المرحلة الايرانية في “الطوفان” واسرائيل تستعد لها في لبنان

لبنان الكبير / مانشيت

إنها المرحلة الايرانية في “طوفان الشرق الأوسط”. وبدلاً من الوكلاء، المشغولين أساساً على جبهاتهم، في اليمن ولبنان والعراق وسوريا، إنخرطت “الجمهورية الاسلامية” بنفسها في المعمعة لتضرب أهدافاً في أربيل العراق وسوريا وحتى في بلوشستان باكستان، متذرعة بالدفاع عن النفس، وكأنها تضع كل أوراقها وهواجسها الموروثة من النظام الاقليمي قبل 7 تشرين الأول 2023 على طاولة الهندسة للنظام الاقليمي الآتي، مع بدء رسم الخرائط في “دافوس” انطلاقاً من “أوسلو 2” من أجل دولة فلسطينية قابلة للحياة، تكون أساساً لسلام شرق أوسطي قابل للحياة.

وفيما الغرب، الأميركي والأوروبي، منشغل بالصواريخ الايرانية في يد الحوثي والتي بدأت تجرح فعلاً في شريان التجارة الدولية، في البحر الأحمر، بدت إسرائيل مقتنعة بأنها رفعت أهدافاً لحرب غزة أكبر من قدرتها، المحكومة أساساً باعتبارات ادارة جو بايدن في ظرف انتخابي حرج، فالتفتت شمالاً حيث معادلة “اللاسلم واللاحرب” مع “حزب الله” في جنوب لبنان باتت استنزافاً ليس لمصلحتها، مفترضة هي أيضاً، كما ايران، أن رمي كل أشباحها في الميدان يمكن أن يفيدها في “الشرق الأوسط الجديد”. لذا رفعت درجة المواجهة بغارات كثيفة مع مناورات حاكت هجوماً “هذه الليلة” على لبنان.

وكلام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن أن دولاً عربية أبلغته أنها ليست مستعدة لاعمار قطاع غزة ليتم تدميره بعد حين، سنة أو سنتين، يحمل مع البعد المادي بعداً سياسياً بأن أي تسوية لا بد من أن تكون قادرة على الصمود طويلاً، حينها “بالتأكيد” يمكن أن تقبل السعودية الاعتراف باسرائيل والتطبيع معها على حد قول وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، في دافوس أمس، إذ ان “السلام الاقليمي يشمل السلام لاسرائيل، لكنه مرهون بالسلام للفلسطينيين عبر إقامة دولة فلسطينية”.

وحذّر رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني من محاولات جر لبنان إلى حرب إقليمية ستكون عواقبها وخيمة. وأفاد بيان لوزارة الخارجية القطرية بأن ذلك جاء خلال لقاء الشيخ محمد مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على هامش منتدى دافوس الاقتصادي العالمي.

وأكد الشيخ محمد أن “اتساع رقعة العنف ودائرة النزاع في المنطقة ستكون لها عواقب وخيمة في حال تمددها لا سيما على لبنان ودول الجوار”، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك “فوراً لوقف الانتهاكات الاسرائيلية للقانون الدولي”.

وفي ظل التصعيد المستمر على الحدود، حيث شهدت منطقة وادي السلوقي غارات متتالية وقصفاً عنيفاً، أعلن الجيش الاسرائيلي عن اجراء مناورة تحاكي هجوماً على لبنان، وقال قائد المنطقة الشمالية أوري غوردين: “نحن أكثر استعداداً من أي وقت مضى، وسنواصل تعزيز الاستعدادات والتقويمات”.

وأشار غوردين إلى نشر عشرات الآلاف من الجنود عند الحدود الشمالية، و”ضربنا الكثير من المواقع على الجانب الآخر”، مضيفاً: “لا يزال هناك الكثير مما يجب عمله من أجل النجاح في تحقيق النتيجة المرجوة المتمثلة في تحسين الوضع الأمني حتى نتمكن من إعادة سكان الشمال إلى منازلهم”.

