طرابلس ستحصل على المازوت الإيراني… فما هو موقفها؟

إسراء ديب
إسراء ديب

تُعدّ أزمة شح المازوت في لبنان من أكثر الأزمات التي دفعت الاقتصاد اللبناني إلى الانهيار بشكلٍ سريع، إذ لا تتمكّن أيّ مؤسسة أو أيّ إدارة رسمية أو خاصّة من الصمود أمام شدّة هذه الأزمة التي ضربت اللبنانيين الذين لم يتوقّعوا يومًا أنّ المازوت هو عصب حياتهم و”عماد” اقتصادهم المنهار أصلًا منذ سنوات عديدة.

وأثار دخول صهاريج المازوت الإيراني من سوريا إلى لبنان منذ أيّام، انقسامًا في الرأيّ العام اللبناني لا سيما في طرابلس، بين مؤيّد ومناصر لدخول هذه المادّة بعد تفاقم الأزمات المعيشية ومع ازدياد الحاجة إليها من جهة، وبين معارضين وغاضبين من دخول المازوت الإيراني إلى لبنان ممّا يُعطي “حزب الله” القدرة الأكبر على الإمساك بزمام الأمور وتشديد قبضته على مختلف المحافظات والأقضية اللبنانية بدءًا من الشمال وصولًا إلى الجنوب، وفق ما يرى المعارضون.

في الواقع، أغضبت صورة انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي (لا سيما في المواقع والمجموعات الإخبارية) الطرابلسيين، بعد تأكيدها على توزيع المازوت الإيراني بين الأقضية كافّة ما عدا طرابلس، إذ رُصدت في الخطة العديد من المناطق والمحافظات الشمالية ما عدا الفيحاء، ممّا أشعل غضب الكثير من الطرابلسيين الذين شعروا بحساسية إزاء هذا الملف الذي سيُشكّل نقطة فاصلة على صعيد الاقتصاد اللبناني، بحسب عدد من الخبراء.

وفي الوقت الذي انتشرت فيه هذه الصورة، تُشير المعلومات إلى أنّ العديد من المؤسسات الطرابلسية اتجهت إلى تقديم طلبات منذ أيّام للحصول على المازوت الإيراني، كالأفران والمستشفيات التي يقوم بعضها ومنذ أشهر بإطلاق صرخات مندّدة بنقص المازوت لتُهدّد بإقفال أبوابها، وهي ما تزال تنتظر الردّ.

علّيق: طرابلس على خريطتنا

ينفي مدير شركة “الأمانة للمحروقات” أسامة علّيق غياب طرابلس عن خريطة توزيع المازوت الإيراني. ويقول لـ”لبنان الكبير”: “وردتنا الكثير من الاتصالات من مدينة طرابلس تسأل عن سبب غياب المدينة عن الخريطة، لكن نؤكّد أنّ طرابلس موجودة على خريطتنا ولم نستبعدها كما قيل، ولا ندرك من أرسل هذه الصورة وما الهدف منها ولا سيما أنّها قد تُثير البلبلة في هذه الظروف”.

ويُضيف: “المازوت الإيراني يصل على دفعات والحركة هذه ستبقى دائمة بسبب الحاجة الماسة إليه واليوم وصلت دفعة جديدة نوصلها إلى البقاع لتتجه إلى المناطق المختلفة وقد وصل منها إلى طرابلس وغيرها، ولم نوزع حتّى اللحظة في المدينة لكن وصلت كمّيات إلى المخازن التي نقوم بتغذيتها بحسب حجمها وطاقاتنا للتوزيع”.

علّوش: يقتل القتيل ويمشي بجنازته

يرى نائب رئيس تيار المستقبل الدكتور مصطفى علّوش أنّ المواطن اللبناني بات صاحب حاجة ولا يُمكن ألّا تُعطيه من المازوت حين يتوافر أمامه، مشدّدًا على أنّ “حزب الله” هو من خلق هذه الحاجة وتراكماتها عند الناس. ويقول علّوش لـ”لبنان الكبير”: “الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله لا يقوم بأيّ تصرّف بغية الصدقة بل يشتري ذممًا من خلالها، وبالفعل هذا الحزب يقتل القتيل ويمشي بجنازته باختصار، فتوزيع هذه المادّة في طرابلس سينعكس عليها بالتأكيد، فالمواطن أخذ (بالعجقة) ونسي الضربات والمآسي الطويلة التي واجهها وكان سببها الحزب، لكن حاجة المواطنين لا تمنع صاحبها من رفض هذه الصهاريج”.

