تخفيض سنّ الاقتراع في بازار الحسابات الطائفية!

آية المصري
آية المصري

عند كل استحقاق، تبرز مشاكل جديدة بين مختلف الكتل النيابية. فبعضها يوافق على طروحات الآخرين، وبعضها الآخر يرفض بشكل قاطع ولأسباب عدة. وفي هذا الإطار، طُرحت تعديلات كثيرة في الآونة الأخيرة، بهدف التوصل الى القرار المناسب. وآخر هذه التعديلات كانت منذ يومين، إذ تقدّم عدد من النواب الثلاثاء بإقتراح قانون يرمي إلى تعديل المادة 21 من الدستور اللبناني، والتي تنصّ على تخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة بدلاً من 21. وهذا الاقتراح تضمّن ترحيب عدد كبير من النواب، علماً أنّ أصحاب الاقتراح هم الحزب التقدمي الاشتراكي و”المستقبل” وحركة “أمل”. وسيُدرج صباح اليوم على جدول أعمال جلسة اللجان المشتركة لمناقشته والتوصّل إلى قرار نهائي.

فما رأي الكتل النيابية بهذا التعديل؟ وهل سيوافق الجميع عليه أم سترفضه بعضها وبأي حجة؟ وهل يلقى مصير تعديلات دستورية سابقة لم يتم الاتفاق عليها؟

خواجة: الرافض عليه التبرير، ونحن متمسّكون به

أوضح عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب محمد خواجة لموقع “لبنان الكبير”، أنّ “اقتراح القانون الرامي لتعديل المادة 21 من الدستور اللبناني، هو اقتراح جدّي ونحن ككتلة متمسّكون به. والذي مثلنا البارحة في التوقيع الدكتور قاسم هاشم، علماً أننا ككتلة وقّعنا منذ 3 سنوات على القانون الأساسي الذي تقدّمنا به، الهادف إلى إعلان لبنان دائرة واحدة ويقتصر على النسبية. ومن ضمن مندرجاته تخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة. وهذا العمر الطبيعي، وكل دول العالم تعتبره سن الرشد، فالقادر على الالتحاق بالجامعة، قادر أيضاً على اختيار الشخص الذي يراه مناسباً”.

وعن اجتماع اللجان المشتركة، رأى خواجة أنّ “هذا الاقتراح سيدور جدل عليه، وهو مدرج ضمن جدول أعمالها، أما الكتل المعارضة لهذا الاقتراح، فمن واجبها تقديم الحجج الحقيقية والواقعية المتعلّقة برفضها. فنحن لدينا أسباب موجبة لهذا الطرح ونريد أن نسمع أسبابهم وآراءهم. لماذا لا يريدون هذا التعديل؟ علماً أنه من غير المنطقي الرفض، فالموضوع إصلاحي، وكل الأحزاب بطروحاتها الإصلاحية كانت تطرح تخفيض سن قانون الاقتراع إلى 18 سنة”.

فتفت: المواطن الإيراني يصوّت في سن 16

واعتبر عضو كتلة “المستقبل” النائب سامي فتفت، أنهم “لا يريدون من الأحزاب الرافضة لهذا الاقتراح شيئاً سوى القول بشكل واضح وعلني سبب رفضهم هذا التعديل، وليدافعوا عن أنفسهم بكل صراحة، لأنّ الرأي العام من حقه معرفة مَن يريد الإصلاح ومن لا يريده. كما يجب تسليط الضوء من الإعلام على المعنيين الذين يحوّلون دائماً أي موضوع إلى صراع طائفي. والعبرة ستكون داخل الجلسة، وكل تيار سياسي أو كتلة، سيكون لديها موقفها الخاص والواضح. ولنعلن آراءهم أمام الجميع. فالمواطن الإيراني عند بلوغه سن الـ16، بإمكانه ممارسة حقّه في التصويت، أما نحن في لبنان، فلا يسمحون له بذلك”.

