مفاوضات سعودية – إيرانية في بغداد والكاظمي في قلب الوساطة

علي البغدادي

تشهد الساحة العراقية حراكاً ديبلوماسياً سعودياً – إيرانياً بدا مفاجئاً للبعض، لكنه كان متوقعاً لمن تابع التحركات الهادئة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لتهدئة الاحتقانات الإقليمية، والنأي بالعراق عن تحويله إلى ساحة تصفية حسابات مرتبطة بمفاوضات الملف النووي الإيراني.

ويمثل الحوار السعودي – الإيراني خطوة نحو الأمام ونقلة نوعية للوصول إلى تهدئة أقرب إلى الهدنة، في ظل ما يشهده الشرق الأوسط من تحولات لافتة على صعيد تقارب بعض الدول في ما بينها، ولاسيما المصالحة الخليجية – المصرية مع قطر، والانفتاح الملحوظ بالعلاقات بين مصر وتركيا بعد سنوات من التوتر على خلفية تعاطف أنقرة مع “الأخوان المسلمين” واعتراضها على إطاحة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي… وهي تطورات مرتبطة إلى حد ما بتغيير الإدارة الأميركية لصالح الديمقراطيين، وتحول المزاج الأميركي نحو نزع فتيل الأزمات بعد مغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض.

وتبدو مسألة الحوار السعودي – الإيراني، أو الرغبة بالتهدئة الإقليمية، مطلباً عراقياً ملحاً بالأساس، حمله الكاظمي خلال زيارته إلى الرياض نهاية الشهر الماضي، إلى جانب الاتصالات الجانبية مع القيادة الإيرانية على أعلى المستويات.

ولم تكن زيارة الكاظمي إلى المملكة وعرضه التوسط بين الرياض وطهران، إلا تتويجاً لزيارات مكوكية قام بها وزير الخارجية العراقي فواد حسين إلى الرياض وطهران، التي تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة أثرت على مستوى معيشة شعبها، فبات يئن تحت ثقل العقوبات الأميركية… إلى جانب مباحثات أجراها الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف مطلع شباط الماضي مع قيادات عراقية وسفراء دول خليجية لتمهيد الطريق نحو التهدئة الإقليمية.

وكشفت مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكببر” أن “المباحثات التي استضافتها بغداد جرت يوم 9 نيسان الحالي بمشاركة وفد سعودي، ضم رئيس المخابرات خالد الحميدان والسفير السعودي في بغداد والسكرتير الأول للسفارة السعودية، مع ممثلين عن الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني بإشراف عراقي من قبل جهاز المخابرات وأمن الحشد الشعبي وتناولت محاور تتعلق بالتهدئة الإقليمية”، مشيرة إلى أن “أجواء المباحثات كانت إيجابية وتشي بإجراء لقاءات أخرى قريباً بين شخصيات سعودية وإيرانية”.

وأشارت المصادر إلى أن “الكاظمي حمل خلال زيارته إلى الرياض رسالة إيرانية بالرغبة بالحوار وبأن يتم عقد اللقاء في بغداد، وهو أمر وجد انفتاحاً سعودياً من جهة رغبتها ببسط الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وحلحلة ملفات معقدة، مثل الملف اليمني الذي عبرت السعودية عن رغبتها بالتوصل إلى حل يرضي الأفرقاء اليمنيين وبالأخص الشرعية اليمنية وفقاً للمبادرة الخليجية والقرارات الدولية التي يرفضها الحوثيون بدفع من إيران”.

ورأت المصادر أن “إيران كلما ضاقت عليها الظروف وشعرت بقوة ضرر الحصار عليها لجأت إلى المراوغة، فتارة تراوغ مع أوروبا وتارة أخرى ترسل رسائل إيجابية للولايات المتحدة عبر ألسنة الإصلاحيين، فيما يبقى لسان المحافظين من الشيعة رافضاً لأي تساهل مع الاميركيين”. ولفتت إلى أن “نتائج الحوارات ليست واضحة حتى الآن، لكن تبدو ايجابية، خصوصاً أن الطائرات المسيرة الحوثية في حالة سبات منذ ما بعد الاجتماع”.

‏واستبعد المحلل السياسي العراقي رعد هاشم حصول انفراج في العلاقات السعودية – الإيرانية أو حدوث اختراق كبير خلال المباحثات الثنائية.

وقال هاشم: “يصعب على ‫العراق رعاية مفاوضات أية دولة مع إيران، لارتباط كل تحرك بمفاوضات فيينا المتعثرة بين إيران والدول الكبرى”. أضاف: “لا نجاح لأية محاولة للتقارب من دون حسم فيينا، فالجهات العراقية لا تقوى على حفظ التزام لتقييد فصيل ميليشيوي ولائي في العراق أو سوريا فكيف لها ضمان التزامات تفاوض إيران المعروفة بالمراوغة مع الغير”.‬‬

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً