اسرائيل ترى حرباً مع لبنان في الأشهر المقبلة

لبنان الكبير / مانشيت

وسط استمرار السخونة على الحدود الجنوبية بتبادل القصف بين “حزب الله” واسرائيل بشكل أصبح روتيناً يومياً، بالاضافة إلى انخراط فصائل لبنانية وفلسطينية في “الحرب المضبوطة”، وتزامناً مع اعلان ايران عن استمرار فصائلها في الهجوم على اسرائيل طالما أن حرب غزة لم تنتهِ، اعتبر رئيس الأركان الاسرائيلي هرتسي هاليفي، أن احتمال حدوث الحرب مع “حزب الله” في الأشهر المقبلة أصبح أعلى بكثير مما كان عليه في الماضي، فيما حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن أي “مواجهة شاملة” بين إسرائيل ولبنان ستكون “كارثية تماماً”، فيما لا يزال لبنان يربط مصيره بانتهاء الحرب في غزة.

أما الراعي الرسمي لفصائل الممانعة، إيران، التي نفد صبرها من اسرائيل فأطلقت صواريخها نحو العراق وباكستان وسوريا أول من أمس، فقد عاشت تبعات هذا الأمر أمس، ولقيت تنديداً دولياً وكذلك من الدولتين السياديتين اللتين تعرضتا للقصف، كون بشار الأسد لا يعرف معنى السيادة أصلاً، فطردت باكستان السفير الايراني من أراضيها واستدعت سفيرها من طهران، بينما قرر العراق تقديم شكوى ضد حليفته، واعتبر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن ايران لا تستطيع مهاجمة اسرائيل فتهاجم بلداً حليفاً، واصفاً الأمر بـ “الخطأ الاستراتيجي”.

وفي دافوس، يسيطر هاجس حرب غزة واحتمال توسعها على نقاشات المشاركين في المؤتمر السنوي، حيث وصف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الصراع في غزة بأنه “مؤلم”، معتبراً أن ثمة حاجة إلى دولة فلسطينية “تعطي الناس ما يريدون وتتعاون مع إسرائيل لتعمل بكفاءة”.

وأشار الى أن واشنطن سمعت من كل دولة تقريباً في الشرق الأوسط أنها تريد حضور الولايات المتحدة على طاولة المناقشات لبحث طرق إنهاء الحرب بين إسرائيل و”حماس” في غزة، قائلاً: “هناك احتمال كبير لامتداد الحرب في أنحاء الشرق الأوسط”.

في الغضون، رفض مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قرار من شأنه أن يجبر وزارة الخارجية على إعداد تقرير في غضون 30 يوماً للتحقق مما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت انتهاكات لحقوق الانسان في حربها على حركة “حماس” في قطاع غزة.

وفيما اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن الوضع الحالي أظهر أن حل الدولتين هو الطريقة الأساسية لحل هذه المشكلة، قال إن طرفي الصراع “يتجاهلان القانون الدولي ويضربان باتفاقيات جنيف عرض الحائط بل ينتهكان ميثاق الأمم المتحدة”.

أضاف غوتيريش: “العالم يقف متفرجاً بينما يتعرض المدنيون، ومعظمهم من النساء والأطفال، للقتل والتشويه والقصف وإجبارهم على ترك منازلهم وحرمانهم من المساعدات الانسانية”. وكرر دعوته إلى “وقف فوري لاطلاق النار لتخفيف المعاناة الانسانية، وإلى إطلاق عملية تهدف إلى تحقيق سلام دائم بين الاسرائيليين والفلسطينيين من خلال تطبيق حل الدولتين”.

إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان أن هجمات “محور المقاومة” على إسرائيل ومصالحها ستتوقف إذا انتهت الحرب في غزة، محذراً من احتمال أن يفاقم الصراع التوتر في الشرق الأوسط.

وشدد على أن “انتهاء الابادة الجماعية في غزة سيؤدي إلى نهاية الأعمال العسكرية والأزمات في المنطقة”، مؤكداً أن “أمن البحر الأحمر مرتبط بالتطورات في غزة والجميع سيعاني إذا لم تتوقف جرائم إسرائيل في غزة… كل جبهات المقاومة ستظل نشطة”.