وأضاف فتفت: “هذا مطلب عام ونحن لا ندخل بأي زواريب طائفية. وتقدمنا بهذا التعديل في الوقت المناسب، فالدورة الثانية بدأ موعدها، وبالتالي أصبحت لدينا حكومة، وهذا الوقت الصحيح لأي تعديلات دستورية أخرى. نحن نفي بوعودنا التي قطعناها للناس التي صوّتت لنا في الدورة الماضية، وهذا القانون كان من ضمن مشاريعنا المقدّمة حينها. وأتت الفرصة اليوم مع الاشتراكي و”أمل” لخوض هذه المعركة سوياً وتحقيق الهدف”.

وتابع: “نحن كنواب علينا القيام بواجبنا على أكمل وجه، وهذا الاقتراح هو من ضمن واجباتنا. واليوم هذه الفئة من الشعب البالغة 18 سنة وما فوق، أعتقد أنهم برهنوا بشكل واضح على أنهم قادرون على التعبير عن آرائهم السياسية، ويملكون التأثير السياسي اللازم. فلماذا لا يكون لديهم صوت في صناديق الاقتراع؟ وإذا أردتم القول أنّ هذا الاقتراح سيساهم في خلق خلل طائفي، فهذه تركيبة لبنان. نحن لا نريد زيادة أو تقليص أي جهة، لكنه مطلب شعبي وواجب علينا تحقيقه”.

وبعيداً من السياسة، ختم فتفت: “أنا كنائب أنتمي لفئة الشباب، فإذا لم أتحدّث عن هذا الموضوع، مَن سيتحدّث عنه؟ فليسمحوا لنا، ومن حق كل شاب وصبية أن يدلوا بدلوهم في الصناديق”. 

نصار: أنا مع الاقتراح

واعتبر عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب أنيس نصار، أنه يؤيّد هذا الاقتراح، لكن لا يمكنه إلزام كتلته ككل به. “فحتى هذه اللحظة لم يتم بحثه في ما بيننا، وبنظري سيتم الإتفاق على هذا الاقتراح، لأن آراءنا دائماً منسجمة”.

عون: لست ضدّ هذا التعديل ولكن…

من جهته، أكد عضو كتلة “لبنان القوي” النائب ألان عون، أنّ “المبدأ جيد، لكنه مرتبط ببعض النقاط التي يجب العمل عليها. فهذا ليس باقتراح قانون، إنما تعديل دستوري، ولا أحد ضدّه بطبيعة الحال. ويجب العمل على نقطتين بارزتين: أولهما إمكان فتح المجال للعمل والتوعية السياسية داخل المدارس والجامعات ليتمكن الفرد من الوصول الى سن الـ18 وهو مطّلع على الحد الأدنى من التنشئة السياسية العامة. من هنا، يجب عدم منع العمل السياسي والحزبي والكلام السياسي، وعدم حظر هذه التنشئة الضرورية للأجيال الصاعدة”.

أما بخصوص النقطة الثانية، فأشار عون إلى أنه “يجب الانتباه جيداً، فتعديل الدستور يملك أكثر من نقطة للنظر فيه، ولم يتم بتّ هذه النقاط أو طرحها بحجة أنهم لا يريدون فتح باب التعديلات الدستورية. وهذا الموضوع سيكون بالتوازي، وهناك فتح الورشة بكل التعديلات الدستورية المناسبة في حال تمت الموافقة عليه. أما عن المسار، فهو نوعاً ما طويل، وليس بالأمر السهل والسريع، وليس بالضرورة أن يُطبق هذا التعديل في الانتخابات النيابية المقبلة”.

من المضحك والمبكي في آن معاً، أن نعطي للبالغ 18 عاماً الحق في قيادة السيارات، وأن نسمح لشابة أن تتزوّج عند سن 18، وأن نعطيهم حقهم في السهر ونحرمهم من حقهم في الاقتراع. أجل، هذا لبنان وبازار الحسابات الطائفية بالنسبة للبعض، أهم من حقوق الشعب ومصالحه.

شارك المقال