تهديد أميركي بالعقوبات… فرنسا على موقفها ولبنان إلى العزلة

لبنان الكبير

انتظرت قوى المعارضة أول من أمس بيان تكتل “لبنان القوي” بعد اجتماعه الطويل الذي دام 4 ساعات وبحضور الرئيس السابق ميشال عون الذي استنجد به رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، تبنياً رسمياً لترشيح وزير المالية الأسبق جهاد أزعور، إلا أن البيان جاء إنشائياً ما يدل على خلافات بين أركان التكتل على اسم أزعور، ورفض تحدي “حزب الله”. وفيما أصبح الفشل السياسي اللبناني يحتاج إلى تهديد من الخارج، أعلنت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى بربارا ليف عن قيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالعمل على عقوبات تفرض على معطلي الاستحقاق الرئاسي. أما فرنسا فلا يبدو أنها غيّرت موقفها بعد أن التقى البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي رئيسها ايمانويل ماكرون.

لكن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أكّد أن التيار توافق مع المعارضة على ترشيح أزعور، وهذا الأمر أكده باسيل في مقابلة صحافية، وعاد وأكده لاحقاً عضو تكتل “لبنان القوي” النائب سليم عون، الذي أشار إلى أن الحل ليس بقريب. لذلك، لا يبدو أن هذا التوافق سينهي الفراغ الرئاسي، تحديداً في ظل وجود السد المنيع للثنائي الشيعي، الذي لا يزال متمسكاً بمرشحه سليمان فرنجية، ولم يقتنع باجتماع الأضداد على منافس له، واضعاً هذا التوافق تحت إطار النكد السياسي.

ولكي تزيد الصعوبات التي يعاني منها اللبنانيون، أعلن المدير العام لهيئة “أوجيرو”ً عماد كريدية عن تعطل السنترالات تباعاً بسبب نفاد الوقود، بينما أعلن موظّفو “أوجيرو” إضراباً تحذيريّاً ليومين الأسبوع المقبل في ٦ و٨ حزيران كخطوة أولى، واعتصاماً اليوم أمام مبنى الضمان في وطى المصيطبة ما يهدد بتوقف السنترالات عن العمل كلياً ودخول لبنان في عزلة.

ويبدو أن إعلان ليف عن أن “إدارة بايدن تنظر في إمكان فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين على خلفية عدم إنتخاب رئيس”، رسالة موجهة إلى الثنائي الشيعي تحديداً، ما دفع أوساطاً قريبة من فريق الممانعة إلى القول بأن هذا الأمر يضع أزعور في خانة الأميركيين، وهذا الاعلان إن كان عن قصد أو غير قصد فقد ضرب حظوظه الرئاسية.

ولفتت المصادر عينها في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى أن “الحديث الأميركي المستجد، وكأنه يصب في خانة أزعور، وهذا يعني أنه لا يمكن أن يكون رئيساً، فلا إمكان لوصول رئيس يشكل تحدياً لحزب الله، حتى لو أن أزعور نفسه لا يريد تحديه، فقد يعتبر الحزب أن الموضوع يشكل ضربة سياسية قاسية، ولن يقبل بمرورها، وإن وصل أزعور بطريقة ما من دون التوافق مع الثنائي الشيعي، فهو لن يستطيع الحكم، بل سيتم تطويقه بتقديم ضمانات يمكن للثنائي أن يعطل البلد بها ساعة يشاء، مثل الثلث الضامن على سبيل المثال لا الحصر”.

وكان النائب سليم عون أوضح أن “التيار الوطني الحر تقاطع مع القوات اللبنانية والكتائب وبعض النواب المستقلين عند اسم الوزير السابق جهاد أزعور”، معتبراً أنّ “عدم تبنّي أزعور علناً يأتي في سياق توفير الظروف المناسبة لتأمين فرص نجاحه وذلك عبر عدم طرحه كمرشّح تحدٍّ”. وربط، في حديث إذاعي خطوة إعلان الترشيح بدعوة الرئيس نبيه بري الى جلسة انتخابيّة.

ومن جهة “حزب الله” لا يبدو أنه مقتنع بفكرة أزعور، بل يراها مناورة جديدة لن توصل إلى انتخاب رئيس، بحيث أشار عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله في تصريح من مجلس النواب الى أن “أي تغيير لم يطرأ على الموضوع الرئاسي”، وقال: “كل كتلة أو نائب له حق ترشيح من يراه مناسباً، وهذا جزء من العملية الديموقراطية، والفريق الذي رشح النائب ميشال معوض استبدله اليوم بمرشح آخر، وفق ما أعلن هذا الفريق عبر إحدى الصحف، فهم عندما طرحوا مرشح تحد لم يصلوا إلى نتيجة فغيّروا الاسم، ربما ضمن خطة (ب) لعدم النجاح في التجربة الأولى، وهم يريدون التجربة باسم جديد، ويعملون على استقطاب نواب وكتل جديدة”.

إلى ذلك، لم يطرأ أي جديد على الموقف الفرنسي بعد زيارة البطريرك الراعي الى باريس، فيما أشارت الرئاسة الفرنسية في بيان الى دعم الرئيس ماكرون “الجهود التي يبذلها رأس الكنيسة المارونية لإخراج لبنان من المأزق السياسي”، مطالباً كلّ القوى في البلد الغارق في الأزمات بانتخاب رئيس للجمهورية “بدون تأخير”. ولفت البيان الى اتفاق ماكرون والراعي على “ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية بدون تأخير”.

تشريعياً، عقدت اللجان النيابية المشتركة الجلسة التي دعا اليها الرئيس بري لمتابعة درس اقتراح القانون الرامي إلى الشروع بتطبيق نظام “الدخل الأساسي الشامل” (قانون كرامة المواطن)، ومشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 13760 الرامي إلى تعديل بعض أحكام قانون الضمان الإجتماعي وإنشاء نظام التقاعد والحماية الإجتماعية. وشهدت الجلسة سجالات حادة لا سيما بين النائبين ميشال معوض وعلي حسن خليل حول أحقية تحويل حكومة تصريف أعمال قوانين الى مجلس النواب في ظل الشغور.

قضائياً، مثل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في قصر العدل في بيروت أمام المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان في قضية مذكرة التوقيف الألمانية. وأفيد أن النيابة العامة التمييزية أصدرت قرار منع سفر ثانياً للحاكم وطلبت من مكتب الانتربول في بيروت مراسلة مكتب الانتربول الدولي للحصول على ملف الاسترداد من ألمانيا. في المقابل، لم يحضر شقيق الحاكم رجا سلامة جلسة التحقيق في فرنسا صباح أمس لتقدّمه بمعذرة طبيّة بحسب وكيله القانوني في لبنان.

وبينما أرجئت جلسة مجلس الوزراء التي كان دعا اليها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي امس الى موعد لاحق وذلك للبحث في مسألة الحفاظ على حقوق لبنان لا سيما في القضية المثارة ضد سلامة أمام المحاكم الفرنسية، إعتبر وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوي أن “مجلس الوزراء هو أساس العمل التنفيذي وليس مقبولاً استبدال الوزراء بالمدراء العامين فيصبح مجلس الوزراء مجلس مدراء عامين”. وقال في حديث صحافي: “يمكننا اتخاذ قرارات بالمراسيم الجوالة ولن اتراجع عن موقفي”.

شارك المقال