تحذير أميركي من “ألاعيب” الناقلات الإيرانية

حسناء بو حرفوش

نشر موقع “ذا هيل” (The Hill) الإلكتروني الأميركي مقالاً يدعو لسد الثُغر في قانون العقوبات ضد إيران، معتبراً أن هذه الأخيرة تمارس “الألاعيب والخدع للتحايل على القيود الأميركية ولبيع النفط للأنظمة المشابهة لها”. ووفقاً للمقال، نجحت إيران “في تخطي العقوبات المفروضة عليها من خلال تأمين عملاء من الأنظمة الاستبدادية والشيوعية الرائدة في العالم، والراغبين بصادراتها من النفط والغاز، وتحديداً فنزويلا والصين. وابتكرت كاراكاس طريقة لتسديد فواتيرها من خلال دفع الذهب في البداية مقابل النفط ثم من خلال مبادلة خامها الثقيل بمكثفات الغاز الإيرانية. وعلى عكس فنزويلا، قدمت الصين دفعات نقدية بشكل مباشر، منها 280 مليار دولار عام 2019 ثم 400 مليار دولار في إطار صفقة هذا العام. وبطبيعة الحال، تساهم هذه التجارة غير المشروعة بإضعاف الجهود المبذولة لإجبار إيران على التخفيف من حدة سلوكها المدمر وإنهاء سعيها لامتلاك أسلحة نووية، مما قد يضر بمصالح الولايات المتحدة وأمنها القومي”.

العقوبات لم تفشل

ويوضح المقال الموقّع بقلم دانييل روث وكلير جونغمان المعروفتين بمناهضتهما للملف النووي، أن “نجاح إيران بمغازلة فنزويلا والصين لا يعني فشل العقوبات الأميركية. فقد أجبرت العقوبات النظام على حصر التجارة بعدد قليل من الأنظمة الاستبدادية التي يتلاقى معها تفكيرها. والأهم من ذلك، أجبرت العقوبات إيران على مضاعفة الجهود من أجل إخفاء تجارة الشحن غير المشروعة، وعلى ممارسة ألاعيب الخداع في تتبع الأقمار الصناعية والتلاعب في السجلات وتبديل الأعلام وتغيير اسماء السفن عدا عن التمويه المادي، علاوة على مجموعة من الانتهاكات البحرية الأخرى. وفي حال فهمت الولايات المتحدة وحلفاؤها طرق الخداع هذه بشكل أفضل، يمكنهم تحويل هذا المشروع بأكمله إلى ممارسة مكلفة للغاية لجميع الأطراف، وبالتالي سد الثُغر وممارسة الضغط الحقيقي على طهران. 

إطفاء المنارة

“ومن الأمثلة على الألاعيب المذكورة، الناقلة الإيرانية “فيليسيتي” (FELICITY)، وهي أول سفينة ترفع العلم الإيراني تقوم بتحميل الخام الفنزويلي، وفقًا لموقع TankerTrackers.com. وبحسب ما ورد في الموقع، أبحرت السفينة إلى فنزويلا باستخدام تقنيات تخريبية وغير قانونية، بما في ذلك إطفاء منارة التتبع الخاصة بها قبيل وصولها إلى البلاد، وشوهدت السفينة آخر مرة عبر جهاز إرسال الأقمار الصناعية الخاص بها قبل 13 شهراً في الصين، مما يعني أن السفينة أبحرت على طول الطريق إلى فنزويلا وجهاز الإرسال المستجيب الخاص بها مطفأ. ويعد تعطيل جهاز الإرسال والاستقبال أحد الأساليب المفضلة لإخفاء حركة البضائع، لكنه يشكل أيضاً انتهاكاً خطيراً لقواعد السلامة الخاصة بالمنظمة البحرية الدولية. ووصل التلاعب لدرجة أن “فيليسيتي” لجأت إلى طرق أكثر بدائية لتمويه أنشطتها من خلال الحصول على طلاء جديد في فنزويلا.

وتحمل السفن التي تنقل النفط الإيراني سجلات مزورة تظهر أن حمولتها تأتي من دول مثل عمان والإمارات والعراق وماليزيا. ويمكن لإيران إخفاء مصدر النفط والغاز من خلال الانخراط في عمليات نقل النفط من سفينة إلى سفينة، أي من السفن التي ترفع العلم الإيراني إلى الناقلات المملوكة من شركات غير إيرانية (…) وغالبًا ما تسبق عمليات النقل بعمليات “انتحال” الموقع الجغرافي لتزييف موقعها، أحيانًا بآلاف الأميال البحرية، مما يهدد بوضع خطير آخر.

وتتعرض الدول الصغيرة وضعيفة الموارد للخداع بشكل روتيني في إطار التجارة غير المشروعة من السفن المارقة التي ترفع أعلامًا أجنبية، مثل تلك المدرجة ضمن “أسطول الشبح” الإيراني، بحسب ما أكدت منظمة “متحدون ضد إيران النووية”. وغالبًا ما تعجز السلطات التي تعنى بتسجيل الأعلام الوطنية عن القيام بدوريات كافية للتأكد من حاملي الأعلام (…) وتقوم السفن في “أسطول الشبح” بتبديل الأعلام بشكل متكرر وبتغيير الأسماء بالإضافة إلى العلامات المزورة”. ويؤكد المقال أن “معظم الناس حريصون على الامتثال لقانون العقوبات الأميركية، وهذا ما يظهر عندما تقوم مجموعات مثل منظمة “متحدون ضد إيران النووية” بإخطار السلطات البحرية بالأنشطة غير المشروعة للسفن المسجلة. حتى إن البعض أصبح يعتمد على المنظمات غير الحكومية ليبقى على اطلاع بكل صغيرة وكبيرة. وبفضل عمل المنظمات، نجحت السلطات في تجريد عشرات السفن من أعلامها، مما زاد من صعوبة استمرار حيلها”.

انطلاقاً من كل ما سبق، يوصي المقال: “كخطوة أولى، وزارة الخزانة الأميركية بتوسيع نطاق العقوبات على الأنشطة التي تشكل دعماً كبيراً لقطاع الشحن الإيراني. ويدعو الولايات المتحدة إلى معاقبة المتخصصين بالتزويد بالوقود وسلطات الموانئ ووكلاء الاستيراد وشركات الإدارة والمستأجرين والمشغلين وشركات التأمين البحري وجمعيات التصنيف وجميع مقدمي الخدمات البحرية الآخرين المتورطين مع إيران. كما يجب على وزارة الخزانة توسيع نطاق الخدمات البحرية الخاضعة للعقوبات وتحديدها والعمل على تحديد واستهداف أي شركة فنزويلية أو صينية متواطئة في التهريب”.

وتختم روث وجونغمان: “لقد أدت العقوبات لإبطاء تدفق رأس المال الأجنبي وتقليص شركاء إيران التجاريين إلى أدنى النسب. لكن العقوبات الأميركية لا تتمتع بالقوة إلا بمقدار الحزم في آليات التنفيذ التي ترافقها. وتعمل إيران وحلفاؤها المريبون على تكريس حلقة مفرغة تقوّض الامتثال العالمي وتسمح للنظام الإيراني بمواصلة سلوكه المدمر والخبيث. وهناك حاجة للتركيز بشكل أكبر على الأساليب المحددة وعلى مرتكبيها من أجل قطع الطريق أمام حمولات النفط الإيراني”.

شارك المقال