حركة تصحيحية في 17 تشرين؟!

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

يوم الاحد الماضي وامام كاميرات التلفزيون من وسط بيروت كان التجمع في وسط بيروت لمجموعات الثورة وظهر على الملأ الخلاف القائم ما بين الناشطين في الثورة، حيث بدا ان مجموعات ترفض التعاون مع مجموعات أخرى وتعيد حالة الانقسام بين اللبنانيين وهذه المرة الخلاف حول مفهوم السيادة، اذ تتهم بعض المجموعات “اليسارية” والممانعة، مجموعات سيادية تطالب بانهاء الاحتلال الإيراني وبتنفيذ القرارات الدولية، بأنها تنفذ اجندة أميركية – غربية وتتهمها بالقبض من السفارات.

وصلت الأمور منذ أيام الى اصدار بيان وزع بين مجموعات الثورة موقعا باسم “الحركة التصحيحية لثورة 17 تشرين”، اتهم “الجبهة السيادية” التي انبثقت عن اجتماع قوى وشخصيات في مقر حزب الوطنيين الاحرار وجال وفد منها على قيادات سياسية وأحزاب، بأنها مدارة من السفارتين الاميركية والسعودية، وأشار الى إنها إلتقت أحد اقطاب السلطة الفاسدة في معراب وصرّحت عن نفسها بهتاناً أنّها من ثورة 17 تشرين، معتبرة ان هذه المجموعات منبوذة في الساحات وهي لا تمثّل إلّا نفسها ومشغّليها في عوكر ومحركّيها في معراب”.

وفي حين شدد البيان على أن “الاقتتال الطائفي مرفوض وأن الثورة لا تقف مع طرف ضد آخر وهي ضد اي تدخل خارجي ومن يريد السيادة عليه ان يبدأ بنفسه، اعتبر إنّ هذه المجموعات الطائفية التابعة للأحزاب والسفارات تُعتبر خصما للثورة كالسلطة الفاسدة التي تموّلها”. وشدد على ان “ثورتنا الفكرية المحقة ضد الطغمة الحاكمة مجتمعةً لم تقم مع طرف ضد طرف كما يحاول البعض تصويرها بل قامت ضد كل المنظومة… والمارقين والطارئين فثوراتهم السلبية تحاول إدخال شعارات هجينة ولدت ميتة إلى الثورة، ومهددا لنا في الحديث تتمّة”.

والواضح من لغة البيان انه من اصدار أحزاب يسارية تتبنى الخطاب الممانع خصوصا في استخدام تعبير “الحركة التصحيحية” الذي ذكّر الثوار بحزب البعث.

رد الفعل عند البعض كان بالتعليقات ان البيان مضحك، وتساءل البعض “من هي الحركة التصحيحية ومن كلفها تصحح وتصنف؟ معتبرا ان الامر ملفت وضروري معرفة ماذا يحصل”. وفيما جرى وصف البيان بأنه “أمر مؤسف وطفولي وعمل هواة، نبه آخرون إلى ان في الحراك العشرات من المندسين”.

ويقول فادي الذي وزع البيان بين بعض المجموعات لــ”لبنان الكبير”: “لا اعلم من نشره، وصل لي من احدى المجموعات وقد لفتني مضمونه وقمت بتوزيعه بين مجموعات اخرى، لدي الفضول لمعرفة الجهة التي تقف خلفه، وهو يشير بداية الى زيارة احدى المجموعات السيادية الى مقر رئيس حزب القوات اللبنانية احد اركان السلطة وفي الوقت عينه يدّعون الثورة، فكيف يجوز لثائر ان يزور احد اقطاب السلطة؟ تلك المجموعات السيادية تحاول تحويل مسار الانتفاضة التي انطلقت بانفجار اجتماعي وهي ساعدت اطراف السلطة بكل مكوناتها الطائفية على زيادة الشرخ داخل صفوف المنتفضين. ومفهوم السيادة لا يمكن تجزئته، إذ يجب الوقوف ضد كل التدخلات الخارجية غربية ام شرقية، لا يمكننا التركيز فقط على اي طرف خارجي من دون ذكر الاطراف الأخرى”.

