وزيرة واحدة… أين الكوتا النسائية؟! 

آية المصري
آية المصري

ما زالت الذكورية في الشأن العام تهيمن على لبنان وتتحكم في كل مفاصله، على الرغم من أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين وليس في القرون الوسطى، لكن لطالما كان هناك إجحاف في التعاطي مع حقوق المرأة وأهميتها في صنع القرار وتقرير المصير، وإذا صح التعبير تُعتبر السيدة خارج أولويات السلطة.

البلد مقسوم مواطنين ومواطنات، والإنصاف الجندري غائب منذ زمن بعيد. فمنذ 70 عاما توالت حكومات عديدة، ولم تضم سوى 9 حكومات عدداً خجولاً من السيدات، وكذلك الحال في المجلس النيابي والإدارات العامة، فالبرلمان لم يضم سوى 8 مرات سيدات، ولبنان يحتل المرتبة الـ183 بين 187 بلداً لجهة التمثيل النسائي في مجلس النواب.

إذاً نحن في أدنى المستويات، فلماذا تغييب المناصفة والعدالة بين الرجال والنساء؟ ولماذا نسبة التمثيل النسوي ضئيلة جداً، علماً ان الحكومة السابقة لدياب ضمت وللمرة الأولى 6 وزيرات؟ فهل أحدثت هذه المشاركة النسائية فارقاً في تصرفات الحكومة الأخيرة؟ أما اليوم وفي حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الجديدة فقد بلغ عدد الوزراء الرجال 21 وزيراً، إلى وزيرة دولة واحدة لحقيبة التنمية الإدارية، فهل الكوتا النسائية بخطر في الانتخابات النيابية المقبلة؟

الطبش: “الذكورية” أساس السياسة لدينا

أوضحت عضو لجنة المرأة والطفل النيابية النائب رولا الطبش لموقع “لبنان الكبير” أن “الحضور النسائي في تشكيلة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي كان باهتاً جداً، اذ لم تضم سوى وزيرة واحدة، في حين ضمت سابقتها أي حكومة الرئيس حسان دياب 6 وزيرات في طفرة عددية لم تُحدث للأسف فارقاً نوعياً في المشاركة النسائية في الحكم، نظراً لما اعترى عمل هذه الحكومة من خلل وشلل شبه تام. وكنا نتمنى وزيرات أكثر في الحكومة الحالية، لنكرس حضوراً نسائياً دائماً يمكن الرهان عليه لإشراك المرأة اللبنانية أكثر في الشأن العام، وفي مفاصل الحكم، وبالتالي زيادة انتفاع الوطن من الطاقات الكبيرة التي تملكها اللبنانيات اللواتي أثبتن قدرات مميزة في ميادين عدة”.

وبخصوص الخطر المحدق بالكوتا النسائية في الانتخابات النيابية المقبلة، قالت الطبش: “انخراط المرأة اللبنانية في الشأن العام بشكل مؤثر وليس على شكل طفرات حكومية، هو استحقاق مرهون بعوامل عدة، في مقدمها الوعي السياسي على مستوى الافراد، رجالاً ونساء، وعلى مستوى الأحزاب المفترض ان يحفز هذا الوعي وترفده دائماً بأسباب التجدد والتعدد، وعندها لا يعود للكلام عن كوتا نسائية في البرلمان او أي مؤسسة أخرى أي أهمية، اذ ستعي المرأة أهمية الترشح للوصول الى موقع يمكّنها من إضفاء لمساتها “الناعمة” والمؤثرة جداً في قرارات تتعلق بكل تفاصيل حياتها. كما ستعي الأحزاب أهمية ترشيح نساء على لوائحهن لتكسب بذلك رصيداً كبيراً من الأصوات والطموحات. ولا شك في أن تجربة النواب النساء في البرلمان اللبناني كانت مميزة نوعياً، الا ان حجم هذه التجربة ما زال صغيراً، اذ ما زالت “الذكورية” أساس السياسة في لبنان في القرن الحادي والعشرين، مما يتطلب “نسوية” واعية لواقعها ومدركة لحقوقها وساعية للتغيير الى الأحسن”.

عواضة: الوزيرة المناسبة في المكان المناسب

واعتبرت الناشطة النسوية عليا عواضة أن “التمثيل النسائي لا يعني تمثيلاً نسوياً للقضية، ومن الممكن أن تكون سيدة موجودة في وزارة معينة ولا تدرج ضمن أولوياتها المقاربات المواطنية النسائية، وان لا يكون ضمن برنامج عمل وزارتها قضايا النساء في المجتمع. وبالتالي التمثيل النسائي بالعدد والنوعية مهم أيضا، اي عدد النساء الموجودات في الحكومة مهم، تماماً مثل أهمية نوعيتهن، وكما نطالب بالرجل المناسب في المكان المناسب، نطالب بالوزيرة المناسبة في المكان المناسب، لكن هذا لا يمنع اعتراضنا، فدائماً يتم إقصاء المرأة من طاولات صنع القرار، سواء كانت طاولات حكومية او نيابية او لجان مُشكلة او لوائح انتخابية للأحزاب”.

وبالنسبة إلى عواضة، “قضايا النساء لم تكن أولوية في أجندة الحكومات السابقة، وقليلات من سعيْن لوضع النساء ضمن الأولوية، فحكومة دياب السابقة وضعت خطة لتخطي أزمة كورونا لم تكن ممثلة جندرياً، ولم تعطِ حيزاً للنساء ولقضاياهن، او ما تعرضت له النساء من عنف وجرائم، وزيادة الأعباء عليهن في منازلهن، مع العلم ان هذه الحكومة ضمت ست وزيرات، لكنها من أكثر الحكومات التي أقصت النساء من وضع اي خطة استجابة لأزمات البلد سواء اقتصادية أو اجتماعية او صحية”.

شارك المقال