كورونا: بين مطرق اللقاح وسندان الأعراض الجانبية

حسناء بو حرفوش

لقاحات كورونا في قلب الاهتمامات الصحية والتغطية العالمية وسط مخاوف مستمرة من الأعراض الجانبية التي تصل في بعض الأحيان إلى حد فقدان الحياة. من “جونسون وجونسون” (Johnson & Johnson) الأمريكي إلى “أسترازينيكا” و”فايزر” و”مودرنا” و”سبوينيك”، ما أبرز ما كتبته الصحافة العالمية؟

توصيات بوقف استخدام لقاح “جونسون آند جونسون”

أكدت “نيويورك بوست” الأمريكية عن مصادر مطلعة لشبكة “سي إن إن” الأمريكية أن الولايات المتحدة تستعد لوقف استخدام لقاح “جونسون آند جونسون” بعد حالات تجلط دموية، على أن يتم مراجعة بيانات تتضمن 6 حالات (نساء) تم الإبلاغ عنها لنوع نادر وشديد الحساسية من التجلط الدموي بعد تلقي اللقاح.

ونقلت عن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية أن “مركز السيطرة على الأمراض وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية يأخذان المخاوف بشأن جلطات الدم ولقاح جونسون آند جونسون على محمل الجد ويقومان بجمع البيانات بعناية شديدة”. ولذلك دعت إلى “الإيقاف المؤقت لاستخدام لقاح جونسون آند جونسون للتأكد من أن القطاع الطبي على دراية بإمكانية حدوث تلك المضاعفات الضارة، والعمل على العلاج المطلوب لهذا النوع من التجلط الدموي”.

استمرار المخاوف حول “استرازينيكا”

وتستمر المخاوف حول لقاح “أسترازينيكا” (AstraZeneca PLC) مع ازدياد الاشتباه بتسببه بحالات تجلط دموي نادرة. الأمر الذي يستدعي المزيد من الدراسة.

وبالانتظار، سلطت “وول ستريت جورنال” و”ذا غارديان” الضوء في تقارير على احتمال تأجيل حملة التطعيم لهذا السبب، لأشهر في بعض البلدان مثل استراليا، في انتكاسة تهدد بتمديد إغلاق حدود البلدان المعنية والتأثير على انتعاشها الاقتصادي.

وكانت السلطات الصحية في المملكة المتحدة وأوروبا قد أكدت على وجود صلة محتملة بين لقاح “استرازينيكا” وعدد صغير من حالات تجلط الدم، لكنها لم تثبت بعد علاقة سببية مؤكدة. وعلى الرغم من عدم تحديد عوامل الخطر، أوقفت بعض البلدان استخدام اللقاح مؤقتًا في الفئات العمرية الأصغر.

وكان عدد من الدول الأوروبية قد أوقف مؤقتًا في منتصف شهر مارس، طرح اللقاح بعد تقارير عن حدوث جلطات دموية لدى عدد صغير ممن تلقوه، وسط مخاوف بشأن سلامة اللقاح لدى المتلقين الأصغر سنًا.

ومع ذلك، خلصت الوكالات المعنية إلى أن فوائد اللقاح لا تزال تفوق المخاطر المحتملة، ولا يزال يتعين على الأشخاص الحصول عليه عندما يُطلب منهم ذلك.

Vaxzevria  وجلطات الدم: المخاطر في السياق

ونشرت مجلة “فارماسوتيكال” الالكترونية العلمية أنه تم إعطاء أكثر من 20 مليون جرعة من لقاح AZ أسترازينيكا الذي بات يعرف بـ Vaxzevria ،  في المملكة المتحدة حتى الآن. ونقلت عن مصادرها أن “خطر حدوث جلطة دموية خطيرة نتيجة اللقاح هو ما يقرب من واحد من أصل كل 250.000 شخص تم تطعيمهم، أو أربعة من كل مليون”.