وحسب فادي أيضا، انه لمس “تفاعلا ايجابيا مع البيان من العديد من اعضاء المجموعات وعلى شبكة التواصل الاجتماعي مع بعض النقد البناء ولم يخل الامر من بعض الآراء السلبية”.

ويعلق جورج القارح ساخرا: “صار للثورة عين وحركة تصحيحية وحراس ومجالس تطرد وتخوّن وتشيطن كل رأي آخر من الثوار، واصفا إياهم بأنهم أنانيون، وصوليون، مندسون. قتلتوا الثورة لكنهم لن يقتلوا الثوار ولا روح الثورة”. وسأل: “من أنتم؟ من نصّبكم مصنّفين للثوار؟ من وضعكم كتبة إنجيل أو قرآن الثورة؟ ستسقطون كما سيسقط مشغّلوكم”.

من جهته، يقول ناجي بيازيد: “الحقيقة بيان الهيئة التصحيحية سخافة، من يقول ان هؤلاء يريدون ان يصححوا، كل شخص صار يرى الصح من وجهة نظره، اما بالنسبة لزيارة احد مجموعات الثورة الى سمير جعجع هيدا شأنهم وهيدا رأيهم وهم أحرار، لا أحد يفرض عليهم أي شيء، واما تصنيف الثوار وفحص الدم فهو فتنة حتى نلتهي ويتوجه الثوار الى المعارك فيما بينهم ويتركوا مواجهة السلطة أي معركتهم الأساسية”.

وتساءل عمر الجوزو “الى من تنتمي هذه الحركة التصحيحة في الموقع السياسي؟ هل هي تصحيحية ضد الموقف السيادي؟ وهل هي بوجه المجموعات السيادية؟ انا لا اوافق على هذه الحركة التي تطرح بيانات تقليدية ولا يمكن أن تتموضع في الموقف السياسي السيادي. فمفهوم استرداد السيادة هو مفهوم لاسترداد سيادة الدولة المخطوفة بقوة السلاح والدويلة. ويجب ان يكون هناك حركات سيادية تقاوم في الشارع ضمن معركة استرداد السيادة لانه واجب وطني”. واعتبر ان “نشر البيان تم من قبل احزاب السلطة لدس السم بالعسل والدليل ان هذا الموضوع لاقى جدلا كبيرا داخل المجموعات، وبالنسبة لموضوع السيادة فهو جزء اساسي من معركتنا ووضع لبنان رهينة ايرانية بايادي مرتزقة لبنانيين هو ما اوصلنا الى ما نحن فيه”. وأضاف: “نحن مع تحييد لبنان عن كل الصراعات الخارجية وضد اي سلاح خارج اطار الشرعية اللبنانية ونحن مستمرون بمحاربة السلاح غير الشرعي الذي اوصلنا الى ما وصلنا اليه من حماية الفساد والفاسدين من خلال فرض السيطرة على السلطات ان كان في القضاء او في تأليف الوزارات وصولًا للمجيء برئيس جمهورية والسيطرة التامة على كل مفاصل الدولة مما ادى بنا الى ما نحن فيه اليوم”.

ورأى محمود شعيب ان هذا البيان وزعه وديعة احزاب السلطة الفاسدة في الثورة”، مشددا على ان المعيار لأي ثائر أن يكون مع الحرية والسيادة، والسيادة هي سيادة القانون وفرض سلطة الدولة على كل الاراضي اللبنانية”.

النقاش يشتد داخل المجموعات على مفهوم السيادة ولا اتفاق على مواجهة أدوات السياسة الإيرانية التي تنفَّذ في لبنان، والواضح ان المسار الوطني سيكون صعبا، فكما لم يكن هناك موقفا موحدا من الخروج السوري من لبنان، لن يكون هناك موقفا موحدا للخروج من تحت عباءة ايران، فالشكر لها مستمر طالما النعم موجودة اما الثورة من اجل التغيير الاجتماعي ومحاسبة الفاسدين ستبقى مجرد شعارات ولن يكون بمقدور الثوار التقدم الى الأمام، فالنقّ لا يكفي وتوجيه الاتهامات والسعي لموقع نيابي غير كاف اذا لم يُتخذ موقف واضح من التدخل الايراني في السياسة اللبنانية.

شارك المقال