فيول ايراني في أجواء لبنان بانتظار “بشائر” نيويورك

لبنان الكبير

بينما تزداد الأوضاع المعيشية صعوبة مع ارتفاع الأسعار الغذائية والاستهلاكية ومنها صفيحة البنزين التي تخطت الـ 700 ألف ليرة، وانقطاع التيار الكهربائي 24 ساعة على 24 ساعة في اليوم وسط وعود بالفيول الايراني، ينتظر اللبنانيون عودة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يرأس وفد لبنان في اجتماعات الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتّحدة في نيويورك، لتشكيل حكومة جديدة خصوصاً وأن أوساطاً مواكبة للتأليف أكدت لموقع “لبنان الكبير” أنه أصبح محسوماً الا اذا استجد أمر ليس في الحسبان، كما هناك ترقب لما ستفضي اليه اللقاءات التي سيعقدها ميقاتي على هامش أعمال الجمعية العامة لا سيما ما يتعلق بالاستحقاقات الدستورية، الحكومية والرئاسية منها ولاسيما أنه سيلتقي الرئيسَ الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن والرئيس الايراني ابراهيم رئيسي.

وفي قراءة لأهمية هذه اللقاءات، ومدى تأثيرها على الأوضاع الداخلية وعلى الأزمات التي تعصف بالبلاد، أشار أحد السياسيين الى أنه بغض النظر ان كانت هذه الدول مشغولة بقضاياها الكبرى، وان كانت لا تزال مهتمة بالشأن الداخلي اللبناني، فإن المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى ملء الشغور من قبل اللبنانيين وفي لبنان، اذ لا يمكن للدول الصديقة والشقيقة أن تعمل أكثر من النصيحة والارشاد والتمني. ولا يمكن لهذه الدول أن تتدخل بالقوة وبالفرض لارغام اللبنانيين على اتمام الاستحقاقات الدستورية. وبالتالي، المسؤولية أولاً وأخيراً، تقع على عاتق اللبنانيين، والخارج ينصح ويلح، ولا يمكنه القيام بأكثر من ذلك اذا لم تكن النوايا متوافرة لدى المسؤولين الذين هم مسؤولون بصورة مباشرة عن القيام بواجباتهم تحت طائلة الخيانة العظمى لأن تفريغ المؤسسات الدستورية في البلد هو بمستوى الخيانة العظمى. ولا يجوز لأحد أن يتذرع بالقول انه “ما طلع بإيدنا” أو “ما خلونا”. اذا لم يقرر اللبنانيون انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة ومواجهة الأزمة الكبرى التي يعيشونها، فلا ينتظروا من أحد الانقاذ لا الرئيس ماكرون ولا غيره. هذه اللقاءات حتماً مفيدة وغير ضارة في كل الأحوال، وقد تكون ضرورية، لكن لا يمكن التعويل عليها بمعنى أنها لا تعفي القوى السياسية اللبنانية من القيام بواجباتها، والتوجه نحو انتخاب رئيس جمهورية. وهنا نجزم بأن فرنسا لا مرشحين للرئاسة لديها حتى هذه الساعة انما تدعو الى عدم الفراغ، وتضع بعض المواصفات العامة التي قد تمكن الرئيس المقبل من التواصل مع الخارج لمعالجة الأزمات المالية والاقتصادية وغيرها. هذا ما تقوم به فرنسا التي لا تلمّح الى أي شخصية ولا تسمّي خلافاً لما يشيعه البعض لأنها تعلم تماماً أن طرحها لاسم قد يعرضها للفشل، وهذا ما لا تجازف به دول مثل فرنسا التي دخلت في الماضي في موضوع الأسماء، ولم يستجب لطروحاتها. من هنا التأكيد أن فرنسا لن تطرح أسماء للرئاسة، لكن في حال تطورت الأمور وشعرت أن هناك سخونة على مستوى الحالة الداخلية، وأن هناك حالة من الفوضى الكبيرة مترافقة مع شيء من الجهوزية في العناوين الكبرى لانتخاب رئيس، ربما تقترح اسماً لا يكون مرشحها انما تعتبره مقبولاً ومعقولاً لكن حتى هذا اليوم، لا شيء في هذا الوارد. من المتعارف عليه أن الرئيس الفرنسي ورؤساء الدول الصديقة يحاولون ارشاد لبنان للعودة الى خطى الدستور، وهناك حرص لدى هذه الدول وفي طليعتها فرنسا على عدم سقوط الجمهورية اللبنانية. وفي المحصلة، أهم ما يجب أن يتحلى به المسؤولون، المعرفة والمحبة والاخلاص للبلد، لكن نحن في حالة تسيّب وكأن الحكم حقيبة يحملها المسؤول ويأخذها الى منزله. نحن نحتاج الى شهامة الواجب والقيام به، وحان الوقت لجمع المعرفة والارادة في السلطة.

