أيها اللبنانيون… لم تعد لكم دولة

الراجح
الراجح

لست من كتّاب التاريخ ولا حتى من روائييه، لكنني لم أجد تعبيراً عن الحالة التي يعيشها بلدنا اليوم في ظل رئاسة ميشال عون للجمهورية أفضل من هذه الرواية عن ملك إسبانيا خوان كارلوس وقد حصلت في ثمانينيات القرن الماضي وتقاربت بالزمن مع ما حصل في لبنان أثناء تولي ميشال عون الحكومة العسكرية، والتي كان يفترض أنها انتقالية!!

بداية الحكاية…

بعد نجاح الاشتراكيين في الانتخابات الإسبانية في ثمانينيات القرن الماضي اتصل أحد اصدقاء الملك خوان كارلوس المقربين منه وسأله: “خوان.. سمعت أن نتائج الانتخابات الإسبانية ظهرت ويشاع أن الاشتراكيين نجحوا في الانتخابات. فهل الشائعة صحيحة؟”.

فقال الملك: “ليست شائعة وانما هو خبر صحيح، لقد ظهرت نتيجة الانتخابات وفاز الاشتراكيون”.

وقال صديق الملك: “خوان.. هل جننت لتسمح للاشتراكيين بالسلطة وهم أعداؤك؟”.

وقاطعه الملك قائلاً: “مَن قال لك إن الاشتراكيين أعدائي؟ إن دستور إسبانيا يجعل كل القوى السياسية بالنسبة لي سواء.. إنني أقسمت على احترام الدستور وما يريده الشعب هو ما يجب أن يكون”.

وانفعل صديق الملك وصاح على الهاتف: “هل تعرف عواقب ما فعلت؟ ما هذا الذي تقوله؟”.

فقال الملك: “ما أقوله هو المكتوب في الدستور الذي أقسمت على احترامه. إنك تسألني “هل أعرف عواقب ما فعلت؟” وأنا بدوري اسألك هل تعرف عواقب عدم فعلي له؟. إن الملك الذي يعترض إرادة شعبه ليس أمامه إلا أن يقدم رأسه للمقصلة قبل أن يطالب بها الشعب، إنني لم أفعل ما فعلته عن خوف وإنما عن إيمان بأن الملك لا يحق له أن يريد غير ما يريد شعبه. هل فهمتني؟… هل فهمت التاريخ؟… هل فهمت العصر الذي نعيش فيه؟”.

وأنهى الملك قائلاً لصديقه: “إني أحترم آراء أصدقائي وإن اختلفت عن آرائي، لكن احترامي الأول هو لدستور البلاد، وفي ما يتعلق بالدستور ليست لي آراء أو اجتهادات. لا يحق للملك أن تكون له آراء أو اجتهادات في الدستور. واجبه أن يطيع وفقط أن يطيع…”.

ولقناعتي بأن التاريخ هو الباب والمفتاح أنهي ومن التجربة الاسبانية لأسرد ما قاله رئيس الحزب الكاثوليكي الإسباني في الكورتيز (البرلمان الإسباني) روبليس: “دعونا لا نخدع أنفسنا، إن أي بلد يستطيع أن يعيش في ظل نظام ملكي أو جمهوري، في ظل نظام برلماني أو رئاسي، في ظل نظام شيوعي أو رأسمالي، لكن لا يمكن لأي بلد أن يعيش في ظل الفوضى”.

إننا اليوم نسير في جنازة الديمقراطية.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً