انتخابات 2022… تحت المجهر الدولي

هيام طوق
هيام طوق

حكومة “معاً للانقاذ” أو حكومة الانتخابات النيابية أو حكومة “العمل والأمل”، لا تهم التسميات والألقاب إنما الأفعال لأن الدول “مفتحة” عيونها على مسار الحكومة، وتضعها تحت مجهر المراقبة الدقيقة، والتي من أولوياتها القيام بورشة اصلاحات كشرط أساسي لضمان مساعدة المجتمع الدولي، واجراء الانتخابات النيابية التي تشكل نافذة الأمل للتغيير وإطاحة الطبقة الفاسدة، مع العلم أن هناك الكثير من اللقاءات والتصريحات الصادرة عن مسؤولين وبعثات غربية وأوروبية تشدد على ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها، وقطع الطريق أمام أي محاولة لتطييرها أو تأجيلها لأنها ربما تكون الأمل الأخير في التغيير المنشود، وبالتالي فإن الاستحقاق الذي من المفترض أن يتم في أيار 2022 بات خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه تحت أي ظرف.

رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي أكدا إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، لكن بعد كل الوعود الكاذبة، وتطيير الانتخابات الفرعية، باتت الثقة شبه معدومة داخلياً وخارجياً بالكلام المنمق والجميل الذي يصح فيه القول “اقرأ تفرح جرّب تحزن”، خصوصا ان معلومات سرت في الآونة الأخيرة عن سعي بعض الأطراف الى تأجيل الانتخابات الى ما بعد الانتخابات الرئاسية بحيث يتسنى للمجلس الحالي انتخاب رئيس جمهورية جديد.

وفي حين لم تتّضح بعد صورة التحالفات واللوائح في المناطق التي تُبحث على نار حامية داخل التيارات والأحزاب والقوى المعارضة وهيئات المجتمع المدني، كما أكد ممثلو هذه الأطراف لـ”لبنان الكبير”، تحدثت مصادر صحافية عن امكان تقريب موعد الانتخابات النيابية الى شهر آذار المقبل بسبب مصادفة شهر رمضان في أيار موعد الاستحقاق ولقربه من موعد الانتخابات الرئاسية في تشرين وكذلك البلدية والاختيارية. وتعزو هذه المصادر القرار لرغبة البعض بانتقال لبنان إلى مرحلة جديدة تواكب التطورات المتسارعة في المنطقة. 

تقريب الانتخابات غير مؤكد

واستوضح “لبنان الكبير” الأمر من عضو “كتلة الوسط المستقل” النائب علي درويش الذي أكد انه “حتى اللحظة لم يطرح موضوع تقريب موعد الانتخابات. لكن بعد أخذ الحكومة الثقة، سيكون هناك العديد من المواضيع والنقاط التي ستطرح، وموضوع تقريب موعد الانتخابات قد يكون وارداً انما حتى اللحظة لا يمكن تأكيده”.

وعن الاطراف الذين يسعون لتأجيل الانتخابات كي ينتخب المجلس الحالي رئيساً للجمهورية، لفت درويش الى ان “لا صحة لهذه المعلومات، ومن يطرح هذا الطرح لا يستند الى وقائع ملموسة”، معتبراً انه “بعد كل ما حصل في البلد، من الطبيعي أن تكون الانتخابات محطة مهمة، وعلى الشعب أن يقول كلمته، ويحسن اختيار ممثليه”. 

البعثات الديبلوماسية لا تتدخل

من جهة أخرى، أشارت مصادر سياسية لـ”لبنان الكبير” الى ان البعثات الديبلوماسية الغربية والفرنسية يبدون اهتماماً في اجراء الانتخابات في موعدها كمحطة دستورية يستطيع من خلالها الشعب اختيار ممثليه خصوصاً بعد تعثر المبادرة الفرنسية وتشكيل الحكومة على مدى أكثر من سنة، لكنهم لا يتدخلون في رسم خريطة التحالفات أو الاسماء أو في أي تفصيل آخر. وفي هذا الاطار، برزت جولة للسفيرة الفرنسية آن غريو في الايام الماضية، على عدد من المسؤولين السياسيين، بحثت معهم الملف الحكومي وركزت على أهمية اجراء الانتخابات النيابية.

وأشار الوزير السابق زياد بارود الى ان “الانتخابات النيابية استحقاق لبناني بالدرجة الاولى، ومن الطبيعي الاصرار على اجرائه في موعده. مبدأ حصول الانتخابات في موعدها مبدأ دستوري، ويأتي احتراماً للوكالة الشعبية التي أعطيت في أيار 2018 وتنتهي في أيار 2022، لافتاً الى ان المنظمات الدولية تضغط باتجاه ان تحترم الدولة اللبناية التزاماتها الدستورية، وهناك تقاطع بين هذا المطلب وبين حق اللبنانيين بأن تجرى الانتخابات في موعدها بمعزل عن الاستطلاعات، وعلى الرغم من ملاحظاتنا العديدة على قانون الانتخاب”.

