاً تقديم صك براءة لـ”القوات” علّ “أوعا خيك” تستيقظ من جديد، من دون أن تغيب عن خطابه العنصرية والطائفية المعتادة، والتي تجاوزه فيها عمه باعطاء صفة جديدة للاجئ السوري بأنه “نازح أمني”، متناسياً أنه لولا الرئيس ميقاتي لكان عون يتجه إلى تكرار مرسوم تجنيس مئات السوريين من أتباع النظام. كما غاب عنه أنه أصل تعطيل عملية تنظيم اللاجئين ودخولهم سواء في بداية الأزمة برفضه و”حزب الله” معاً فكرة المخيمات الحدودية بحماية أممية، أو بضغوطه التي مارسها على مفوضية اللاجئين ومنعها من تسجيل أي اسم جديد، فيما كان اللاجئ يتزوج وينجب ويبحث عن أي ملجأ ليحوّل وجوده في لبنان إلى لاجئ رسمي.

وذكّرت مصادر سياسية عبر “لبنان الكبير” بأن “أزمة اللاجئين بدأت مع باسيل والحكومة التي سيطر على قراراتها حزب الله عام 2011، ولا يمكننا تناسي موقف باسيل على طاولات مجلس الوزراء الذي كان أكثر المعترضين على اقامة المخيمات لهم على المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا وفق طلب الأمم المتحدة، بحيث رفضها لأنه لا يريد أن يتذكر المخيمات الفلسطينية وبعدها حوّل لبنان بأكمله الى مخيمات للسوريين”. ورأت أن “كلام عون غير واقعي خصوصاً أن من هجّر السوريين من بلادهم هم النظام السوري وحزب الله وحلفاؤه وبالتالي لمن يوجه لومه اليوم؟”، معتبرةً أن “التيار لم يعد لديه الأهلية السياسية للتحدث عن ملف اللجوء وتحديداً أنه تعامل مع هذا الملف بعنصرية مفرطة منذ بداية الأزمة وبالتالي محاولة تغطية السموات بالقبوات لم تعد تنفع”.

رئاسياً، وبعد خطاب “منزوع الفتيل” من جزين، يمكن الجزم بأن العقدة داخلية قائمة على مبدأ تصفية الحسابات. إذ بات من الواضح أن سيناريو “نكاية بفرنجية” قد يتكرر في حال أرخت “القوات” الحبل مجدداً لانقاذ باسيل من عزلته، فيصنعان عهداً مشؤوماً جديداً. وعلى الرغم من ذلك، فإن الأنظار تبقى على السفير السعودي في بيروت وليد بخاري الذي التزم الصمت وعدم القيام بأي نشاط تغريداً أو زيارة، فأي اشارة الى حد تغريدة اعتراضية على فرنجية كافية لضرب كل الجهد الذي قام به الفريق الممانع بدعم فرنسي لفرض خيار الأخير، الذي سقط سقطة زلات اللسان في مقابلته الأخيرة خصوصاً في ما يتعلق بالثلث المعطل الذي لطالما واجهته المملكة العربية السعودية إلى جانب عزمه على التدخل في تشكيل الحكومة، في استمرار لسياسة ضرب صلاحيات رئيس مجلس الوزراء.

ووفق مصادر لبنانية تواكب الموقف السعودي، فإن “المملكة لا تزال عند رأيها حتى اليوم”، ولا ترى “أي تبدل واضح تجاه فرنجية”، معربة عن خشيتها من أن تنتقل المملكة إلى مرحلة “اللامبالاة بلبنان واستحقاقاته وتسحب يدها من كل المشهد وندفع الثمن لاحقاً برئيس لا يتطابق مع مواصفات تراها السعودية لمصلحة اللبنانيين”. وحال بخاري لا يختلف عن النهج الذي اتخذه رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الذي يفضل الصمّت وعدم التعليق على أي تفصيل يرتبط بالاستحقاق الرئاسي، ويحق القول ان جنبلاط لا يزال الحليف الأكثر تماهياً مع السياسة السعودية بما يعني الملف اللبناني على الأقل، في وقت سجّلت بعض المراجع ما يشبه “التمرّد” القواتي في مواقف جعجع الأخيرة على التوجهات السعودية، من دون أن يعني ذلك غياب التواصل أو التحالف أو التفاهم.

في حين رأت مصادر سياسية مؤيدة لفرنجية أن “دوامة الشغور الرئاسي لن تنتهي في القريب العاجل ومن المحتمل أن تنتهي ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من دون وجود رئيس للجمهورية”. وتوقفت عند ما قاله باسيل بأنه وافق على 3 أسماء، معتبرة أن “لا قيمة لموافقة باسيل على الأسماء فهمه الوحيد عدم وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى سدّة الرئاسة”.

إلى ذلك، حيّا البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي “كل المسيحيين في لبنان وسواه على إسهامهم بالبناء في مختلف الميادين لأنهم يعوضون عن إهمال المسؤولين السياسيين وعن عجزهم وتعطيلهم لمقدرات الدولة”.

من جهته، رأى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عوده أن “محبة الوطن ماتت في قلوب من أوكلوا مسؤولية إحياء وطن وشعب بكامله، فطمسوا الحقائق وعطلوا عمل المؤسسات وتجاهلوا الاستحقاقات”.

شارك المقال