“ترند” الـ Life Coaching… الحذر واجب!

محمد شمس الدين

مواقع التواصل الاجتماعي على الرغم من أنها صغّرت العالم، إلا أن سلبيات عديدة نتجت عنها، أهمها هو “الترند”، بحيث يسير رواد التواصل خلف أي صيحة جديدة، من تحديات ومنافسات وغيرها. اليوم ما إن تتصفح مواقع التواصل حتى تجد مئات من الـ Life Coaches، أو “مدربي الحياة”، وهم أشخاص يظهرون في فيديوهات ويعطون نصائح عن الحياة، وكيف يمكن تطوير الذات وتحسين حياة الانسان، ويتابعهم الآلاف، بانتظار النصيحة اليومية، ومنهم من أصبح اليوم مشهوراً عالمياً، يلقي المحاضرات، وينتظره آلاف المتابعين. ولكن على الرغم من شهرتهم، إلا أن غالبية هؤلاء المدربين لا يمتلكون شهادات اختصاص في علم النفس، المهنة الوحيدة المخولة مساعدة الشخص الذي يعاني اضطرابات ما، اذ قد يتلقى نصيحة سيئة تزيد حالته سوءاً. فماذا يقول علماء النفس عن ظاهرة الـ Life Coaching؟

الأخصائي في علم النفس الدكتور نبيل خوري أشار في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أنه أصبحت هناك نقابة للمعالجين النفسيين، لافتاً الى أن “الوحيد المخول أن يعطي نصائح ونظريات وإرشادات في علم النفس هو المنتمي الى النقابة، أما أولئك غير المنتمين، فالكثيرون منهم لا يملكون شهادات، ولقب الـ Life Coach، هو طريقة لقول كلام لا يتحمل قائله مسؤوليته”.

أضاف خوري: “إذا كان هذا المدرب صالحاً، وقام بدراسات متكاملة عن الـlife coaching، فلا مشكلة لدينا، قد نسمع له ونأخذ رأيه في الاعتبار، إذا كان مثقفاً، أما إذا كان مثل نصائح (أم ملحم)، فهذا شأن آخر، ويستطيع أي كان إسداءها، ويمكن أخذها في الاعتبار، ولكن لا يمكنها أن تحل مكان العلاج النفسي الفعلي. وللأسف ليس هناك إشراف على هذا الموضوع، الفوضى عارمة في كل مكان، والمفروض أن تضبط، لأن هناك فئة منهم تضر، ولذلك وجبت التوعية. إلا أن التوعية لا تنفع مع مجتمع لا يريد أن يعي”.

اما أستاذة علم النفس في الجامعة اللبنانية رشا تدمري، فشددت على وجوب “التأكد من هوية الشخص الذي ينوي أي كان الذهاب إليه من أجل جلسة متعلقة بعلم النفس، وإذا كان حاصلاً على إذن مزاولة المهنة”، موضحة أنه “أصبح لدينا كنفسانيين إذن مزاولة مهنة، نحصل عليه عبر وزارة الصحة منذ 4 سنوات، لذلك يجب علينا، عندما نقرر زيارة معالج ما أن ننتبه الى اللقب الذي يضعه لنفسه، لأن الفرق كبير بين درس علم النفس وأفكاره، وبين الـ life coach، كون الكثيرين منهم يكونون من خلفيات مختلفة، وليسوا أصلاً في مجال علم النفس، قد يكونون حازوا على تدريب ما ويأخذون لقب مدرب حياة، ويبدأون بإعطاء النصائح، التي لا تكون صحيحة دوماً، بل للأسف في كثير من الأحيان تكون سيئة، فهم قد يفتحون جروحاً عند الأشخاص ولا يعرفون كيف يغلقونها، وهنا الكارثة الكبرى”.

ورأت تدمري أنه يجب على الدولة متابعة هذا الأمر، مؤكدة أن “تعويلنا على النقابة الإلزامية لعلماء النفس، التي تخوض سنتها الأولى، وفي بنود خطة عملها ملف الـlife coaching، من أجل إيجاد طريقة ما لمنع هؤلاء الأشخاص من ممارسة مهنة العلاج النفسي”.

وتمنت على الأشخاص الذين يمتهنون الـ life coaching أن يصرحوا عن خلفيتهم، معتبرة أن “ليس هناك من خطأ في إعطاء النصائح ضمن إطار معين، ولكن يجب أن يؤكد الشخص نفسه أنه ليس اختصاصياً، بل مجرد شخص يعطي نصيحة يمكن أن تنطبق على فئة معينة ولا تنطبق على فئة أخرى قد تكون تعاني من مشكلات نفسية، ويمكنها أن تكون نصيحة كشكل وقاية أو توعية، لا أن تتدخل في حالات تكون لديها مشكلات نفسية، بل الإصرار على من يعاني هذه المشكلات لمقابلة اختصاصي”، آملة من الأشخاص الذين يعانون من حالات نفسية، “ألا يستهينوا بحالتهم ويذهبوا الى أي شخص، بل عليهم التأكد من مؤهلات هذا الشخص، لكي يستطيع مساعدتهم”.

لبنان بلد الابتكارات والصيحات، تعوّد شعبه على “الترند” حتى قبل مواقع التواصل الاجتماعي، فمثلاً مرت فترة كانت الصيحة هي محال “النت كافيه”، وأصبح الجميع يريد فتح مثل هذا المحل. اليوم الصيحة هي الطاقة الشمسية، والجميع أصبحوا مهندسي طاقة شمسية. وهكذا عبر التاريخ اللبناني، نرى أن الشعب يسير في أي صيحة جديدة، ولكن في موضوع الـlife coaching، الأمر أكثر خطورة، فماذا لو كان هناك شخص لديه trauma، واعتمد على نصيحة مدرب حياة؟ قد يسوء وضعه أكثر بكثير من قبل. لذلك وجب الحذر، وكذلك أن تتدخل الدولة لفرض رقابة على الموضوع، فممارسة طب النفس من دون رخصة هي مخالفة للقانون، وعلى أولئك الذين يبدون النصائح لتطوير الذات ويعتبرون أنفسهم مدربي حياة، أن يعلنوا بصورة واضحة لمتابعيهم، أنهم يعطون نصيحة، ولا يملكون المؤهلات الكافية لعلاج حالات نفسية.

شارك المقال