حدث يشبه أحد مشاهد أفلام الخيال العلمي، هجوم اسرائيلي لم يعرف بعد بالتحديد كيف تم تنفيذه، انفجرت أجهزة “البايجر” التي يستخدمها عناصر “حزب الله” ما أدى الى مقتل 9 أشخاص وسقوط نحو 2800 إصابة في حصيلة أولية، ما تسبب بطوفان في المستشفيات التي تخطت قدرتها الاستيعابية، الأمر الذي ذكر اللبنانيين بمشهد انفجار مرفأ بيروت، فيما بدأ الاعلام الاسرائيلي الحديث عن أن الثقل بدأ ينتقل إلى الجبهة الشمالية بعد الهجوم.
وسبق الهجوم إعلان الجيش الاسرائيلي عن إحباط عملية لـ”حزب الله” كانت تستهدف شخصية أمنية، وقالت وسائل الاعلام العبري إن المستهدف هو رئيس الأركان الاسرائيلي السابق غابي اشكينازي، ما يذكر بالذريعة التي استخدمتها اسرائيل قبيل اجتياح عام 1982، بحيث اتهمت مجموعة أبو نضال الفلسطينية بمحاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في بريطانيا، فهل تكون مجزرة “البايجر” ومحاولة الاغتيال المزعومة عنصري الفتيل لاشعال الحرب الموسعة؟
واشنطن تنفي ضلوعها
وبينما حضت واشنطن طهران على تجنب تصعيد “التوترات” بعد الانفجارات، أعلنت أنها “ليست ضالعة” ولم تكن على علم مسبق بانفجار أجهزة الاتصال في لبنان.
وقال الجيش الاسرائيلي إن كبار القادة، بمن فيهم رئيس الأركان الجنرال هرتسي هاليفي، عقدوا اجتماعاً لتقييم الوضع “بخصوص حالة الاستعداد على الصعيدين الهجومي والدفاعي على الجبهات كافة”، من دون تقديم تفاصيل.
وذكر الجيش بأن “لا تغيير في تعليمات الجبهة الداخلية”، لكنه أشار الى وجوب “الحفاظ على حالة اليقظة ليتم إطلاع الجمهور على كل تغيير في السياسة المتبعة بشكل فوري”.
“حزب الله”
وأعلن “حزب الله” في بيان، عن وفاة طفلة واثنين من المقاتلين وإصابة عدد كبير بجروح مختلفة. وفيما أشارت المعلومات إلى إصابة قيادات في الحزب في الهجوم ومقاتلين على الجبهات، أعلنت وكالة “مهر” الايرانية للأنباء أن السفير الايراني لدى لبنان مجتبى أماني، أصيب في انفجار جهاز اتصال محمول (بايجر)، وقالت وسائل إعلام لبنانية إن إصابته ليست بليغة، وقد نقل إلى “مستشفى الرسول الأعظم” للمعالجة، لتعود بعدها السفارة الايرانية في بيروت، وتؤكد الخبر، مشيرة إلى أنه أصيب بجروح سطحية، وأنه “بكامل وعيه، ولا يوجد أي خطر عليه”.
كذلك، نقلت وكالة “رويترز” عن مصدرين أمنيين تأكيدهما مقتل عنصر في “حزب الله” ونجل نائب من الجماعة في تفجير أجهزة اتصال محمولة بلبنان، ووفق المعلومات، فإن النائب هو عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” علي عمار.
كما نقلت الوكالة عن مسؤول كبير في “حزب الله” تأكيده أن الأمين العام للحزب حسن نصر الله، لم يصب بأذى في تفجيرات أجهزة الاتصال، فيما أفادت وسائل إعلام لبنانية بإصابة نجل المسؤول الإعلامي في “حزب الله”، محمّد عفيف بجروح طفيفة، واثنين من أبناء رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب، وفيق صفا ونجل النائب في الحزب حسن فضل الله.
“طوفان” المستشفيات
وبينما ملأت أصوات الإسعافات الشوارع في بيروت والمناطق التي سقط فيها جرحى، أعلنت مستشفيات النبطية أن قدرتها الاستيعابية بلغت ذروتها، مناشدة تحويل المصابين إلى مستشفيات صيدا. فيما أشارت المعلومات إلى أن مستشفيات الضاحية الجنوبية لبيروت امتلأت أيضاً بالجرحى، ونقل المصابون إلى مستشفيات في بيروت وجبل لبنان، في حين ناشدت المستشفيات في كل المناطق المواطنين التبرع بالدم.