وفيما أصدرت محكمة أميركية حكماً على “حزب الله” بدفع تعويضات لمجموعة من الأميركيين الذين رفعوا دعوى قضائية، قائلين إنهم أصيبوا بصواريخ الحزب خلال حرب تموز عام 2006، بحيث أمر القاضي الحزب بدفع تعويضات قدرها 111 مليون دولار، يواصل الحزب مساعيه ووساطته في التشكيل الحكومي لتسهيل مهمة التأليف فور عودة ميقاتي من نيويورك، بحيث أكد مصدر متابع لـ “لبنان الكبير” أن الحكومة قاب قوسين من الولادة، مشدداً على أهمية التشكيل وانتخاب رئيس للجمهورية، لكن الاصرار على التشكيل اليوم يأتي على سبيل الاحتياط في حال الشغور على المستوى الرئاسي، اذ أن الفريق الذي بإمكانه التعطيل أي “حزب الله”، يقيم حساباته في حال لم يتمكن من ايصال الرئيس الذي يريده الى بعبدا، تكون هناك حكومة كاملة الصلاحيات تستطيع الحكم، مستفيداً من الوقت على أمل الوصول الى تسوية ما. وهنا نقول انه اذا تضافرت جهود المعارضة، يمكن ألا نصل الى الشغور بحيث ينتخب رئيس حين يدعو رئيس المجلس النيابي الى جلسة.

وبغض النظر عن الأسباب التي دفعت الجميع الى التنازل بهدف التشكيل، فإن ما يدعو الى الاستغراب أن الاصرار على التشكيل، ترافق مع حسم حتمية الشغور الرئاسي وكأن الاستحقاق الحكومي بديل من الاستحقاق الرئاسي مع العلم أن الاستحقاقين دستوريان يجب اجراؤهما في المواعيد المحددة.

وفي هذا الاطار، أكد أحد السياسيين والدستوريين أنه لا يمكن لأي عمل أن يكون بديلا من آخر. الحكومة تبقى حكومة وفي حال الشغور الاستثنائي الموقت والعابر يمكن أن تتولى السلطة مرحلياً، لكن العجز عن تأليف حكومة ومنع انتخاب رئيس للجمهورية في آن واحد هو ذروة الخيانة العظمى لأن الامتناع عن تطبيق الدستور هو أدهى من خرقه اذ يؤدي الى نوع من اعدام الجمهورية. بكل أسف ان لبنان اليوم بين أياد عدوّة أكثر منه في حمى حكم جدير. الحديث عن أن تشكيل حكومة يعني حتماً أن هناك شغوراً رئاسياً، يمكن وضعه في خانة الخيانة العظمى بحيث أن عدم انتخاب رئيس ونهاية الولاية يعني الفراغ. وفي هذه الحالة هناك تفريغ ارادي لا مجرد صدفة. انه جرم مشهود اذ يعلم المسؤولون متى تنتهي المهل، ويدركون الآليات الدستورية في هذا الاطار، ولا يقومون بالواجب. هذا دليل ارادة في تفتيت البلد، يقتضي صحوة شعبية جارفة تفرض العودة الى الدستور. كل ما نسمعه اليوم من تفسيرات ليس سوى هروب الى الأمام وذرائع تدل على الفشل، وكل هذه التمويهات لا تغيّر حقيقة أننا أمام حكم فاشل وعاجز ومرتكب. وبالتالي، الدولة اللبنانية اليوم خارج مسار النظام الديموقراطي، وكأن لبنان محكوم بأناس يسعون الى تصفيته بدلاً من انقاذه.

في حين اعتبر مصدر سياسي آخر أن مشكلات انتخاب رئيس الجمهورية منفصلة بشكل أو بآخر عن التشكيل الحكومي، أي أنه حتى الآن ليس هناك من فريق يستطيع أن يجمع لوحده 86 نائباً الضروريين لاكتمال النصاب في الجلسة الأولى. وفي هذا السياق، فإن الأفرقاء لم يصلوا فعلاً الى درجة التوافق حول نوعية الرئيس المطلوب. وبالتالي، هناك خشية اليوم عند الجميع من تدهور الوضع في حال دخلنا في مرحلة الشغور، والأوضاع الأمنية التي شهدناها في الأيام الأخيرة هي التي أصبحت ضاغطة، والاصرار على التشكيل مرتبط بهذا الاعتبار أكثر مما هو مرتبط بالشغور على مستوى الاستحقاق الرئاسي.

على صعيد آخر، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري، المجلس الى عقد جلسة يوم الاثنين المقبل لمتابعة درس وإقرار مشروع الموازنة العامة لعام 2022.

وفي هذا السياق، رأى أحد المحللين أن الجلسة محاولة لاسترضاء جماعة صندوق النقد الدولي، وشراء للوقت وهروب الى الأمام بدل أن يدعو رئيس البرلمان، مجلس النواب الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية خصوصاً أن مختلف الكتل النيابية لديها اعتراض على الموازنة، ومن استطاع أن يعطل الجلسة السابقة يمكنه تعطيل جلسة الاثنين اذ لا شيء تغير. ما كنا عليه لا زلنا عليه. اليوم المهم تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن والدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، وعدم الدعوة يعتبر إخلال بالواجب. ونأمل أن يكون الهدف من عقد جلسة الموازنة الاثنين فسحاً في المجال أمام جلسة مفترضة لاحقاً لاعطاء النواب ثقتهم بالحكومة الجديدة لأنه بات من المؤكد أن التشكيل قريب.

شارك المقال