في ظل تصاعد الضربات المتبادلة بين “حزب الله” واسرائيل، وهي الأكبر منذ حرب تموز 2006، حضر لبنان على طاولة قمة مجموعة السبع الكبرى، حيث أعلن عن تشكيل لجنة ثلاثية تضم إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا، لبحث خريطة طريق لنزع فتيل التوتر بين جماعة “حزب الله” في لبنان، وإسرائيل.
وحضر لبنان أيضاً في المحادثات بين وزيري خارجية ايران والعراق، بينما نقل الاعلام الاسرائيلي عن اجتماع مجلس الحرب المصغر، أن الجيش أوصى بانهاء العملية في رفح والتقدم بهجوم ضد لبنان، ما قد يشعل المنطقة كلها، بحيث تحمّل اسرائيل ايران والحزب مسؤولية تدهور الوضع الأمني على الحدود، وبدء أميركا الحديث عن استحالة العودة إلى الوضع الذي كان قائماً في لبنان يوم السادس من تشرين الأول، حتى لو استدعى الأمر “ضغطاً” على النظام اللبناني.
وفي الشأن الرئاسي لوحظ في الأيام الأخيرة، بعد اختتام جولات المبادرات، تراشق مسيحي مسيحي، لاسيما بعد كلام رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، عن الأكثر تمثيلاً مسيحياً، بحيث تتحدث “القوات” عن وجوب رد “التيار الوطني الحر” دين انتخاب ميشال عون في ٢٠١٦، بينما اعتبرت أوساط الأخير في حديث لـ “لبنان الكبير” أنه صفّى ديونه كون “القوات” حاربت العهد وساهمت في إفشاله.
الميدان
شنّ “حزب الله” أوسع هجوم صاروخي على إسرائيل منذ بدء الحرب في 8 تشرين الأول الماضي، والأول من نوعه منذ حرب 2006. وأعلن عن “هجوم مشترك بالصواريخ والمسيّرات” على 9 مواقع عسكرية على الأقل في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة، في عملية متزامنة، قال إنها جاءت “رداً” على اغتيال القيادي البارز في صفوفه طالب عبد الله “أبو طالب”.
وقال الحزب في بيان: “شنت المقاومة الاسلامية هجوماً مشتركاً بالصواريخ والمسيّرات، إذ استهدفت بصواريخ الكاتيوشا والفلق 6 ثكنات ومواقع عسكرية. وبالتزامن، شنّ مجاهدو القوة الجوية بعدة أسراب من المسيّرات الانقضاضية هجوماً جوياً” على 3 قواعد أخرى، بينها قاعدة قال إنها تضم مقراً استخباراتياً “مسؤولاً عن الاغتيالات”.
وركز الحزب عبر بياناته والاعلاميين الذين يدورون في فلكه على وضع الهجوم في “إطار الرد على الاغتيال الذي نفذه العدو الصهيوني في بلدة جويا”.
في المقابل، أفاد الجيش الاسرائيلي برصده “إطلاق نحو 40 قذيفة باتجاه منطقة الجليل ومرتفعات الجولان، واعتراض بعضها من الدفاعات الجوية، في حين سقط بعض القذائف في مناطق مفتوحة، وأسفرت عن اندلاع حرائق”. وأشار كذلك إلى “رصد 5 أهداف جوية مشبوهة، اعترضت الدفاعات الجوية 3 منها”.
إلى ذلك، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن 150 صاروخاً أطلقت باتجاه شمال إسرائيل، وقالت إن الهجوم أدى إلى اندلاع 15 حريقاً في الجولان والجليل الأعلى، وان الصواريخ والمسيّرات أطلقت خلال 40 دقيقة فقط، ووصلت الصواريخ إلى صفد، التي تم تعطيل الدراسة فيها، كما طال الهجوم سهل الحولة ومناطق أخرى في الجولان.
وردّ الجيش الاسرائيلي بقوة على الهجوم، مستهدفاً مناطق في الجنوب يقصفها للمرة الأولى، بينها أطراف مرجعيون، وأطراف بلدة بلاط، في حين كثّف الغارات الجوية على بلدات دير سريان، والطرف الجنوبي لبلدة يحمر الشقيف المطل على مجرى نهر الليطاني.
ونقلت قناة 12 العبرية عن اجتماع مجلس الحرب المصغر، أن الجيش الاسرائيلي قدم للمستوى السياسي توصية بإنهاء العملية في رفح في أقرب وقت ممكن والتقدم بالهجوم ضد لبنان.
