خطف سعودي يعاكس الايجابية الاقليمية… ترشيح أزعور غير محسوم

لبنان الكبير

تتدفق المياه الرئاسية من سد التوافق القواتي – العوني، بعد إشاعة أجواء عن اقتراب إعلان المعارضة توافقها مع “التيار الوطني الحر” على اسم الوزير السابق جهاد أزعور كمرشح للرئاسة، إلا إذا كَمِن “الشيطان” في التفاصيل. وهنا بيت القصيد، فإن تبني التيار ترشيح أزعور، يعني دفن اتفاق مار مخايل إلى غير رجعة، ولذلك يشهد البلد مواقف متضاربة لأركانه، تارة يشيعون اقتراب التوافق، وتارة ينعى أعضاء أساسيون فيه اسم أزعور، فيما يبدو أنه مناروة، بل قد يكون ابتزازاً من التيار للثنائي الشيعي. غير أن حادثة أمنية تمثلت أمس بالاعلان عن خطف مواطن سعودي على طريق المطار جاءت معاكسة لجو التوافق الاقليمي وتصفير المشكلات الذي كان يؤمل أن يأتي خيراً على لبنان.

وذكرت تقارير أمنية مساء أمس أن مواطناً سعودياً يعمل في مكتب شركة الخطوط السعودية في بيروت قد اختطف بعد منتصف ليل السبت – الأحد على طريق المطار، ما سبّب حالة من التوتر خشية أن تكون هذه الحادثة محاولة لخربطة الأجواء الايجابية التي تسري في المنطقة عقب الاتفاق السعودي – الايراني.

وغرّد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي عبر موقع “تويتر” قائلاً: “نتابع مع شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي منذ الأمس قضية اختطاف مواطن سعودي في بيروت ونحن على تواصل بأدق التفاصيل مع سعادة السفير وليد بخاري. دائماً وبيد من حديد نعمل لتحرير أي مواطن يتعرض لأي أذى على أرض لبنان. ما حصل يمس بعلاقة لبنان مع أشقائه وسيكون عقاب الفاعلين قاسياً”.

وأشارت المعلومات الأمنية إلى أن الخاطفين طلبوا فدية بقيمة 400 ألف دولار للافراج عن المخطوف، الذي وفقاً للمعلومات قد رصدت إشارة هاتفه الخلوي للمرة الأخيرة في الضاخية الجنوبية لبيروت.

في هذه الأثناء، تترقب القوى السياسية رد فعل الثنائي، الذي صعّد الكلام في اليومين الأخيرين، معتبراً أن توافق الأضداد هو نكد سياسي يضيّع وقت البلد. وأشار مصدر مقرب من مرجعية سياسية في حديث لـ “لبنان الكبير” الى أن المرجعية “لا تتوقع انتخاب رئيس للجمهورية هذا الصيف، بل أبعد من ذلك، فلا ترى رئيساً للبنان في العام 2023”.

ولفتت مصادر مواكبة الى أن “التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يناروان على جهاد أزعور والشعب اللبناني على حدٍ سواء”، متوقعة أن لا يسير التيار تحديداً بأزعور كما يشاع. وأوضحت أن “هناك حالة من التشرذم والتفكك والتشنج داخل التيار، وأكبر دليل ما صرح به النائبان آلان عون وسيمون أبي رميا”.

وعن مبادرة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، أوضح مصدر نيابي مخضرم أن هدفها “لم يكن التقارب العوني – القواتي، بل كانت استبدالاً للحوار الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري مرتين، ولم يتم القبول به، وكان يهدف إلى التواصل مع كل الكتل”. واعتبر أن فكرة “أوعى خيك 2” غير واردة، مشيراً إلى أن “التيار والقوات لن يكون لهما الدور الأساس في التركيبة الرئاسية”. وعن النواب التغييريين، قال المصدر: “هرهروا وذلك نتيجة الانقسام الكبير بينهم، وما شاهدناه من تسريبات مؤخراً هو أكبر دليل”.