درويش: نفضّل الدّولة ولكن

يعتبر النائب علي درويش أنّ الحاجة عند المواطنين باتت كبيرة للغاية وأنّ الدولة في ظروفها الحالية تعيش حالة من الانحلال، ولكن في الوقت عينه “لا نرفض أيّ مبادرة تُساهم في تخفيف الأزمة من أيّ جهة كانت، لكن نفضّل أن تؤدي الدولة دورها لتُدير الأمور في هذه المرحلة”، حسبما يقول لـ”لبنان الكبير”.

المير: نحتاج إلى المازوت

لا تُمانع نقابة الأفران في الشمال الحصول على المازوت الإيراني، بل تعتبر أنّها تقبل هذه المبادرات من كلّ دولة أو جهة تُساهم في الحدّ أو التخفيف من حدّة الأزمة التي تُؤدّي شيئًا فشيئًا إلى تدمير قطاع الأفران.

ويُؤكّد نقيب الأفران في الشمال طارق المير لـ”لبنان الكبير” أنّ النقابة تقدّمت منذ حوالى 3 أيّام بطلب الحصول على المازوت من خلال الأرقام والرابط الموجود، لكن لم تحصل على جواب حتّى اللحظة. ويقول: “نريد أن نطعم الناس خبزًا، ورسميًا لا يوجد توزيع للمازوت الذي يُعدّ أساسيًا في عملنا، وبالتالي نحن نحتاج إلى تزويدنا به من كلّ العالم ونتقبّله من كلّ الدّول ما عدا الاحتلال الإسرائيلي”.

وإذ يُؤكّد أنّ هذا القبول من النقابة لم يلق رفضًا من أيّ طرف، فهو يُشير إلى أنّ الأفران في خطر مستمرّ وهي مهدّدة بإقفال أبوابها، ولا سيما بعد تسليم وزارة الاقتصاد المازوت من 2 أيلول إلى 7 أيلول من هذا العام، لكن هذه الكمّيات انتهت.

الطرابلسيون… بين الانتظار والخيبة

يعيش الطرابلسيون في الآونة الأخيرة خيبة أمل كبيرة من قياداتهم السياسية التي يرونها أنّها تخلّت عنهم في مآسيهم المختلفة، ليُعلن البعض منهم عدم ثقته بالطبقة السياسية الحالية وما تقوم به، أمّا البعض الآخر فبات يتلقّف أيّ فرصة تُساعده على تخطّي هذه الأزمات، مما دفعه إلى تأييد المازوت الإيراني حتّى لو كان من جهة سياسية يُعارضها معظم الطرابلسيين وهم ينتظرون “الوعد الصادق” الذي أطلق مؤخرًا، بحسب فئة كبيرة من الطرابلسيين ترفض هذه الحصّة، معتبرة أنّ الحزب هو مسؤول مباشر عن عمليات التهريب إلى سوريا وعن الكثير من الأزمات الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية التي وصل إليها لبنان.

من هنا، يرى عابد ع. أنّ “حزب الله” كان يتمكّن من فرض منع التهريب على كلّ الحدود اللبنانية، “فهو بات يُدير كلّ شيء في هذه البلاد ولا تقف أيّ جهة سياسية في وجهه للحدّ من نفوذه، فالصهاريج الإيرانية دخلت عنوة ومن دون الالتزام بالقوانين اللبنانية في اعتداء صارخ على سيادة الدّولة اللبنانية النائمة في قصر بعبدا وعين التينة”.

وتسخر فاطمة خ. من القيادات السياسية لا سيما الطرابلسية، وتقول لـ” لبنان الكبير”: “هذا ما جناه السياسيون علينا بسبب إهمالهم للشعب الذي يشترونه بكرتونة من البيض والسمنة، والآن الحزب يدخل إلى كلّ منطقة لبنانية وهم يتفرجون، وقد تمّ تجويعنا وترويعنا بسبب تراكم المشاكل المختلفة، ليصلوا إلى أهدافهم”.

أمّا محمّد ك. فلا يُصدّق وعود الحزب أو غيره، ولا ينتظر مازوتا من أيّ جهة كانت، ويقول: “نرفض إذلالنا بهذه الطريقة، وفي كلّ مرّة تختار هذه الأحزاب أسلوبًا لإذلالنا به، مخطئ من يُصدّق هذه الأكاذيب التي تحمل أهدافًا استراتيجية بعيدة المدى وسندفع ثمنها قريبًا للغاية”.

من جهته، يرى أحمد ع. أنّ “حزب الله” يقوم بخطوة إيجابية مستغلاً غياب الفاعليات الشمالية، معتبرًا أنّ “من يرى في هذه الخطوة سلبية ما، فليُرسل صهاريج مازوت للمؤسسات التي تموت يوميًا بسبب هذه الأزمة، وأيّا يكن سبب هذه الأزمة فهي أفضل من النوم في العتمة والذل”.

قائمة وزعت لم تكن طرابلس ضمنها
قائمة وزعت بعد إضافة طرابلس
شارك المقال