ارتفاع النفس الشعبوي المفضل عند رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في منطق المزايدات الصغيرة التي يتقنها ولو على حساب البلد في قضية حساسة جداً لكل اللبنانيين، التي يعمد كثيرون الى تسييسها بالكامل فيلغون جانبها الانساني، فيما هذا الجانب على أهميته ما عاد كافياً لاخفاء انعكاسات هذا النزوح على النسيج اللبناني من كل جوانبه.
وقد ركب باسيل موجة الهجوم على الحكومة التي تم اتهامها ببيع لبنان بثمن مليار يورو قدمتها أوروبا، ليرد رئيسها نجيب ميقاتي بطلب الدعوة الى جلسة نيابية تناقش الملف من أجل “وقف الاستغلال السياسي الرخيص”. وقد أكدت مصادر السراي الحكومي لموقع “لبنان الكبير” أن “تقدماً حقيقياً حصل في المناقشات، بحيث وعدت رئيسة المفوضية الأوروبية باعادة النظر في سياسة الخارجية الأوروبية، التي قد تعتمد على مناطق آمنة في سوريا، فيما هذا الباب كان مقفلاً سابقاً، بالاضافة إلى ذلك استطاع لبنان انتزاع قبول أوروبي بترحيل النازحين غير الشرعيين”.
الميدان الجنوبي
وسط هذه الأجواء، بقي الميدان الجنوبي على حاله، اذ أطلق الجيش الاسرائيلي النار في محيط راعي ماشية في الوزاني من دون اصابته. واستهدفت مسيّرة سيارة في بنت جبيل، فيما شنّ الطيران الحربي غارة على منزل خالٍ من سكانه في بلدة طيرحرفا فدمرته بالكامل. كما استهدفت المدفعية جبل بلاط لجهة بلدة راميا وأطراف بلدتي الناقورة وعلما الشعب وأطراف بلدة عيتا الشعب لجهة بلدة دبل. في المقابل، أعلن “حزب الله” عن استهداف الأجهزة التجسسية في مواقع المطلة والراهب والرادار وتجمع لجنود العدو في موقع بياض بليدا.
باسيل يهاجم
ظهر أخيراً رئيس “التيار الوطني الحر” ليشن بنفسه هجوماً على الحكومة من باب النزوح، بعد أن أطلق أبواقه وجيوشه الالكترونية على مدى أيام، وبالشعبوية المعتادة نفسها. وتوجه الى المسؤولين اللبنانيين بجملة أسئلة على سبيل الاستفسار، وأولهم الرئيس ميقاتي، قائلاً: “كيف توزع الأموال للمليار يورو وما هي حصة الدعم لبرنامج العودة الى سوريا؟ هل صحيح أن الاتفاق يتضمن استرجاع نازحين من قبرص؟ لا أحد يمكن أن يقول إن هذا الأمر غير ممكن لأن قائد الجيش جوزيف عون وبقرار شخصي أعاد 107 نازحين من قبرص الى لبنان، فكيف إذا كان بقرار حكومي؟ وإذا صح هذا الأمر فهل يتضمن الاتفاق السوريين والفلسطينيين الذين يمكن أن يحضروا من فلسطين وسوريا مباشرة الى قبرص وتتم اعادتهم الى لبنان؟ كيف يمكن أن نعرف كيف سيصل السوريون الى قبرص وكيف سيتم ردهم؟ لبنان سيصبح بلداً متلقياً شرعياً للنازحين من بلد ثالث”.
ميقاتي يرد
لم يتوانَ الرئيس ميقاتي عن الرد على هذه الحملات، فأجرى اتصالاً برئيس مجلس النواب نبيه بري، وطلب عقد جلسة نيابية لمناقشة ملف النزوح، وذلك “لوقف الاستغلال السياسي الرخيص”. في حين أشارت مصادر السراي الحكومي لموقع “لبنان الكبير” الى “أننا ذاهبون إلى بروكسل بخطة كاملة متكاملة تتضمن كل التفاصيل لملف النزوح السوري في لبنان وعلى قاعدة ما على الرسول إلا البلاغ. ولا يجب التفكير في أن المليار يورو المخصصة لمساعدة لبنان من الاتحاد الأوروبي هي ثمن سكوتنا أو رشوة، على العكس هي إنجاز في غاية الأهمية”.
وأوضحت أن “مؤتمر بروكسل سيعنى بدعم المشاريع المختصة بالسوريين في لبنان والأردن وتركيا وسوريا، أما المبلغ الذي قدمته رئيسة المفوضية الأوروبية باسم الاتحاد الأوروبي فهو فقط لدعم اللبنانيين ومشاريع ومؤسسات لبنانية… وسيشرف على توزيع هذه الهبة الاتحاد الأوروبي مع الوزارات المختصة وسيكون هناك تنسيق مباشر لتوزيع التمويل، ولو لم تحدث الأزمة مع قبرص منذ أسابيع لما حصل هذا التقدم في الملف”.
ولفتت المصادر الى أن “لبنان طلب أموراً أساسية من مفوضية اللاجئين أي الحصول على داتا مفصلة حول دخول كل سوري بعد الـ ٢٠١٦، وإلا سنضطر إلى القيام بزيارة مخصصة إلى جنيف من أجل هذا الموضوع. وعند الحصول على هذه الداتا ستبدأ عملية الترحيل في شهر حزيران المقبل بعد أن تكتمل كل المعلومات حول السوريين غير الشرعيين”.
دار الفتوى تناشد الجامعة العربية
ملف النزوح تطرق اليه أيضاً المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى خلال اجتماعه الدوري، في دار الفتوى، برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، فناشد الدول العربية والمجتمع الدولي “وضع حل نهائي لمأساة النزوح السوري الى لبنان، والذي فاق طاقته وإمكاناته المتواضعة”، معتبراً أن “قضية النزوح السوري بقدر ما هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى، هي قضية تعالج بالحكمة من الحكومة اللبنانية، وحلها يتطلب عودة النازحين الى الأماكن الآمنة في بلادهم ووضع حد لهذه الأزمة”.