عون منشغل بالانتقام… وميقاتي يستقوي بماكرون

رواند بو ضرغم

لم يعد للثقة وقعٌ بين المكونات اللبنانية، فانعدمت عند الشعب تجاه الطبقة الحاكمة، واهتزت بين حلفاء مار مخايل على قاعدة تشكيك رئيس الجمهورية ميشال عون بحليفه “حزب الله” مواربة جراء تحقيقات المرفأ بالقول: الأبرياء لا يخافون القضاء… مستشهداً بكلام للإمام علي: “من وضع نفسه موضع التهمة فلا يلومَنّ من أساء به الظن”. أزمة الثقة هذه تشعّبت وبدأت تشهد انهياراً في جدار الثقة بين الثنائي الشيعي من جهة، والرئيس نجيب ميقاتي من جهة اخرى.

مصادر مطلعة على أجواء الثنائي الشيعي تقول لموقع “لبنان الكبير” انه على الرغم من الدعم الذي حصل عليه الرئيس ميقاتي من حركة “أمل” و”حزب الله” في التكليف والتأليف، الا أن الايام بدأت تبرهن مدى ارتباط رئيس الحكومة بالمشروع الفرنسي الذي يجري تحضيره للبنان. والدليل على مزاعم الثنائي الشيعي انه لو كانت الازمة الديبلوماسية بين لبنان والمملكة العربية السعودية حصلت في ظروف أخرى وفي فترة مغايرة، لما كان ميقاتي تردد بتقديم استقالته فوراً بعدما تأكد من أن استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي مستحيلة. فالمعروف عن ميقاتي انه لا يُغضب المملكة ولا يفوّت عمرة او حجاً، لذلك يعلم الثنائي الشيعي أن الفرنسيين هم من طلبوا من ميقاتي ان لا يستقيل، والهدف من بقاء الحكومة هو تحقيق مشروعهم الذي عبّر عنه الفرنسيون مراراً من خلال إظهار امتعاضهم من السياسيين اللبنانيين وتحميلهم مسؤولية الانهيار، وعدم الانصياع للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعدما زار لبنان مرتين وقدم مبادرته ولم ينجح، إذ يعتبر الفرنسيون انه يجب ان يتحمل السياسيون هذا الفشل الذي وقع به ماكرون. وتقول المصادر المطلعة إن الفرنسيين طلبوا بشكل مباشر من ميقاتي العمل على تغيير الطبقة السياسية التي اصطلحت على تسميتها بالفاشلة في لبنان.

من أجل تغيير هذه الطبقة السياسية لدى الفرنسيين مساران:

اولا، استغلال فساد الطبقة السياسية والتسويق لفكرة تغييرهم حتى الانتخابات النيابية.

ثانيا، تكوين جبهة معارضة.

يتعاون ميقاتي مع باريس من أجل تحقيق المبتغى الفرنسي. وتقول المصادر لـ”لبنان الكبير” إنه يرى نفسه مستفيداً من خلال بقائه على رأس الحكومة لغياب أي مشروع بديل للمعارضة ولتعذر التوافق بين مجموعاتها، وهذا الواقع يصلح في حال جرى انتخاب رئيس جمهورية جديد أو لم يُنتخب بديل. أما وسائل تغيير الطبقة السياسية فيتقدمها ملف تحقيقات انفجار المرفأ، ولهذا السبب نرى أن ملف المرفأ وُضع على نار حامية ويجري استغلاله في ملف الانتخابات النيابية.

لذا، فإن كل وعود الرئيس ميقاتي المتكررة بحل قضية المرفأ ذهبت هباء، وتبيّن للثنائي الشيعي انه لا يهمه إذا اجتمعت الحكومة ام لم تجتمع، وهو يصب اهتمامه لأن يبقى رئيساً وأن يضمن تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي، ولا أي شي آخر.

فما هو المخرج المطروح إذاً في ملف تحقيقات انفجار المرفأ؟

لطالما كان الرئيس عون يطالب بتغيير كل من رئيس المجلس الاعلى للقضاء سهيل عبود وقائد الجيش جوزف عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، اما وبعدما تمت المصالحة بين قائد الجيش وجبران باسيل برعاية رئاسية، فإن تغيير العماد عون لم يعد مطروحاً. ويبقى طرح الرئيس عون قائماً بتغيير سهيل عبود ورياض سلامة، الا أن المضي بهذا التغيير من دون التزام “الستة وستة مكرر” فستنعكس عليه سلباً على ابواب الانتخابات النيابية، لذلك بدأت عملية التنقيب في قصر بعبدا عن اسماء قضاة وموظفين عامين واداريين مسلمين، مشكو منهم في دوائر القصر، لتعيين بدلاء عنهم، وعلى رأس تلك الاسماء: مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات والقاضي علي ابراهيم ومدير عام وزارة الاقتصاد محمد بوحيدر، وذلك لتحقيق التوازن الطائفي وفقاً للعقلية العونية… الا أن هذا الطرح لم يوافق عليه أي من الرئيسين، لا بري ولا ميقاتي.

شارك المقال