توعد اليمين الاسرائيلي المتطرف بإعادة تصحيح “وضع” مستمر منذ 30 عاماً، معتبراً أن الحرب الحالية لا يمكن أن تنتهي الا بالقضاء على “حماس” و”حزب الله”، ومهدداً بالمزيد من القتال، بعدما شهدت الجبهة الجنوبية الشهر الفائت أعلى مستوى من التصعيد منذ 8 تشرين الأول الماضي، مع أكثر من 1307 عمليات إطلاق صواريخ على مواقع إسرائيلية، بحسب احصاء اسرائيلي.
وبينما يتراوح التصعيد على الجبهة الجنوبية بين ليلة حامية وأخرى فاترة، كان الوضع على الجبهة القضائية يتفاقم، مع إشهار كثيرين سكاكينهم بعدما أطبق القفص على الطريدة، وكأن حرب القضاء على الحاكم السابق للمصرف المركزي رياض سلامة قد أعلنت من دون أن تتضح بعد أبعاد هذه الدراما ومدى انتفاع المواطن اللبناني منها، أقله في الودائع المسروقة.
وفيما يتناسى مسؤولو الداخل اللبناني أن مسؤولية الشغور الرئاسي تقع على عاتقهم، لا سيما وأننا بتنا عشية مرور عامين من دون رئيس، نتيجة تعنّت كل فريق بما يخدم مصالحه الخاصة، لم يغب لبنان عن فكر الخارج الذي يحاول قدر المستطاع مساندته لاخراجه من أزماته المتواصلة وعلى رأسها ملف الفراغ، الذي تحرّك بمجرد وصول الموفد الرئاسيّ الفرنسيّ جان ايف لودريان إلى السعودية للقاء المستشار نزار العلولا، ورجحت المعطيات المتداولة التوافق على إنعقاد اللجنة الخماسية على مستوى السفراء في بيروت في 14 أيلول الجاري، أي بعد أقل من عشرة أيام.
وفي حين أن طبخة الرئاسة تطهى على نار خفيفة، كان للقاء الديمان دلالاته اللافتة مع النواب المستقيلين الأربعة، خصوصاً وأنها الزيارة الأولى بعد جملة من المشكلات الداخلية الحزبية، وكانت بمثابة مرحلة جديدة من عمل هؤلاء النواب، وبمثابة تأكيد إستمرارية مسؤولياتهم تجاه من إنتخبوهم.
جديد ملف سلامة
وبالعودة الى تطورات قضية سلامة، تسلّم قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي، الملف، وادعاء النيابة العامة المالية ضدّه بجرائم “اختلاس أموال عامة، وتبييض أموال، والإثراء غيير المشروع”، وباشر درسه على الفور، وقرر استجوابه يوم الاثنين المقبل، مع استمرار توقيفه على ذمة التحقيق.
وأفادت المعطيات المتداولة بأن “أحد وكلاء الدفاع عن سلامة قابل قاضي التحقيق وتبلغ منه موعد الجلسة، حتى يتمكّن محامو الدفاع من حضور جلسة الاستجواب وتقديم المساعدة القانونية التي يحتاج اليها موكلهم”، موضحة أن “استجواب سلامة في هذا الملفّ قد يستغرق أكثر من جلسة، وربما يستعين القضاء بخبراء ماليين لاستيضاح بعض الأمور الواردة في تقرير هيئة التحقيق الخاصة، الذي كان السبب المباشر في توقيف الحاكم السابق”.
رفض طلب عون
وفي ظل حسابات “التيار الوطني الحر” الشعبوية، حددت القاضية غادة عون، يوم الأربعاء المقبل، موعداً لاستجواب سلامة في 3 ملفات مالية عالقة أمامها، على الرغم من أن تعميم النائب العام التمييزي القاضي بكفّ يد القاضية، المقربة من الرئيس السابق ميشال عون، عن النظر في الملفات المالية والمصرفية، لا يزال ساري المفعول.
وحضرت القاضية عون شخصياً إلى دائرة النيابة العامة التمييزية وأودعت كتاباً موجهاً منها إلى القاضي جمال الحجار، طلبت بموجبه تمكينها من التحقيق مع الحاكم السابق. الا أن الحجار سارع، وفق المعلومات إلى رفض طلبها، وانسجاماً مع القرار الذي اتخذه سابقاً بكفّ يدها عن الملفات المهمة، بما فيها ملفات المصارف.
الميدان
وفي الميدان المشتعل، شنّ الطيران الحربي الاسرائيلي غارات على أطراف بلدتي صديقين وكفرا، ما أدى الى أضرار جسيمة في الممتلكات.
وأعلنت عمليات طوارئ الصحة عن “سقوط شهيد وجريح نتيجة غارة العدو الاسرائيلي على بلدة كفرا”، ليسارع “حزب الله” وينعيه.
كما أغار الطيران على أطراف بلدة عيتا الشعب في القطاع الأوسط، وألقت مسيّرة إسرائيلية قنبلة حارقة على منطقة تل النحاس جهة بلدة كفركلا. وطال قصف مدفعي منطقة راس الظهر في ميس الجبل.
وأعلن الجيش الاسرائيلي أن “مقاتلاتنا اعترضت هدفين جويين مشبوهين انطلقا من لبنان. وهاجمنا بنية تحتية عسكرية لحزب الله في منطقة قانا”.
اسرائيل لحرب واسعة ضد لبنان
الى ذلك، طالب وزير المالية الاسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، المحسوب على اليمين، بشنّ حرب واسعة ضد لبنان، وعدَّ أن الحرب يجب أن تنتهي بعد القضاء على حركة “حماس” و”حزب الله”. وقال، في تصريح إذاعي أمس: “إننا ندفع، الآن، ثمن 30 عاماً من التصور الخاطئ بعدم الاستعداد لدفع أثمان الحرب، لذلك جعلنا وحوش الإرهاب في غزة ولبنان تزيد قوتها، وهذا انتهى خلال ولايتنا، والحرب يجب أن تنتهي، فيما حماس وحزب الله غير موجودين”.
لقاء الديمان
وفي الديمان، التقى البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، النواب المستقيلين الأربعة، وقال النائب إبراهيم كنعان بعد اللقاء: “حراكنا يتخطّى الأشخاص والمصالح الشخصية الى دعوة للقاء مع الجميع حول مجموعة من الخطوات بعيداً عن كل التراكمات الماضية لأنه لا يمكن بناء مستقبل مشترك بروحية التفرقة والتشرذم والأحقاد والتخوين بين اللبنانيين والأخوة والشركاء بالوطن”.
ورأى أن “الخرق الأول المطلوب هو الخرق الرئاسي من خلال تحالف وطني نسعى الى تحقيقه لإنقاذ لبنان من حالة الفوضى والانهيار الحاصل واعادة تكوين السلطة وانطلاقة جديدة على كل المستويات”، مشدداً على أن “الجمود والتصلّب في السياسة اليوم يقفلان علينا أبواب الحلّ من الداخل ويجعلاننا في حالة عجز يحدّ من قدرة تأثيرنا على الحلول ويضعاننا تحت رحمة تسوية خارجية ليس لنا رأي أو تأثير فيها”.