خط الغاز جاهز بانتظار النوايا الحسنة

ليندا مشلب
ليندا مشلب

دخل ملف الكهرباء مجددا في حفلة ابتزاز وضغط هائلة لصرف مبلغ الـ١٠٠ مليون دولار، الذي طلبت الحكومة اقتراضه من مصرف لبنان، بعدما تبين ان هذا الاقتراض هو مخالفة قانونية فاضحة. اذ حسبما افاد مرجع دستوري “لبنان الكبير” لا يحق للحكومة الاستدانة الا بموجب قانون، وعليه وعلى الرغم من تسريب معلومات من ان الحاكم يتجه الى صرف المبلغ، لا تزال الامور غير واضحة والكباش مستمر بين من يدفع باتجاه صرف المبلغ وبين من يحذر من عدم قانونيته واعتباره قيمة مالية سترمى في البحر بسبب التقاعس عن ايجاد الحلول الجذرية.

اصبح معلوما ان ما حصل هو هبوط فجائي للتوتر على الشبكة، مما ادى الى فصلها وفصل الحمايات الترددية بفعل خروج اثنين من “major supplier” المنتجين الكبار للطاقة، اي معملي دير عمار والزهراني، مما ادى الى اهتزاز الشبكة وتعرضها لما يعرف بـ emergency shut downاو power deep بينما لا تعمل المعامل بطاقتها الدنيا الا بحدود الـ٥٠ هيرتز… والسؤال لماذا سُمح بهذا الامر المتوقع بسبب نفاد الغاز اويل؟ سؤال يطرح من اكثر من مسؤول كل يوم وخصوصا من الملمين بملف الطاقة اذ كان يمكن تجنبه منذ مدة خصوصا ان النفط العراقي يؤمن ٨٣ الف طن شهريا ومنذ اشهر بدأ العمل على عملية استجرار الغاز من مصر ولا تزال الاجراءات تسير كالسلحفاة تماما كما حصل مع النفط العراقي… فهل هذه صدفة؟

يكشف مسؤول عربي رفيع مواكب لعملية نقل الغاز لـ”لبنان الكبير” ان مسؤولي كل من مصر والاردن وسوريا اكدوا للمسؤولين اللبنانيين كامل الجاهزية لنقل الغاز اليوم قبل الغد، اذا ابلغهم لبنان بأنه جاهز للمباشرة بهذه العملية. واكد المسؤول ان خطوط الغاز تم التأكد منها من مصر الى الدبوسية مرورا بالاردن ويمكن المباشرة الاسبوع المقبل اذا ما اصبح معمل دير عمار جاهزا لاستقبال وتشغيل الغاز وتوزيعه بين الشبكة اللبنانية.

ومعروف ان ما يسعى اليه لبنان حاليا يسير على خطين: الاول: استجرار الغاز من مصر (جاهز بأي لحظة لكونه جزءا من الشبكة السورية العاملة وتجري صيانته دائما واصلاح الاعطال فيه بشكل دوري) لتشغيل دير عمار. والخط الثاني: نقل كهرباء جاهزة من الاردن عبر ابراج درعا، وهذا يحتاج الى شهر ونصف الشهر بالحد الاقصى بسبب الحاجة الى اصلاح الابراج المتضررة من الحرب السورية.

وسبب هذا الاتفاق ان عمان التي تربطها علاقات ممتازة برئيس الحكومة نجيب ميقاتي قدمت عرضا جيدا للبنان فهي لديها فائض بتوليد الطاقة المتجددة حوالي ٢١٠٠ ميغاواط يوميا تحصل عليها عبر محطات خاصة تبيع الدولة وفق عقود جاهزةtake or pay . أما على الخط الاول فيسعى وزير الطاقة وليد فياض الى زيادة كمية الغاز من ١.٦ مليون متر مكعب الى ٣ ملايين متر مكعب عبر محطة الدبوسية، على خط الغاز العربي وهي جاهزة full option لهذه المهمة. وعما يقال ان نوعية الغاز السوري الذي سيستبدل بالغاز مصري لاسباب تقنية، وهو اقل تصنيفا قال المسؤول: ان الغاز يقاس بمحتواه الحراري يعني نحتاج الى كمية الغاز التي تعطي الطاقة المولدة عينها وهذا الكلام يصرف بالسياسة ومطلقه يجهل الاختصاص، فمثلا لنفترض ان الغاز المصري افضل من السوري ونحن نحتاج الى متر مكعب لانتاج ١ ميغاواط والسوري يولد اقل طاقة فلا بد من اعطاء كمية متر ونصف مكعب مثلا لتوليد ميغاواط، يعني لبنان لا يخسر شيئا لأنه يأخذ نفس الكمية التي يحتاجها لتوليد الطاقة المطلوبة. ويفترض ان تكون عمليات الصيانة في معمل دير عمار قد بدأت فور تبلغ لبنان بشكل غير رسمي نية السماح بالاستجرار عندما زار الرئيس سعد الحريري مصر، لان المعمل متوقف منذ ٢٠١١ عن العمل على الغاز. ومعروف ان معمل الغاز ينخفض اداؤه مع مرور الوقت ويجب ان يكون لديه كفاءة تشغيل طاقة عالية، اذ من غير المبرر ابدا التأخير اكثر خصوصا ان البنك الدولي، وعبر ممثله محمود محيي الدين الذي شارك في اجتماعات القاهرة، قدم كل التسهيلات والاجراءات المالية اللازمة لناحية شروط القرض وتغطية الكميات. واذا ما باشرنا فورا بهذه العملية التي يفترض ان تستلحق باستجرار الكهرباء الجاهزة من الاردن من شهر الى شهرين ومع النفط العراقي نكون قد وصلنا الى ٨ او ١٠ ساعات تغذية يوميا بالحد الأدنى، اللهم الا اذا كان المطلوب غير ذلك اذ تلمح مصادر “التيار الوطني الحر” الى ان الحل لن يكون الا عبر استيراد الفيول لصالح مؤسسة كهرباء لبنان موقتا وهناك من يعتقد ان الغاز هو مناورة ليس الا! ويذهب البعض الآخر الى حد التلميح بأن مغادرة البواخر كانت خطوة متسرعة، فهل المطلوب ان تعود؟

شارك المقال