ورأى ان “الانتخابات محطة قد تؤدي الى خروقات وتغيير، وبكل الاحوال ستؤدي الى اعادة خلط الاوراق التمثيلية بمعنى ان الانتخابات ستعيد رسم الخريطة التمثيلية الانتخابية، معتبرا انه في قراءة بسيطة للواقع، نلاحظ تبدلاً في المزاج الشعبي الذي سيحدد حجم التغيير في صندوق الاقتراع”.

وشدد بارود على ان “الفرنسيين ليسوا في وارد التدخل لرسم خريطة تحالفات انما يطالبون بإجراء الانتخابات في موعدها. نريد لبننة كل الاستحقاقات”.

خروق محتملة للمجتمع المدني

وفي السياق عينه، لفتت مصادر صحافية الى ان سفراء دول غربيين يعقدون اجتماعات مع مجموعات الثورة والمجتمع المدني تحضيراً للانتخابات، ويطّلعون منهم على برامج عملهم ومدى استعدادهم لخوض الاستحقاق موحدين، الا ان المدير التنفيذي لـ”ملتقى التأثير المدني” زياد الصّائغ أكد ان “ما يتم تداوله عن ان البعثات الديبلوماسية تلتقي هيئات المجتمع المدني تحضيراً للانتخابات النيابية غير صحيح. الانتخابات شأن لبناني سيادي داخلي، وسنخوضها برؤية لبنانية سيادية، معتبرا ان الانتخابات استحقاق أساسي ومحطة لاعادة تكوين السلطة، والمجتمع المدني معني بإنجاز مواجهة منظمة ضمن رؤية وقيادة وبرنامج موحدين كي يستطيع مواجهة المنظومة التي تستخدم المؤسسات الدستورية والعسكرية والأمنية والمالية إضافة الى عنصر الاذلال والتجويع الذي يعيد انتاج القواعد الزبائنية”.

وتابع: “المجتمع المدني يعمل على تنظيم نفسه لخوض هذا الاستحقاق مع ضرورة التنبه الى ان هذه الانتخابات قد تُفخخ بإجرائها من خلال عمليات تزوير وممارسات خارج السياق الدستوري والديموقراطي، ومن الممكن أن تُفخخ بعدم اجرائها، وهذا سيناريو يجب وضعه في الحسبان، لكن في كل الأحوال الاستعداد ضروري لأن الانتخابات فرصة أساسية للمواجهة مع الاعتراف بأن هناك اختلافاً بموازين القوى اذ ان القوى المجتمعية الحية فاقدة لإمكانات المواجهة بالمعنى العملاني، وهي تواجه تحالفاً مافيوياً وميليشيوياً يملك كل الإمكانات اما لتفخيخ الانتخابات واما لتطييرها”.

ولفت الى ان “استطلاعات الرأي تتحدث عن احتمالات خرق كبيرة للمجتمع المدني اذا خاض الاستحقاق موحداً، ومن الطبيعي أن تسعى السلطة لتطيير الانتخابات. العمل جاد في كل القوى المجتمعية الحية وقوى ثورة 17 تشرين على تشكيل أوسع تحالف للمعارضة لخوض الانتخابات، ونحن على قناعة بأن هذا الموضوع أساسي لاعادة تكوين السلطة التي ستحاول اختراقنا وتشغيل أجهزتها ضدنا وتخترق ربما بعنصر المال والترهيب والتطويع، مشدداً على أن المجتمع الدولي مطالب بالاستمرار بالضغط لاجراء الانتخابات في موعدها، واجراء رقابة مسبقة على آلية المنظومة في الإعداد للانتخابات وخلالها وبعدها أي خلال فرز النتائج وصدورها لأن كل امكانات التزوير موجودة”.

ورأى الصائغ انه “اذا أرادت المنظومة فعلاً اجراء انتخابات نزيهة عليها ان تسعى لانشاء الهيئة المستقلة لادارة العملية الانتخابية، والسماح برقابة عربية ودولية صارمة لأننا لا نثق بالمنظومة مع العلم ان الرقابة لا تخرق السيادة لأنها جزء من مسؤولية المجتمع الدولي حين تكون الدولة محتلة ومستباحة، ولبنان عضو مؤسس في الامم المتحدة وجامعة الدول العربية”.

شارك المقال