وذكرت أن فيروس كورونا نفسه ينطوي على مخاطر كبيرة لحدوث جلطات دموية؛ وفقًا لدراسة في مجلة “ثوراكس” ( Thorax ) التي تعنى بالصحة، سجل “معدل انتشار الانسداد الرئوي والتخثر الوريدي العميق لدى الأشخاص المصابين بالفيروس 7.8٪ و 11.2٪ على التوالي. علاوة على ذلك، وبحسب الدراسة، عادةً ما يصاب حوالي 10000 شخص بجلطات دموية في الاتحاد الأوروبي في أي شهر معين، بينما تحدث حوالي 3000 حالة جلطة دموية شهريًا في المملكة المتحدة. ويبلغ خطر الإصابة بتجلط الجيوب الأنفية الوريدي الدماغي (CVST) – أحد أنواع الجلطات الدموية التي لوحظت لدى متلقي Vaxzevria – حوالي خمسة في المليون؛ أعلى بقليل من المخاطر المرتبطة باللقاح.”

فعالية اللقاحات الصينية في دائرة الشك؟

هذا واستمرت التساؤلات حول مدى فعالية اللقاحات الصينية، خصوصا بعد تصريحات أطلقها غاو فاو، مسؤول صحي في مركز الصين للسيطرة على الأمراض والوقاية، اعتبر “أنه أسيء فهمها”.  وبحسب فاو، اللقاحات التي تطورها الصين منخفضة الفعالية، مضيفا أن الصين تبحث إمكانية دمج اللقاحات لزيادة فعاليتها.

وأعلنت الصين عن تطويرها حتى الساعة “أربعة لقاحات مختلفة اعتمدت للاستخدام العام، رغم ما أظهرته تجارب خارج البلاد من انخفاض فعالية تلك اللقاحات دون نسبة الـ 50 في المئة”. ومع ذلك، تدعي بعض الدراسات أن “نسبة الحماية قد تتجاوز الثمانين بالمئة في تقييم الفعالية للقاحات بناء على الأعراض الشديدة للمرض التي تستلزم دخول المشفى”.

نقل موقع “بيزنس انسايدر” (Business insister ) عن طبيبة مختصة، أن “تجربة كبرى أظهرت أن لقاح سينوفاك  (Sinovac ) الصيني فعال بنسبة 50.7٪ ضد كورونا في تجربة في البرازيل”، وذكّر بأن “المعيار القياسي للقاح الذي يستحق استخدامه بحسب منظمة الصحة العالمية هو نسبة 50٪”.

وأشار الموقع إلى أن الشريك البرازيلي لشركة  Sinovac، أعلن أن لقاح CoronaVac المكون من جرعتين آمن وفعال بنسبة 50.7٪ ضد أعرض كورونا، لكن عدد الحالات كان صغيرًا جدًا للتأكد من الرقم الدقيق في الاختبارات. وشملت الدراسة اللقاح في أكثر من 12000 عامل صحي في 16 موقعًا في البرازيل. أما عن الأعراض الجانبية، فعبر البعض عن ألم في موقع الحقن وآلام في العضلات. ومع ذلك، تفاوتت الفعالية بحسب الأرقام المعلنة من البلدان (فعالية بنسبة 83.5٪ في تركيا لعينة أكثر من 10000 مشارك تتراوح أعمارهم بين 19 و 59 عامًا).

وتبلغ تكلفة اللقاح حوالي 30 دولارًا لكل جرعة، وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية الصينية، ويمكن تخزينه في درجات حرارة الثلاجة العادية، لذلك قد يكون خيارًا مفيدًا للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل التي تكافح لتأمين اللقاحات، بحسب ما نقل التقرير. وقد تم بالفعل إرسال أكثر من 180 مليون جرعة من جرعات CoronaVac إلى 30 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل، بما في ذلك البرازيل وتشيلي والفلبين.

