طهران وباكو تقرعان طبول الحرب

حسناء بو حرفوش

تستمر حدّة التوتر بالارتفاع بين كل من إيران وأذربيجان، وفقاً لمقال في موقع “آسيا نيوز” (asianews) الإيطالي، على خلفية ملفات عدة مثل نشر القوات والأسلحة على الحدود، والتوترات التي طفت إلى السطح مجدداً في العام 2018، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني. يضاف إلى ذلك تجمع موجات اللاجئين على الحدود مع أذربيجان، وإعلان تركيا استعدادها لمساعدة “الأشقاء” في باكو، والتوترات المعهودة بين السنة والشيعة، وسعي الآذريين للحصول على دور ريادي في القوقاز.

ووفقاً للمقال، يترجم هذا التوتر من “خلال المستجدات على الحدود بين أذربيجان وإيران، حيث بلغ الجيشان أقصى درجات التأهب، ونشر الإيرانيون معظهم قواهم على طول الحدود، مما ينذر بخطر حقيقي لاندلاع الصراع (…) كما قام الإيرانيون بحسب ما نشرت مواقع إيرانية بعدة مناورات حربية في الأيام الأخيرة باستخدام المدرعات والطائرات المسيرة وقاذفات الصواريخ المتعددة والصواريخ التكتيكية. كما نُقل عن الاستعراض الإيراني للإمكانات البحرية للحرس الثوري في مياه الخليج. وبالعودة إلى الحدود البرية، دفع عرض العضلات الإيراني بالإضافة إلى التصريحات التي تحذر من أي عداء ضد البلاد، بالأذريين لنشر العناصر وأنظمة الأسلحة بدورهم على الحدود مع إيران.

مع ذلك، تتهم طهران باكو بأنها المحرك الرئيسي للتصعيد، مضيفة أن مناوراتها الخاصة مخطط لها منذ بعض الوقت. كما أن أذربيجان تدرك عدم تكافؤ القوة العسكرية الواضحة مقارنة بالجمهورية الإسلامية، وذلك على الرغم من إعلان تركيا استعدادها بالفعل لمساعدة “الأشقاء في أذربيجان”، والمقابل للروابط الأخوية بين أذربيجان وتركيا وباكستان وشعوبها والتي أشار إليها قائد القوات الخاصة في أذربيجان، حكمت ميزاييف. ومع ذلك، من شأن أي استفزاز بسيط مثل إضرام النار في صور قاسم سليماني والقادة الإيرانيين الأعلى رتباً على سبيل المثال في باكو، أن يؤدي إلى اشتباكات مسلحة حقيقية.

وعادت الصراعات بين إيران وأذربيجان للظهور في العام 2018 بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني، وما تلاه من حظر أميركي جديد على النفط الإيراني، إلى جانب عقوبات جديدة أخرى. وقد أثرت مشاكل الجمهورية الإسلامية مع الولايات المتحدة في النظام الأمني في منطقة جنوب القوقاز بأكمله. كما شهدت أذربيجان تدفقاً خارجاً عن السيطرة على حدودها الجنوبية، للاجئين، بمن في ذلك العديد ممن وصفتهم بالمتطرفين الإسلاميين؛ ومن أجل مواجهة موجة الهجرة، أغلقت باكو الحدود مع إيران.

ولا تتعلق القضية بالأمن فقط، بل كذلك بدور أذربيجان وسلطتها في منطقة القوقاز، وزعامة باكو التي فرضت العام الماضي بعد الانتصار على أرمينيا في إقليم ناغورنو كاراباخ. وتعتزم باكو الاستفادة القصوى من هذه الظروف، مما يجعل البلاد محور الاتصال الرئيسي بين أوروبا وآسيا، ويعزل بالتالي إيران نفسها. وعلى الرغم من أن البلدين متشابهان جدا في الواقع وتجمعهما سلسلة من الخصائص الاجتماعية والثقافية والدينية، لكن التعقيد والتذبذب بين التحسن والتراجع لطالما طبع العلاقات المتبادلة. وبقيت العلاقات “محايدة بشكل سلبي”، طوال فترة ما بعد الاتحاد السوفياتي، وفقًا لشرح علماء السياسة الأذربيجانيين، وحاول الأطراف عدم استفزاز بعضهم البعض؛ لكن التوترات تطفو على السطح بين الفينة والفينة، كما هي الحال هذه الأيام.

وتجدر الإشارة إلى أن إيران دولة إسلامية، بينما أذربيجان جمهورية علمانية، تحاول بكل الطرق احتواء المظاهر المحتملة للتطرف الديني، كما تصفها. وفي العام 2001، قال حيدر علييف، رئيس الدولة الحالي، أن “أذربيجان لن تصبح أبدًا دولة إسلامية جمهورية على شاكلة جمهورية إيرا “. وعدا عن ذلك، يعتري طهران قلق كبير بشأن علاقات أذربيجان الوثيقة مع تركيا، الخصم الرئيسي لإيران في سياسات الشرق الأوسط. وعلى المستوى الديني، ينطوي هذا على انتشار الإسلام السني العثماني بين الأذربيجانيين، والذين يفترض أنهم شيعة تقليدياً، على غرار الإيرانيين. كما تشهد الأراضي الأذربيجانية هناك بشكل مستمر حرباً ثقافية بين القوتين الإسلاميتين الرئيسيتين في المنطقة، إضافة إلى مواجهة على المستوى العسكري والاستراتيجي. كما يتهم الإيرانيون باكو بموالاتها للغرب، بالانغماس غالباً في تملق الولايات المتحدة وإسرائيل، خصوصاً في مجال المعلومات والأمن”.

التهديدات المتبادلة 

وفي سياق متصل، تناقلت وسائل الإعلام تهديداً عن نائب برلماني أذربيجاني، لوّح فيه بشن هجوم على إيران في حال أقدمت على أي عمل عسكري على الحدود بين البلدين. وأتى الرد على لسان عضو الهيئة الرئاسية في البرلمان الإيراني روح الله متفکر آزاد بتهديد مماثل، دعا فيه “أذربيجان لأن تحسن من تعاملها مع الإيرانيين” مشيرا إلى أن “القوات الإيرانية المسلحة على استعداد تام للرد بحزم ضد أي عمل يستهدف أمننا القومي وستستهدف الأراضي التي تنطلق منها أية تهديدات ضد إيران”.

التمسك باللغة التركية 

إلى ذلك، بدأ عدد من النشطاء الأتراك الأذريين في سجون طهران وأردبيل بإيران، إضرابا عن الطعام، “احتجاجا على معاناتهم من التمييز داخل السجن ومن نقص التعليم باللغة التركية. ويتمسك النشطاء في التعليم بلغتهم الأم والتي هي التركية، علاوة على حقوق دستورية أخرى يتمتع بها الأتراك في البلاد”، والذين يقيمون بالسواد الأعظم في مدن أرومية وتبريز وأردبيل والتي تعد من أهم وأبرز المدن الآذرية في إيران.

شارك المقال