وفي غزة، كثفت إسرائيل هجومها على خان يونس في جنوب القطاع أمس ووجهت الدبابات غرباً وسط اتهامات من الأردن بأن المستشفى الميداني العسكري التابع له في المدينة تعرض لأضرار بالغة بسبب القصف القريب.

وحمّل الجيش الأردني إسرائيل مسؤولية “الانتهاك الصارخ للقانون الدولي” بعد الأضرار التي لحقت بالمستشفى نتيجة القصف الاسرائيلي لمحيطه. ولم يصدر تعليق فوري من الجيش الاسرائيلي.

وفرّ الناس من مستشفى آخر هو مستشفى ناصر والمنطقة المحيطة به مع اقتراب الدبابات خلال الليل بعد بيان للجيش الاسرائيلي قال فيه إنه تعرض لاطلاق نار من المنطقة.

ودوت أصوات انفجارات ناجمة عن القصف والغارات الجوية على مسافة أبعد غرباً في خان يونس مع تقدم الدبابات الاسرائيلية، وتصاعدت خطوط من الدخان الأسود الكثيف من مواقع الانفجارات.

وأعلنت إسرائيل أنها قتلت ستة مسلحين فلسطينيين من بينهم قيادي في حركة “حماس” في المنطقة الجنوبية مسؤول عن استجواب الجواسيس المشتبه بهم. وأشار الجيش في بيان يلخص أحدث عملياته الى أن مقتل مسؤول مكافحة التجسس بلال نوفل “يؤثر بشكل كبير على قدرة التنظيم الإرهابي على تطوير قدراته وتعزيزها”.

واندلع القتال في جباليا ذات الكثافة السكانية العالية في شمال غزة بعد يوم من اقتحام الدبابات الاسرائيلية أجزاء من الشمال كانت قد غادرتها الأسبوع الماضي.

وفي جنوب لبنان، استمرت السخونة على حالها، قصف متبادل على طول الحدود، وطال القصف الاسرائيلي أمس الكنيسة الانجيلية الوطنية في وسط بلدة علما الشعب، وأحدث أضراراً كبيرة في منزل راعي الكنيسة القس ربيع طالب، فيما أعلن “حزب الله” عن استهداف عدة مواقع اسرائيلية، بينما تبنت “كتائب القسام” قصف إسرائيل بنحو 20 صاروخاً من لبنان، في مؤشر جديد على انخراط فصائل غير الحزب في القتال جنوباً.

وذكرت “كتائب القسام” في بيان مقتضب أن القصف استهدف ثكنة “ليمان” العسكرية في الجليل الغربي بشمال إسرائيل “في سياق الرد على المجازر الصهيونية بحق المدنيين في قطاع غزة”.

واعتبر رئيس الأركان الاسرائيلي أن نسبة اندلاع الحرب في الشمال ارتفعت كثيراً، وقال في بيان: “لا أعرف متى ستبدأ الحرب في الشمال، أستطيع أن أقول لكم إن احتمال حدوثها في الأشهر المقبلة أعلى بكثير مما كان عليه في الماضي”.

وفي دلالة على سعي المجتمع الدولي الى منع توسع الحرب، أكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الأهمية التي يوليها للبنان، مذكراً بالجهود التي بذلتها فرنسا بهدف تجنّب اتساع رقعة الحرب. وقال: “بالنسبة الى قرارات مجلس الأمن المتعلقة بحدود لبنان، فقد عبّرنا عن حذرنا الشديد منذ البداية بهدف تجنب توسيع رقعة الحرب في المنطقة وتجنب أن يلتحق حزب الله بالحرب ويقوم بتهديد أمن اسرائيل وأن ينتشر النزاع في لبنان”.

أضاف ماكرون: “ان فرنسا متمسكة بسلام لبنان واستقراره، وقمنا منذ البداية بتمرير رسائل مباشرة وغير مباشرة ونقلها الى جميع القوى السياسية اللبنانية، وجميع القوى العسكرية، وعملنا كل ما يمكن لتجنب التصعيد، وقدمنا مقترحات عدّة في الأسابيع الماضية، الى جانب الولايات المتحدة، للاسرائيليين من أجل التقدّم حول هذه المسألة، ونعتقد أنه لا بدّ من احترام القرارات، وخصوصاً أن تتوقف الضربات التي شنّت خلال الأسابيع الماضية وكذلك أن يتم وضع حدّ للتوغل، واحترام القرار 1701 من الجانبين، وهذا أمر لا غنى عنه”.

شارك المقال