فايزر ومودرنا: فعالية كبيرة لكن الخطر موجود

ونشر موقع “فوربز” (Forbes ) الأمريكي، مقالا شارك فيه الامتنان لأن “لقاحات Moderna و Pfizer / BioNTech هي من بين أكثر اللقاحات المطورة فعالية في الوقاية من العدوى والأمراض”. ومع ذلك، حذر من أن “أفضل اللقاحات قد تفشل في حماية بعض الأشخاص لبعض الوقت. وتظهر بيانات التجارب السريرية من كل من Pfizer / BioNTech و Moderna أنها فعالة بنسبة 95 ٪ تقريبًا ، مما يعني أن 5 ٪ من الذين تم تطعيمهم بالكامل لا يزالون معرضين لخطر الإصابة حتى بعد وقت قصير من حصولهم على الجرعة الكاملة، في الوقت الذي يعتقد أن اللقاحات تحقق أقصى قدر من الفعالية”.

سبوتنيك: الأقرب فعالية من فايزر ومودرنا

كما سلطت وسائل الإعلام الأوروبية والعالمية على توجه أوروبي نحو “لقاح “سبوتنيك” الروسي في محاولة لإعادة توجيه بوصلة التطعيم.” ويأتي ذلك بعد حملات تشكيك بالطعم الذي وصف بـ”أداة دعاية لسياسة الكرملين الخارجية”. ويدرس المعنيون في حكومات الاتحاد الأوروبي طريقة بدء محادثات مع مطوري “سبوتنيك” بعد إشارات عن فعاليته بعد تجارب هنغاريا وسلوفاكيا وإبداء التشيك اهتماهها بصفقة مماثلة. في وقت تسعى إيطاليا فيه لانتاجه بمصنع قريب من روما.  وكانت مجلة “لانسيت” الدولية  قد نشرت في فبراير الماضي دراسة عن فعالية كبيرة للقاح الروسي قدرتها بحوالي 92٪ ، مما يجعلها الأقرب إلى فعالية لقاحي “فايزر” وموديرنا”.

خلط اللقاحات ومحاولة للتخلص من عدم اليقين

ونشر موقع “هيليو” (healio ) الطبي تقريرا حول “تحول النقاش حول التطعيم إلى خلط اللقاحات في حال لم تتوفر الجرعة الثانية لأول لقاح تم تلقيه”. وسلط الضوء على “تجربة يقودها باحثون في جامعة أكسفورد، يحصل المشاركون خلالها على جرعة واحدة من لقاح Pfizer-BioNTech وجرعة واحدة من لقاح AstraZeneca. وقال الخبراء إن النتائج يمكن أن توضح عدم اليقين المحيط بخلط اللقاحات.”

ونقل الموقع عن صحيفة “نيويورك تايمز”، إصابة “خبراء الصحة “بالصدمة” عندما أجرت المملكة المتحدة تغييرًا على إرشاداتها في كانون الثاني (يناير) للإشارة إلى أن لقاحات كورونا يمكن أن تكون مختلطة. “

طفرة التطبيقات الذكية

وسط هذه الأجواء، سلط الاعلام الضوء على طفرة في مجال التطبيقات التي تتوخى إخطار الناس حول المستجدات المتعلقة باللقاح ضد فيروس كورونا. فنقلت فرانس 24 على سبيل المثال تقريرا متلفزا يظهر المعاناة من بعض المشاكل حتى في أكثر البلدان تطورا. ففي فرنسا، تتعرض المنصة الالكترونية المخصة للقاح لضغط كبير من المستخدمين الذين يريدون الحصول على اللقاح بأسرع وقت، ينتج عنه بطء في الشبكة. لذلك قام عدد من الأشخاص بابتكار تطبيقات تساعد في مراقبة الداتا حول الجائحة وتقدم يد المساعدة للدولة.

وبالمحصلة، تتفاوت القراءات وتتضارب أحيانا حول نوع اللقاحات وفعاليتها لكن الثابت الوحيد والقاسم المشترك بينها يبقى أن اللقاح هو الملجأ الأخير للحماية من جائحة تهدد البشرية جمعاء.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً