يترقب الشرق الأوسط زيارة رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الى الولايات المتحدة، لا سيما لسماع لخطابه أمام الكونغرس وكيف ستكون أصداؤه، فإن لقي تصفيقاً كبيراً، ربما يعتبر أنه يحظى بدعم أميركي كبير، ما قد يدفعه إلى تحصيل أكبر المكاسب الممكنة إن كان في غزة أو في لبنان، وسط عشرات التصريحات من مسؤوليه عن تحييد الخطر في الشمال، بالاضافة إلى الخطر الجديد الذي يشكله الحوثيون من اليمن.
وإن سار نتنياهو بهذا الهوى فهو قد يشعل الشرق الأوسط كله في ظل تأكيدات ايران أنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال تطورت الحرب مع “حزب الله” إلى حرب شاملة، بحيث يشدد مسؤولوها على دخول “محور المقاومة” كله في الحرب. وبدأت الدوائر القريبة من الحزب التحدث عن فترة خطيرة، قد تتوسع الحرب فيها، بعد تنحي الرئيس الأميركي جو بايدن عن خوض الانتخابات الرئاسية، واعادة خلط الأوراق في الولايات المتحدة، بحيث ترى هذه الدوائر أن التنحي قد يعطي مساحة لنتنياهو للتجرد من قيود واشنطن.
وليست دوائر الحزب وحدها من يستشعر الخطر، فحتى لبنان الرسمي بدأ يتحدث بالنفس ذاته، اذ قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إن “التطورات الميدانية الحاصلة في الأيام الأخيرة تدعو إلى الحذر طبعاً، ولكننا نواصل البحث مع المعنيين والاتصالات الديبلوماسية المطلوبة لمنع تفلت الأمور إلى ما لا تحمد عقباه”، مضيفاً: “لا يمكننا القول إن هناك تطمينات وضمانات؛ لأن لا أحد يضمن نوايا العدو الاسرائيلي، ولكننا نواصل السعي الحثيث لمعالجة الوضع”.
وتحدث ميقاتي عن التجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب، مؤكداً “أننا نواصل الاتصالات الديبلوماسية من أجل تأمين تمديد هادئ لولاية يونيفيل، التي نقدر عالياً الدور الأساسي الذي تقوم به في الجنوب والتعاون المثمر بينها وبين الجيش. ومن خلال الاتصالات التي أجريناها لمسنا حرصاً على المحافظة على هذا الدور، لا سيما في الظروف الدقيقة التي يمر بها الجنوب”.
الميدان
ميدانياً، تراجعت حدة المواجهات أمس، في حين استمر استهداف الجيش الاسرائيلي للمنازل، وأعلن “حزب الله” في بيان، عن “استهدافه موقع المالكية بمسيّرة هجومية انقضاضية أصابت إحدى دشمه ما أدى إلى تدمير جزء منها واشتعال النيران فيها”.
وكان الطيران الحربي الاسرائيلي شنّ غارة مساء الأحد، مستهدفاً منزلاً في محيط جبانة بلدة يارون في قضاء بنت جبيل، وأخرى استهدفت منزلاً في بلدة شيحين، حيث توجهت سيارات الاسعاف اليها بعد معلومات عن وقوع اصابات. وأسفر ذلك عن مقتل شخص تبين أنه أحد عناصر الحزب “السوري القومي الاجتماعي” الذي نعاه لاحقاً.
كذلك، استهدف الطيران بلدة ياطر في القطاع الأوسط، والمنطقة الواقعة بين كفركلا والعديسة؛ ما تسبب باندلاع حريق في المكان.
نتنياهو في واشنطن
إلى ذلك، يحل رئيس الحكومة الاسرائيلية اليوم ضيفاً على واشنطن، وفيما لقاؤه بالرئيس بايدن سيكون عرضياً، فان الأهم في الزيارة هو القاؤه كلمة أمام الكونغرس، والتي سيُقاس النجاح فيها بعدد المرات التي سيصفق له خلالها أعضاء الكونغرس ويقفون تقديراً وحماسةً له. وما تعدى ذلك سيكون بمثابة تحديات تقليدية يعرف كيف يصمد بها ويجيّرها لصالحه.
ويتخوف العديد من الشرق أوسطيين والأوروبيين من أن يعتبر نتنياهو نفسه مدعوماً بصورة كبيرة من الأميركيين فيقفز إلى الأمام ويفتح حرباً موسعة على أعدائه في المحور الايراني، لا سيما “حزب الله” في لبنان، الأمر الذي من شأنه إشعال المنطقة كلها، ولكنه سيطيل العمر السياسي لنتنياهو سنوات إلى الامام.
وبدأت خطابات مسؤولي “حزب الله” بالاشارة إلى تصعيد محتمل، فاعتبر عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق أن “الاسرائيلي وضع المنطقة على مسار التصعيد”، لافتاً إلى أن “جبهات المساندة في لبنان والعراق واليمن أيضاً قد أصبحت في مسار جديد، وأدخلت معادلات ميدانية جديدة نأمل من خلالها في زيادة الضغط على العدو الاسرائيلي لإيقاف العدوان؛ لأن التصعيد والضغط في الميدان هما الطريقان الوحيدتان اللتان تجبران الاسرائيليين على وقف العدوان على غزة”.
عندما يلقي نتنياهو خطابه أمام مجلسي الكونغرس، ستجلس نائبة بايدن، كامالا هاريس، وراءه بصفتها رئيسة لمجلس الشيوخ. وسيكون أمام نتنياهو مهمة صعبة في التودد لهاريس التي وعلى الرغم من دعمها لإسرائيل، فإنها تحدثت بلهجة أكثر ودية من بايدن مع المعارضين لتل أبيب في ظل حرب غزة التي ستُلقي بظلالها أيضاً على الخطاب، إذ أعلن نحو 100 مُشرّع ديموقراطي نيتهم مقاطعته.
وبينما يتوقع أن يلتقي نتنياهو مع هاريس، يخيّم شبح الرئيس السابق دونالد ترامب على هذه الزيارة. فالعلاقة الودية التي جمعت بين الرجلين في عهد الرئيس السابق، تبدّدت بعد أن هنّأ نتنياهو بايدن بفوزه على ترامب في الانتخابات الرئاسية في العام 2020؛ ما أثار حفيظة الأخير المعروف بحبه للولاء.
ويسعى نتنياهو إلى إعادة العلاقات إلى مجاريها، فعمد إلى تسجيل شريط فيديو يدين فيه محاولة اغتيال ترامب، الذي وعلى الرغم من أنه أعاد نشر تصريحات نتنياهو على حسابه الخاص في “تروث سوشيال”، فإن هذا لم يضمن لرئيس الوزراء بعد لقاء ثنائياً يجمع بينهما لإعادة إحياء شعلة العلاقة.