وفي السياق الرئاسي أيضاً، أشار النائب غسان سكاف إلى أنه يتواصل مع كل الفرقاء من ضفتي المجلس، كاشفاً “أننا وصلنا الى شبه اتفاق سيعلن غداً أو بعد غد عن مرشح للمعارضة، وسنطلب بعد أن تصدر بيانات التأييد للمرشح الذي أصبح معروفاً وهو جهاد ازعور أن يفتح مجلس النواب للانتخابات الرئاسية”.

أما النائب أبي رميا فناقض الأجواء الإيجابية عن التوافق على أزعور، كاشفاً في حديث إعلامي أن اسمه “لم يطرح حتى الساعة على طاولة النقاش في التيار الوطني الحر، ولم يتخذ بعد القرار على صعيد التيار بتبنيه كمرشح لرئاسة الجمهورية”. وأوضح أن “أزعور لا يرغب في طرحه كمرشح مواجهة”، قائلاً: “إذا كان الهدف من ترشيح جهاد أزعور هو خلق تعادل سلبي مع سليمان فرنجية من أجل حرق الأسماء والوصول إلى اسم ثالث منكون عم نضيّع وقت”.

وأكد عضو كتلة “الاعتدال الوطني” النائب سجيع عطية في حديث إذاعي أن “الكتلة لن تلجأ إلى خيار الورقة البيضاء في حال عقد جلسة انتخابية، بل ستشارك في صنع القرار”. وأشار إلى أن “لا توافق نهائياً على اسم الوزير السابق جهاد أزعور الذي لا يريد أساساً أن يكون مرشح تحدٍّ”، مستبعداً أن يكون المجلس أمام سيناريو انتخاب أزعور – فرنجية.

في المقابل، أكد عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم أن الكلام المنقول عن أزعور بأنه لا يريد أن يكون مرشّح تحدٍ في وجه فرنجية “غير صحيح، وكما نقل عنه أنه مستعدّ أن يستمرّ في المشوار اذا سار باسمه فريق معيّن”.

على الضفة الأخرى، رأى المكتب السياسي لحركة “أمل” أن “الأطراف الأخرى التي لا يجمعها جامع لتضارب مصالحها وتنازع مشاريعها بعملية التقاء قسري ليس له من غاية إلا التنكيد السياسي والإمعان في ضرب فرص إنقاذ البلد وممارسة لعبة الهواة في تسميات ليست جادة، ويعملون واحداً تلو الآخر على اللعب بمرشحين مفترضين ليس من أجل تأمين فرص وصولهم إلى سدة الرئاسة، بل من أجل تعطيل المرشح الجدي الوحيد حتى تاريخه”.

أما نائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم فقد غرّد على موقع “تويتر”، قائلاً: “منذ البداية انطلق ترشيح فرنجية من عدد وازن وهو إلى زيادة. ويحاول المتعارضون على البرامج والسياسات الاتفاق لمواجهة فرنجية، وبالكاد يجتمعون على واحد من لائحة فيها ستة عشر مرشحاً. معيار الرئيس المسيحي الوطني الجامع أفضل للبنان من رئيسٍ للمواجهة بخلفية طائفية. حرِّروا انتخاب الرئيس من لعبة المصالح الضيِّقة وتعالوا ننتخب رئيساً حُرَّاَ ينقذُ البلد ولا يكون أسيرَ من انتخبه”.

كلام قاسم لم يمر عند رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل، الذي رد عليه بالقول: “يعني إما التوافق على مرشح التحدّي الخاص بكم وإمّا الرّضوخ الدّائم لاملاءاتكم!؟ لم يعد في قاموسكم إمكانية لخيارات أخرى غير خياراتكم المدمرة!؟ تخبطكم يجعل منطقكم مضحكاً مبكياً”.

الحركة في الملف الرئاسي ستكون محور الحديث اليوم بين البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يزور باريس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويبقى السؤال هل سيحمل في جعبته اسم أزعور ليعرضه على ماكرون أم أنه سيواجه بالنظرية الفرنسية عن عدم وجود مرشح آخر؟

إلى ذلك، كانت بارزة زيارة سفير الممكلة العربية السعودية وليد بخاري أمس إلى اليرزة ولقاء قائد الجيش العماد جوزيف عون، ولم يكن الديبلوماسي الوحيد الذي أطل من اليرزة، فقد استقبل عون أيضاً السفير المصري ياسر علوي.

شارك المقال