بينما يترقب العالم الرد الايراني الذي أكدت طهران تمسكها به كحق، والتبعات على المنطقة من بعده، تفجرت قنابل اقتصادية في أسواق المال، حيث هوت الأسهم والعملات والعقود الآجلة مقابل تزايد الطلب على الذهب، منذرة بأزمة عالمية قد تكون شبيهة بأزمة عام ٢٠٠٨، فيما يتخوف العالم من دخول الولايات المتحدة في ركود اقتصادي، بالاضافة الى تأثير الأحداث الجيوسياسية لا سيما في الشرق الأوسط على هذه الأسواق.
وفي حين لا يعير اللبنانيون اهتماماً للتطورات الاقتصادية العالمية، كونهم عاشوا أكبر انهيار مالي واقتصادي في التاريخ، يعيشون في المقابل هاجس الحرب وإمكان اندلاعها بين ساعة وأخرى، ويسارعون الى ضمان أمنهم الغذائي والدوائي، وفقدان المحروقات، ما دفع المواطنين الى التهافت على شرائها لدرجة أن بعضها فقد من الأسواق، كحليب الأطفال مثلاً. ويأتي ذلك مع انتهاء الموسم السياحي قبل أوانه، بحيث يشهد مطار رفيق الحريري الدولي زحمة مغادرين بعد تحذيرات متصاعدة من السفارات الأجنبية.
الميدان
ميدانياً، خرق الطيران الحربي الاسرائيلي جدار الصوت فوق الجنوب وبيروت محدثاً دوي انفجار هائلاً.
وكان “حزب الله” شن فجراً هجوماً جوياً بِسربٍ من المسيّرات الإنقضاضية على مقر قيادة الفرقة 91 المُستحدَث في ثكنة إيليت، مُستهدفاً أماكن تموضع واستقرار ضباطها وجنودها وأصابها بشكلٍ مباشر. وأعلن صباحاً أيضاً أنه استهدف موقع المالكية بِمسيرة هجومية إنقضاضية أصابت أهدافها بِدقة، وردت إسرائيل باستهداف مسيّرة محيط الجبانة قرب الساحة في بلدة ميس الجبل، ما أدى الى سقوط قتيلين وعدد من الاصابات، تم نقلها الى مستشفى تبنين.
كما استهدف الحزب ثكنة زرعيت بالقذائف المدفعية، وموقع رأس الناقورة البحري بالقذائف المدفعية الثقيلة.
وفي وقت لاحق، نعت جمعية كشافة الرسالة “سعف” في الدفاع المدني، و”حزب الله” علي غالب شقير “جهاد”.
وبعد الظهر، أغار الطيران المسير بصاروخين على منطقة درب الحورات في ميس الجبل، وعلى رب تلاتين، واستهدف آلية على مدخل جبشيت.
الحرس الثوري
وفيما ينتظر العالم الرد الايراني، أعلن قائد الحرس الثوري حسين سلامي، أن إسرائيل “ستنال العقاب في الوقت المناسب”، وقال: “اذا تلقى الصهاينة رداً حازماً سيفهمون أنهم ارتكبوا خطأً باغتيال هنية”، مضيفاً أنها “ضربة في المكان والزمان المناسبين”.
واستدعت وزارة الخارجية الايرانية السفراء ورؤساء البعثات الديبلوماسية المقيمين في طهران لاجتماع مع القائم بأعمال وزير الخارجية علي باقري كني أمس الاثنين لتأكيد عزم إيران الرد على إسرائيل.
وشدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية ناصر كنعاني، على أن لبلاده “حقّها القانوني” في الردّ على إسرائيل و”ردعها”.
ويعيد التوتر الراهن التذكير بوضع شبيه في نيسان الماضي عندما شنّت إيران هجوماً بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد إسرائيل رداً على ضربة جوية دمّرت القنصلية الايرانية في دمشق. ويخشى محللون من أن يكون الرّد الايراني هذه المرة أكثر حدةً.
بايدن يجمع أركانه
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن سيجمع مجلس الأمن القومي “لبحث التطورات في الشرق الأوسط” في وقت لاحق الاثنين، وأن بايدن سيتحدث أيضاً مع العاهل الأردني الملك عبد الله.
وذكر موقع “أكسيوس” الإخباري الأميركي أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أخبر نظراءه من دول مجموعة السبع الكبرى أن إيران و”حزب الله” قد يبدآن مهاجمة إسرائيل، “في الساعات الـ24 أو الـ48 المقبلة”، نقلاً عن ثلاثة مصادر مطلعة على الاتصال. لكن “أكسيوس” نقل عن بلينكن قوله إنه لم يتضح كيف ستهاجم إيران أو “حزب الله”، ولا يعلم الموعد بدقة.
أزمة الأسواق المالية
وسط هذه الاجواء، بدأ هاجس أزمة اقتصادية عالمية شبيهة بأزمة 2008 يتسلل الى الأسواق العالمية، حيث تفاقمت موجة بيع الأسهم يوم أمس الاثنين مع تنامي المخاوف من تأخر بنك الاحتياطي الفيدرالي عن الركب بدعمه للاقتصاد الأميركي المتباطئ، ما دفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذ آمن في السندات.
وانخفضت الأسهم اليابانية لليوم الثالث على التوالي مع تسعير المتداولين لمزيد من الزيادات المحلية في أسعار الفائدة.
كما تثير التوترات في المنطقة مخاوف المستثمرين وسط تقارير تفيد بأن إيران قد توجه ضربة إلى إسرائيل للانتقام من اغتيالات مسؤولين في “حزب الله” و”حماس”.
وتراجعت أسهم الأسواق العربية خلال تداولات الاثنين أيضاً، وذلك على اثر الاضطرابات الجيوسياسية، والهبوط الحاد الذي تشهده الأسواق الآسيوية، والتذبذب في أسعار النفط والذهب.
وتصدر “سوق دبي المالي” التراجعات بنسب تجاوزت 4%، تلاه سوق الأسهم السعودية بتراجع تجاوز 3%.
وصعدت العقود الآجلة لأسعار الذهب (الملاذ الأمن)، في تعاملات الاثنين. وارتفعت العقود الآجلة للمعدن النفيس بنسبة 0.51% إلى 2482.50 دولاراً للأونصة، بينما انخفضت العقود الفورية للذهب بنسبة 0.36% إلى 2434.20 دولاراً للأونصة.
نهاية الموسم السياحي في لبنان
الى ذلك، انتهى الموسم السياحي في لبنان باكراً، بعد تحذيرات عالية النبرة من السفارات الأجنبية.
ويشهد مطار رفيق الحريري الدولي حركة مغادرين كثيفة، عدا عن الغاء عشرات الرحلات.
وأفيد عن إلغاء الكثير من الحفلات الفنية والمهرجانات في العاصمة والمناطق، ما يعني تلقائياً تكبد القطاع بمرافقه الفندقية والسياحية والمطاعم والملاهي خسائر جسيمة تفوق، حسب التقديرات، الـ 3 مليارات دولار، غير قابلة للتعويض آنياً بسبب قرب نهاية فترة العطلات السنوية التي يعوّل عليها بتوافد الزائرين.
في المقابل، تشهد الأسواق المحلية تهافتاً على شراء السلع وتخزينها، تخوفاً من أن تندلع الحرب، فيما يعمد آخرون الى شراء السلع لبيعها لاحقاً بأسعار مضاعفة، وقد بدأ المواطنون يلحظون فقدان بعضها، وعلى رأسها حليب الأطفال.