وأعلن الجيش الاسرائيلي أنه “أنجز غارة مشتركة لطائرات حربية وقوات المدفعية استهدفت العديد من الأهداف الارهابية في منطقة وادي السلوقي في جنوب لبنان”، مشيراً الى أن “الهجوم الذي أنجز خلال وقت قصير استهدف مباني عسكرية وبنى تحتية تحتوي على وسائل قتالية لحزب الله”.

في المقابل، أعلن “حزب الله” أنه استهدف “تجمعاً ‏لجنود العدو الاسرائيلي شرق مستوطنة إيفن مناحم بالأسلحة الصاروخية”.

وفي ظل التخوف من توسع الحرب، لا سيما مع الانخراط الأميركي الايراني فيها من دون أن قصف بعضهما البعض بالمباشر، تنشغل الدوائر الدولية بين انهاء الحرب و”اليوم التالي”. وأعلن وزير الخارجية النروجي إسبن بارث إيدي على هامش مؤتمر دافوس أن عدداً من الدول الأوروبية والدول العربية “المعنية” والولايات المتحدة تعمل على وضع تصور لتشكيل حكومة فلسطينية موحدة يمكنها جذب أموال لإعادة الإعمار.

أضاف: “يعمل معنا عدد من الدول… في محاولة لتشكيل حكومة وحدة موسعة” من دون أن يكشف عن هذه الدول. ورأى أن “العمل على حل الدولتين أصبح ملحاً مع انتشار الصراع في المنطقة، لكن الولايات المتحدة والشعب الاسرائيلي وحدهما القادران على التأثير على موقف إسرائيل”، مؤكداً أن “ما في وسعنا هو العمل على تحقيق الوحدة الفلسطينية والتفكير مع الدول المهتمة في وضع نماذج لذلك”.

أما وزير الخارجية الأميركي فأشار إلى أن الدول العربية ليست حريصة على المشاركة في إعادة إعمار غزة إذا كان القطاع الفلسطيني “سيُسوى بالأرض” مجدداً في بضعة أعوام. ونادى بضرورة التطرق الى قضية إقامة الدولة الفلسطينية.

وذكر بلينكن خلال مقابلة في دافوس: “عليكم حل القضية الفلسطينية”، مضيفاً: “الدول العربية تقول: أنظروا، لن نتدخل في أمور، منها على سبيل المثال، إعادة إعمار قطاع غزة إذا كان سيسوى بالأرض مجدداً خلال عام أو خمسة أعوام ثم يُطلب منا إعادة إعماره من جديد”.

إلى ذلك، شدد وزير الخارجية السعودي على وجوب التركيز على الوضع في غزة لأنه يؤثر على المنطقة ويزيد التوتر في البحر الأحمر، وقال: “إن استمرار المعاناة في غزة غالباً سيخلف دوائر لا تنتهي من العنف”.

أضاف بن فرحان خلال جلسة نقاشية في منتدى دافوس: “متفقون على أن إقرار السلام الاقليمي يشمل السلام لاسرائيل، لكن لا يمكن حدوث ذلك إلا من خلال تحقيق السلام للفلسطينيين عبر إقامة دولة فلسطينية”. وأشار الى أن تحقيق السلام الاقليمي عن طريق إقامة دولة فلسطينية هو “أمر نعمل على إنجازه بالفعل مع الادارة الأميركية، وهو أكثر أهمية بالنظر إلى الأوضاع في غزة”.

وتابع: “هناك سبيل لتحقيق مستقبل أفضل بكثير للمنطقة وللفلسطينيين وإسرائيل وهو السلام، ونحن ملتزمون تماماً بذلك”. وأكد وجوب “أن يكون وقف إطلاق النار من جانب جميع الأطراف نقطة انطلاق لتحقيق سلام دائم ومستدام، وهو ما لا يمكن حدوثه إلا من خلال تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني”.

شارك المقال