وعلى أثر الهجوم السيبراني، طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من وزير الصحة العامة فراس الأبيض، إستنفار كل أجهزة الوزارة لمواكبة معالجة الجرحى في المستشفيات.
وقالت وزارة الصحة إن ثمة “أعداداً كبيرة من المصابين بجروح مختلفة تتوافد إلى المستشفيات اللبنانية، وتبين بصورة أولية أن الإصابات تتصل بتفجير أجهزة لاسلكية كانت بحوزة المصابين”. وطلبت من جميع المستشفيات في مختلف المناطق اللبنانية ولا سيما في المناطق المتاخمة لأماكن حصول الاصابات، الاستنفار إلى أقصى درجة ورفع مستوى استعداداتها لتلبية الحاجة السريعة إلى خدمات الطوارئ الصحية. ووجهت الوزارة “نداء للتنسيق مع الصليب الأحمر اللبناني للتبرع بالدم تحسباً للحاجة التي يمكن أن تطرأ لوحدات دم للجرحى المصابين”.
وأعلن الصليب الأحمر اللبناني أن أكثر من 30 سيارة إسعاف تشارك في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، فيما أعلن الدفاع المدني عن تخطي المستشفيات في محافظة الجنوب قدرتها الاستيعابية، حيث تعمل آليات الإسعاف على نقل الجرحى إلى مستشفيات أخرى خارج المحافظة.
الميدان
وعلى الرغم من أن الحدث كان تفجير أجهزة الاتصال “البايجر”، بقي الميدان على سخونته حيث استهدف الجيش الاسرائيلي أطراف بلدتي علما الشعب ويارين في القطاع الغربي، بعدد من القذائف. وسجلت غارة على منزلين في بليدا. وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن أن غارة العدو الاسرائيلي على بلدة بليدا أدت إلى استشهاد ثلاثة أشخاص وإصابة اثنين بجروح. وتحدث الجيش الاسرائيلي عن استهداف خلية لـ “حزب الله” في بلدة بليدا ومقتل 3 عناصر. واستهدفت مسيرة اسرائيلية مجرى نهر الليطاني عند اطراف بلدة دير سريان. كما استهدف الطيران بعد الظهر سيارة على طريق بلدة مقنة في البقاع الشمالي.
في المقابل، أعلن “حزب الله” أنه إستهدف “جنود العدو الإسرائيلي في تلة الكرنتينا بالأسلحة المناسبة وحققنا إصابة مباشرة، ومرابض مدفعية العدو في الزاعورة بالأسلحة الصاروخية وحققنا إصابة مباشرة”. وأشار الى أنه “رداً على اعتداءات العدو الاسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة وخصوصاً في بلدة بليدا، شن هجوماً جوياً بأسراب من المسيرات الانقضاضية على مقر مستحدث لقوة استطلاع من لواء غولاني 631 في ثكنة راموت نفتالي مستهدفة أماكن استقرار ضباطها وجنودها وأصابت أهدافها بدقة”. وصدر عنه سلسلة بيانات أيضاً، أكد فيها أنه “استهدف العدو الاسرائيلي في موقع العباد وعند رصد تحرك لِمجموعة من جنوده في محيط الموقع، استهدفها مجاهدو المقاومة الإسلامية بالأسلحة المناسبة وحققوا فيها إصابات مؤكدة”. وأضاف: “بعد رصدِ هدفٍ للعدو الإسرائيلي في محيط موقع العباد، استهدفه مجاهدو المقاومة الإسلامية فجراً بِصاروخ موجّه أصابه بشكلٍ مباشر”.
وأشار الحزب أيضاً الى أن “مجاهدي المقاومة الاسلامية استهدفوا مبانٍ يستخدمها جنود العدو في مستعمرة المنارة بالأسلحة المناسبة وأصابوها مباشرة”. وأعلن أيضاً أن “بعد مراقبة ومتابعة لِقوات العدو الإسرائيلي في موقع راميا وعند رصد تجمع لِآلياته داخل الموقع، استهدفها مجاهدو المقاومة الإسلامية ليل أمس بالصواريخ الموجهة وأصابوها بشكلٍ مباشر مما أدى إلى تدميرها واشتعال النيران فيها، وعند دخول قوة إسناد إلى الموقع استهدفها المجاهدون بِقذائف المدفعية وحققوا فيها إصابات مؤكدة”.