fbpx

شدّ حبال أميركي -إيراني على جثة لبنان

المحرر السياسي
تابعنا على الواتساب

لم يكد وزير خارجية إيران حسين عبد اللهيان يغادر لبنان الى سوريا آتياً من موسكو، حتى أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن نائبة الوزير أنتوني بلينكن فيكتوريا نولاند ستزوره في جولة تقودها إلى عدد من الدول المؤثرة في المنطقة ومنها روسيا قبل زيارة لبنان، ويرافقها نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط والتواصل مع سوريا إيثان غولدريتش. كما سيشهد لبنان زيارات أميركية متوالية لكل من إيريك ماير نائب مساعد وزير الخزانة الأميركية للشؤون الدولية، وآموس هاكشتاين رئيس الوفد الأميركي للمفاوضات الحدودية غير المباشرة المتعلقة بملف ترسيم الحدود البحرية، إضافة الى زيارة وفد من الكونغرس الأميركي لبحث موضوع الانتخابات النيابية 2022.

هذه الزيارة التي أعقبت تفويض الرئيس الأميركي جو بايدن وزير خارجيته أنتوني بلينكن منح مساعدات فورية للجيش اللبناني بقيمة 47 مليون دولار وكان آخرها تقديم طوافات عسكرية متقدمة، جاءت لتؤكد للإيراني أن النفوذ الأميركي في المنطقة لا يزال الأقوى على الرغم من أن إيران وبزيارة وزير خارجيتها أرادت التأكيد على أنها اللاعب الوحيد في السيطرة على كل من لبنان وسوريا واليمن والعراق.

كما تأتي زيارة نولاند على وقع دعوة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، إلى المساعدة في معالجة الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، وتجنب المزيد من الاضطرابات. وحضّت الرسالة على “اتخاذ إجراءات أميركية فورية وهامة من أجل معالجة معاناة الشعب اللبناني ومنع لبنان من الانهيار الاقتصادي”. وسلطت الرسالة الضوء على “الخطر الذي يشكله حزب الله”، محذرة من أن روسيا وإيران قد تستغلان تفتيت الدولة والمجتمع اللبناني لمصلحتهما الخاصة. واقترحت اللجنة أن يتبع بلينكن أربع خطوات، هي: “إنشاء برنامج مساعدة مالية للحكومة اللبنانية المقبلة، وتخصيص الأموال لحاجات اللبنانيين المستضعفين، والمساعدة السياسية لضمان بقاء “حزب الله” بعيداً من الجيش اللبناني، وتحقيق مستقل بقيادة الأمم المتحدة في انفجار مرفأ بيروت في آب 2020.

مصادر ديبلوماسية مطّلعة أكدت لموقع “لبنان الكبير” أن الزيارة الاميركية بالشكل تأتي للتهنئة بتشكيل الحكومة والإستطلاع من كثب على توجهات الحكومة اللبنانية في المرحلة الحالية من أجل إنقاذ لبنان وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية المطلوبة للحصول على القروض والمشاريع، والتركيز على أهمية إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها. أما في المضمون، فهي تركز في الشق السياسي والعملاني على منع تمدّد إيران في لبنان من بوابة مساعدته للخروج من أزمته الاقتصادية على الرغم من غض النظر الأميركي عن بواخر المازوت، إضافة الى إنقاذ قطاع الكهرباء من خلال خطة واشنطن باستجرار الغاز المصري عبر الأردن وسوريا.

وتشير المصادر الى أن نولاند ستناقش مع المسؤولين اللبنانيين إمكان إصدار إعفاءات من عقوبات قانون “قيصر” في حال نفّذت الحكومة هذا الأمر، مقابل رفض العروض الإيرانية التي سوّق لها اللهيان عبر بناء معامل للطاقة في لبنان وما يمارسه “حزب الله” بدوره من ضغوط لتسويق المشاريع الإيرانية في ظل النزف الاقتصادي والمعيشي والتنموي، وخير دليل كلام الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله الذي قال للحكومة أن تطلب من أميركا استثناءً وتذهب الشركات اللبنانية لشراء المازوت من إيران ونحن نقدم لها التسهيلات وننسحب من الملف نهائياً.

هذا الكلام العالي السقف، وبحسب المصادر، لا يطمئن الأميركي الذي يسعى لعودة المفاوضات حول الإتفاق النووي مع الإيراني الذي سيستعمل لبنان و”حزب الله” تحديداً كورقة من أوراق الضغط. وهذا ما كان جاء في كلام المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس الذي أعلن أن “استيراد الوقود من بلد خاضع لعقوبات عديدة مثل إيران ليس حلاً مستداماً لأزمة الطاقة في لبنان، مشيراً الى أن هذه لعبة علاقات عامة يلعبها “حزب الله” وليست محاولة منه لإيجاد حل بناء للمشكلة”. وأضاف: “نحن ندعم الجهود الرامية لإيجاد حلول شفافة ومستدامة لمعالجة مشكلة النقص الحاد في الطاقة والوقود في لبنان”. وذكّر بأن الرئيس جو بايدن مستعد لرفع العقوبات المفروضة على إيران إذا ما عادت للامتثال بالكامل لبنود الاتفاق النووي المبرم بينها وبين الدول الكبرى عام 2015.

إذاً، الأميركيون يرفعون السقف ولم يحسموا أمرهم بعد من مسألة استثناء لبنان من العقوبات المتعلقة بقانون “قيصر” في حال بقي النفط الإيراني يدخل الى لبنان في ظل الحاجة الماسة إليه، على الرغم من تدخل بعض الدول لإيجاد حلحلة ولو موقتة لهذا الأمر، لأن بعض المؤسسات كالجامعة الأميركية في لبنان مثلاً تتواصل مع السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا لتسهيل الحصول على المازوت في ظل الأزمة المتفاقمة.

وتبقى العيون مشدودة خلال زيارة نولاند الى لبنان على جدول اللقاءات الجانبية وليس الرسمية المعلنة، فكما التقى اللهيان الفصائل الفلسطينية مثلاً، فإن نولاند ستلتقي قائد الجيش العماد جوزف عون والذي سيزور الولايات المتحدة قريباً كما ستلتقي عدداً من ممثلي المجتمع المدني في السفارة الأميركية.

ووفق كل ما تقدم، فإن مصير لبنان خلال الفترة المقبلة سيبقى معلقاً على شد الحبال الأميركي – الإيراني قبل عودة مفاوضات فيينا، في ظل القلق من تطيير الانتخابات النيابية التي يعول عليها المجتمع الدولي لإجراء تغييرات ولو طفيفة تؤسس لمرحلة جديدة قد تحمل لبنان الى ضفة أخرى وسط المتغيرات الكبرى التي تشهدها المنطقة برمتها.

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال