الأبيض… فراسُ الصحة بالمرصاد

تالا الحريري

لم يبرز اسم فراس الأبيض عند تسلمه منصب الوزارة فقط، بل منذ كان مديراً عامّاً لمستشفى رفيق الحريري الحكومي. ولطالما ظهر اسمه لدى مطالبته بالتحرّك وتحمل المسؤولية وتدارك الكوارث التي تفتك بالقطاع الصحّي، ورفعه الصوت من دون خوف أو تردد لتأمين المستلزمات والأدوية والمساعدات لإنقاذ القطاع ومرضاه، ومساندته الطاقم الطبّي الذي كان على وشك الاعتكاف في ظل الضغوط التي كان وما زال يتعرّض لها، مما زاد الحقد عليه أكثر من قبل.

إن لمحة سريعة عن هذه الإنجازات كافية لتبيان جدارة الدكتور فراس بتولّي منصب وزير الصحة، وكونه “الأبيض” الوحيد المحافظ على نزاهته، جاء ليلملم مصائب خلّفها حمد حسن، بعدما عجز الأخير عن معالجة المشكلات التي عصفت بالقطاع الصحي من أزمة أدوية، وفقدان المستلزمات الطبية، وارتفاع جنوني لاصابات فيروس كورونا، وإدخال أدوية ايرانية بطرق غير قانونية، ومخالفة معايير منظمة الصحة العالمية، وصولاً الى الاكتفاء بتهديد محتكري الأدوية وحليب الأطفال ومطالبتهم بالاعتذار والتعهّد بعدم تكرار هذه الجريمة بدلاً من اتخاذ أقصى الاجراءات بحقّهم.

حتّى إنجازات حسن العظيمة تبيّن أنّها “فوتوشوب”، فلو أنّك وظّفت وقتك لمكافحة المحتكرين لكان أسهل من تضييع وقتك على تلوين الوجه بالفحم. فالوزير الغائب أولاً والمهلل لـ “حزب الله” ثانياً، رحل ورحلت معه المتابعة والمحاسبة والمساءلة جرّاء الأزمات الصحية التي خلّفها وراءه.

تلك الحكومة التي تسلّم وزارة صحتها حمد حسن ما بين 21 كانون الثاني 2020 وحتى تشكيل حكومة ميقاتي في 10 أيلول 2021، كان خروجه فيها مثل دخوله… فارغاً. ليأتي الأبيض للملمة الركام وإنقاذ الأرواح في فترة قصيرة، فإنجازاته حتى الآن كافية لردع الاتهامات الباطلة بحقّه.

وفي عهد “الأبيض”؛ أزمة الادوية الى حلحلة، اجراءات جديدة للحد من انتشار كورونا، بشرى سارّة من الوزير الى المرضى، وزير الصحة يتحرّك، أدوية الأمراض المزمنة بدأت تصل الى الوزارة… يبدو هذا كافياً لإنجاز ما عجز غيره عن إنجازه.

أمّا المؤتمر الصحافي لعرض التحقيق في موضوع “مركز سانتا ماريا”، فيعكس صدقية الوزير وبأنّه لا يترك ملفاً بل يتابعه للنهاية. وبالتالي ذكر الأبيض في مؤتمره إعادة النظر بنظام المراقبة في وزارة الصحة ووضع معايير طبية ولوجيستية واضحة لمستشفيات الفئة الثانية. كما كُلّفت مديرية العناية الطبية وبرنامج الصحة النفسية في الوزارة بالمراقبة ومراجعة جميع العقود الموقعة مع هذه المستشفيات، وفسخ العقود مع طبيبين مراقبين بسبب إخلالهما بالمراقبة من دون ذكر اسميهما، وفسخ العقد بين وزارة الصحة ومركز سانتا ماريا وإلغاء رخصتها ونقل المرضى الى مراكز علاجية أخرى. وبالتالي فإنّ الأبيض لم يفوّت أي فرصة للقيام بواجبه بموضوعية ودقة.

اليوم يركّز المواطن على رفع الدعم عن الأدوية من دون التفكير بالبدائل الموجودة والتي تُعتبر بمثابة حلول، كمراكز الرعاية الصحية الأولية التي تقدّم الخدمات والأدوية مجاناً، والدفع لكشف الطبيب الذي لا يتخطّى الـ20 ألف ليرة. والأهم أنّ هذه الرعاية مستدامة ولا تقتصر على شهر أو شهرين فقط. بالاضافة الى الأدوية المحلية المصنّعة في لبنان، ذات الجودة العالية والأسعار المناسبة والمتوافرة أيضاً. فبدلاً من الاحتجاجات المطالبة باستقالة فراس الأبيض بشأن موضوع الدعم على الأدوية، ليتكم توجهتم الى من حرمكم ايّاها أو الى من يرفض فتح الاعتمادات لتأمين الدولار من أجل شراء الأدوية وبالتالي رفع الدعم عنها.

فالابيض هو مثال الوزير البعيد من الضجّة الإعلامية والمتفاخر بانجازاته، والحاضر لبذل الجهد وإيجاد الحلول فعلاً وليس قولاً.

شارك المقال