ايران والحزب يتحمّلان المسؤولية
وحمّلت إسرائيل “حزب الله” وإيران والحكومة اللبنانية “المسؤولية الكاملة” عن تزايد العنف عبر الحدود الاسرائيلية اللبنانية، وألمحت إلى أن تصعيداً قد يجري التخطيط له.
وقال المتحدث باسم الحكومة الاسرائيلية ديفيد مينسر: “لبنان وحزب الله، بتوجيه من إيران، يتحملان المسؤولية الكاملة عن تدهور الوضع الأمني في الشمال”.
وأضاف: “سواء من خلال الجهود الديبلوماسية أو غير ذلك، فإن إسرائيل ستستعيد الأمن على حدودنا الشمالية”.
أميركا تؤكد استحالة العودة إلى ٦ تشرين
التصعيد الأخير دفع بمسؤول أميركي كبير الى التأكيد أن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ من أن الأعمال القتالية على الحدود الاسرائيلية اللبنانية قد تتصاعد إلى حرب شاملة، معتبراً أن هناك حاجة إلى ترتيبات أمنية محددة للمنطقة، وأن وقف إطلاق النار في غزة ليس كافياً. وقال المسؤول: “أجرينا محادثات باستمرار، وبشكل عاجل في أوقات مختلفة مع إسرائيل ولبنان على مدى الأشهر الثمانية منذ بداية الأزمة… لمنعها من التطور إلى حرب شاملة قد تكون لها تداعيات على أماكن أخرى في المنطقة”.
وتابع: “العودة إلى الوضع الذي كان قائماً في لبنان يوم السادس من تشرين الأول ليس خياراً مقبولاً أو ممكناً”.
لبنان حاضر في اللقاءات الاممية
وحضر لبنان على طاولة قمة مجموعة السبع، حيث أفادت مسودة البيان الختامي بأن قادة المجموعة سيعبّرون عن قلقهم البالغ إزاء الوضع على الحدود الاسرائيلية اللبنانية، وتأييدهم للجهود الأميركية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وأن زعماء المجموعة أكدوا مجدداً التزامهم الراسخ بحل الدولتين ليعيش الاسرائيليون والفلسطينيون في سلام جنباً إلى جنب.
بالاضافة إلى ذلك، سيدعون إسرائيل إلى الامتناع عن شن هجوم واسع النطاق على مدينة رفح “بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي”.
كما حضر لبنان في لقاء وزير الخارجية الايراني علي باقري كني ونظيره العراقي فؤاد حسين، الذي قال: “تحدثنا عن توسيع بقعة الحرب إلى لبنان التي ستؤثر على جميع المنطقة”. ونبّه على أن “الوضع الأمني في المنطقة حساس وإذا حدث هجوم على جنوب لبنان فسيؤثر ذلك على عموم المنطقة”.
تراشق مسيحي حول الرئاسة
في الشأن الداخلي، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري وفداً من حزب “الكتائب اللبنانية”، في ظل تراشق كلامي بين القوى المسيحية، بدأ بعد حديث فرنجية، عندما طالب بأن ينزل الأقطاب المسيحيون إلى مجلس النواب ولينتخب أحدهم رئيساً، معتبراً أنه بمنطق “التيار الوطني الحر” يجب انتخاب رئيس حزب “القوات” سمير جعجع رئيساً كونه الأكثر تمثيلاً مسيحياً، فسارع جبران باسيل يومها الى الرد عليه بأنه لا يحسن العد، بينما استغلت “القوات” الفرصة وبدأ من يدور في فلكها بالحديث عن دين لها برقبة “التيار” لسيرها بميشال عون رئيساً في ٢٠١٦، ما دفع أوساط “التيار” الى الرد عبر “لبنان الكبير” بالقول: “صفينا كل ديوناتنا، وبتنا صُلح مع القوات”.
وأشارت الأوساط الى أن “الاتفاق يومها مع القوات كان على دعم عهد ميشال عون، وليس انتخاب الرئيس عون، وعندما انتخبوه وضعوا كل العراقيل وقاموا بكل شيء من أجل ضرب العهد، وهذا يعني أنهم لم يخدموا العهد وأخذوا أكثر مما أعطوا، لذلك لو أكملت القوات معروفها وبقيت واقفة الى جانبنا، لكان حتماً هناك دين لها، لكنهم في منتصف الطريق قطشونا وقطشوا العهد وتحولوا الى أشرس الأعداء ضده، لذلك أي حديث عن دين أو غيره ليس في مكانه”.