باسيل يؤكد لصفا: معكم ضد بيطار

رواند بو ضرغم

دخلت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مرحلة الموت السريري وتصريف الأعمال غير المعلن، على وقع خروق المحقق العدلي طارق بيطار الدستورية وانتقائيته واستنسابيته في تحقيقات انفجار مرفأ بيروت.

وجاءت الضربة القاضية لحماسة حكومة “معاً للإنقاذ” في إنجاز الإصلاحات على أيادي الغدر التي أوقعت منطقة الطيونة على حافة الفتنة الشيعية – المسيحية.

المشهد الدموي في الطيونة دفع برئيس الجمهورية ميشال عون إلى التزام الوسطية، يضرب حيناً على وتر الثنائي الشيعي باعتبار أن الشارع ليس مكاناً للاعتراض، ولا بالتهديد والوعيد تُفرض الحلول، ويضرب أحياناً على وتر القوات اللبنانية باستعادة السلاح كلغة تخاطب بين الفرقاء اللبنانيين ونصب المتاريس، ليختم عون بالقول انه سيسهر على ان يبلغ التحقيق حقيقة ما جرى وصولاً إلى محاسبة المسؤولين عنه والمحرّضين عليه مثله مثل أيّ تحقيق قضائيّ آخر، بما فيه التحقيق في جريمة المرفأ، على قاعدة استقلالية القضاء وفصل السلطات واحترام العدالة.

كلام عون على استقلالية القضاء قرأه الثنائي الشيعي كلاماً إعلامياً لا قيمة له على أرض الواقع، وخصوصاً أن الثنائي بات متمسكاً أكثر بتنحية القاضي بيطار بعد سقوط شهداء الطيونة وتحويل مطلبهم السلمي الى مشهد دموي، والا سيستمر وزراء “أمل” و”حزب الله” في مقاطعة جلسات مجلس الوزراء وشلّ الحكومة.

غير أن موقف “التيار الوطني الحر” تحت الطاولة يخالف موقف رئيس الجمهورية المعلن، حيث تؤكد معلومات موقع “لبنان الكبير” أن تواصلاً جرى بين رئيس التيار جبران باسيل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” الحج وفيق صفا، وأبلغ باسيل صفا بأن موقفه من القاضي بيطار مطابق لموقف “حزب الله”، ويراه متمادياً في خرق الدستور ومخالفته الى مرحلة إشعال البلاد وتعزيز الفتن. وشدد باسيل على إلزامية انعقاد مجلس القضاء الأعلى لحل أزمة المحقق العدلي، لكنه لم يتنازل عن شعبويته، ليبقى التيار داعماً لبيطار إعلامياً، خلافاً لموقفه أمام “حزب الله”.

لم يسأل الثنائي الشيعي عن موقف رئيس الجمهورية يوم الخميس الدموي، لا بل تركزت اتصالات حركة أمل و”حزب الله” مع قيادة الجيش لتهدئة الوضع في الطيونة ووأد الفتنة، واستكملت الاتصالات بكثافة بين الثنائي الشيعي بعد فض الاشتباك لحصر تداعيات استشهاد سبعة مواطنين، جميعهم من جهة المتظاهرين، وخصوصا أن أغلبهم من أبناء العشائر المتشددين بأخذ الثأر، ولكنهما يعلمان أن تداركه صعب.

أصابع اتهام الثنائي الشيعي ليست موجهة فقط الى رئيس حزب القوات سمير جعجع، بل يحمل المسؤولية الأكبر والمباشرة لرئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود بإيصاله البلاد الى هذه المرحلة المتأزمة والخطيرة، بسبب تمسكه بالقاضي بيطار وانتهاج الشعبوية طمعاً بموقع رئاسة الجمهورية وطموحه الجامح.

أما على المستوى السياسي، فكل شيء توقف، وقرار الثنائي الشيعي حاسم بعدم المشاركة نهائياً في مجلس الوزراء قبل تنحية بيطار وتسليم مطلقي النار في أحداث الطيونة وإحالة الجريمة على القضاء العدلي. والرئيس ميقاتي مقتنع بوجهة نظر الثنائي الشيعي بما يتعلق بالخروق الدستورية الكثيرة التي يرتكبها بيطار، ولكنه يسعى الى مخرج قانوني لا سياسي.

وكان ميقاتي يعمل عبر وزير العدل هنري خوري حتى تبت رئيسة الغرفة الثانية في المحكمة المدنية القاضية رولا المصري بالجهة التي لها الصلاحية في المحاكمة: مجلس النواب أم القضاء العدلي. ولكن أحداث الخميس جمّدت كل المساعي والحلول.

مصادر مقربة من الرئيس عون قالت لموقع “لبنان الكبير” إن الحل يكون من داخل المؤسسات القضائية وليس بالتدخل السياسي والتهديد، فإما من خلال بيطار نفسه بالتنحي “إذا رغب”، أو من خلال تنحيته بحكم قضائي بنقل الدعوى الى محقق آخر في حال قبول الارتياب المشروع، فيشغر حينها الموقع ويبادر وزير العدل الى تعيين محقق عدلي آخر بعد موافقة المجلس الاعلى للقضاء. لذلك ترى هذه المصادر أنه يفترض بالحكومة إيجاد حلول لأزماتها، لكونها حكومة انقاذ واصلاحات وحيادية انتخابات، لا حكومة “مشاكَسة”، وليس من مصلحة أي من الفرقاء السياسيين تفجير حكومة “ساترة الكل” … كما تصف هذه المصادر علاقة “حزب الله” والرئيس عون بالجيدة ويسودها “الجو الاستيعابي”.

شارك المقال