عون: أنا أو باسيل أو لا بلد…

حسن الدّر
حسن الدّر

كانت “فجّة وصريحة” المواقف التي نقلها الصحافي نقولا ناصيف عن رئيس الجمهورية ميشال عون في ما يتعلّق باستحقاق الانتخابات النيابية المقبلة، وانتخاب رئيس الجمهورية بعدها بأشهر قليلة.

كلام الرئيس عون الذي ورد الجمعة في جريدة “الأخبار” تناول أبرز الموضوعات الخلافية في البلد، من الأزمة الديبلوماسية مع المملكة العربية السعودية، إلى توقّف جلسات الحكومة عن الانعقاد، إلى، الأهم والأخطر، التعديلات على قانون الانتخاب ومواعيد إجرائها!

وبعيدًا من النقاش الدستوري والقانوني حول حقّ الرئيس وصلاحياته الدستورية في مسألة قانون الانتخاب والمهل المتعلقة به، كان لافتًا تحديده لموعدين: “لن أوافق على انتخابات نيابية سوى في أحد موعدين: 8 أيار أو 15 أيار” قافزًا فوق مجلس النواب ومجلس الوزراء، بل إنّ القفزة تعدّت اتفاق الطائف عودًا إلى زمن “المارونية السياسية” يوم كان رئيس الجمهورية حاكمًا بأمره!

وهذا ليس استنتاجًا ولا تحليلًا، إنّما قراءة لما قاله عون في موضع آخر: “لن يأتي بعدي رئيس كما قبلي. لن يكون بعد الآن رئيس للجمهورية لا يمثّل أحداً، ولا يمثّل نفسه حتى، بل ابن قاعدته”، ومنشأ هذا الكلام قناعة عون بأنّه رئيس قويّ، لذلك بنى خطابه على فكرة “استعادة صلاحيات رئيس الجمهورية” ومحاولة تكريس أعراف جديدة تحت شعار “حقوق المسيحيين”.

ثمّ قال فخامة الرئيس: “أخشى أن ثمة مَن يريد الفراغ. أنا لن أسلّم إلى الفراغ”.

في الواقع إنّ الخشية من الفراغ قائمة لدى معظم القوى الداخلية والخارجية، أمّا “مَن” يريد الفراغ فكلّ الأصابع تشير إلى فخامة الرئيس ورئيس تياره جبران باسيل، ليس افتراءً إنّما السّلوك المتبع لدى الفريق المذكور آنفاً يؤكّد تلك المخاوف والهواجس، ولذلك الفريق أسباب شخصية كثيرة، نذكر اثنين منها على سبيل المثال لا الحصر:

– أوّلًا: كلّ المؤشرات والإحصائيات تؤكّد أنّ التيار الوطني الحر سيتلقى ضربة قاسية في الانتخابات النيابية المقبلة، واذا كانت الخسارة ستلحق معظم الاحزاب السياسية اللبنانية إلّا أن التيار الوطني الحر سيكون أكبر الخاسرين وبأرقام فاضحة، وبالتّالي لا يعود توصيف “ابن قاعدته” ينطبق على الوزير باسيل الطامح إلى خلافة عمّه.

– ثانيًا: نجح العماد عون في اعتماد نهج التعطيل والابتزاز ووصل إلى رئاسة الجمهورية، والوزير باسيل متأثر جداً بأسلوب وليّ نعمته وينتهج الاسلوب عينه. وما دامت الإحصاءات تشير إلى انتقال الأكثرية النيابية إلى الضفة المعارضة للعهد، فإنّ فرص باسيل الضئيلة أساسًا بالطرق الديموقراطية، تصبح مستحيلة تحت قبّة المجلس الجديد. ولا بأس إذاً من تكرار تجربة الفراغ التي أوصلت عون إلى الرئاسة، فليس في لبنان ما نخسره ونحن نعيش في نعيم الجحيم!

من هنا نفهم توجّس الرئيس نبيه بري من نوايا التيار، فقد سأل نواب كتلة “لبنان القوي” في الجلسة الاخيرة: “بدكن انتخابات أو لا؟ قولوا بصراحة” لم يقولوا يومها فقالها الرئيس عون أمس!

أمّا المضحك المبكي فقول فخامة الرئيس: “أنا لن أسلّم إلى الفراغ!”.

هل نسي فخامته أنّه عطّل البلد ومدّد الفراغ أكثر من سنتين ليضمن انتخابه، علمًا أنّ فرصة انتخاب الوزير سليمان فرنجية كانت قائمة ومدعومة داخليًا وخارجيًا، لولا وفاء فرنجية لحليفه الحقيقي والاستراتيجي “حزب الله”!

ختم الرئيس عون كلامه بعبارة: “هل يُعقل أن لا يبقى هناك أحد؟”.

صحيح، لا يعقل أن لا يبقى أحد، لكنّ الأصح أن لا يبقى من لم يكن جديرًا بأن يأتي أصلًا، ومن لا يعرف من أين تأتي المشاكل لن يعرف كيف يأتي بالحلول!

شارك المقال