الإعلام السعودي بين اللبناني جورج قرداحي… واللبناني علي نون!!

محمد الساعد (كاتب سعودي)

خلال الاسبوعين الماضيين، اعلنت الحكومة السعودية منح جنسيتها لعدد من المفكرين والباحثين والعلماء، كان منهم شخصيات لبنانية وعربية منهم الباحث والكاتب رضوان السيد “السنّي”، والمفكر من الطائفة الشيعية محمد الحسيني، في رد واضح يقول “إن السعوديين لا يأخذون موقفاً من الهوية اللبنانية، بل إن مواقف المملكة تأتي رداً على انحياز سياسي او أمني فادح ضدها وضد شعبها”.

اليوم أكتب عن شخصيتين لبنانيتين اخريين عبرا دهاليز وكواليس الاعلام السعودي على مدى سنوات، ولتحقيق مبدأ الحياد اؤكد انه لا تربطني بهما اي علاقة شخصية او معرفة سابقة.

الاول: هو الاستاذ علي نون، وقصته مع الاعلام السعودي طويلة بدأت مبكراً عام 1984 حين عمل في صحيفة الشرق الاوسط في لندن، ثم انتقل عام 1989 الى صحيفة الحياة، ثم عمل في أم بي سي فالعربية من عام 1995 الى 2007.

طوال فترة عمل “علي نون” في وسائل الإعلام السعودية، تجلت محبته لهذه الارض وأهلها متحدياً فيما بعد تغوّل حزب الله في الداخل اللبناني وفرضه لرؤيته السياسية على الجسم الاعلامي في لبنان كما بقية المكونات.

شاهدنا علي نون يغطي على سبيل المثال لا الحصر الدخول الاميركي الى افغانستان ثم العراق، وشاهدنا تغطيته الممتازة لتداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ثم حرب تموز حين كان لبنان الخبر الأول في نشرات الاخبار العربية، وشاهدنا مقابلات له مع مسؤولين سعوديين بارزين، مثل وزير الداخلية السابق الامير نايف بن عبد العزيز – رحمه الله -.

ترك علي نون الإعلام السعودي سنة 2007، وانضم الى صحيفة “المستقبل” حتى عام 2019، ثم الى أسرة موقع “لبنان الكبير”، لكنه لم يترك امتنانه ومحبته للسعودية، وكانت وما زالت زاوية علي نون تعكس العلاقة بين مهني لبناني ودولة عربية شقيقة، وتجلت فيها تقديره للملكة وقيادتها وشعبها، وكأنه ما زال يعمل في وسيلة اعلامية سعودية، واذا ظهر في وسيلة اعلامية لبنانية أيضا يتجلى اخلاصه لهذه البلاد وقناعاته بخياراتها النبيلة.

في المقابل، جاءت تجربة الاعلامي جورج قرداحي سيئة جداً على الرغم من كونه أخذ فرصاً مهمة، وتقلد مناصب رفيعة منها مديراً للاذاعة ثم مقدماً للبرنامج الشهير “من سيربح المليون”، ليسقط عنه قناعه قبل نحو عشر سنوات حين هاجم خيارات المملكة السياسية والإعلامية في مواجهتها لإيران واتباعها في المنطقة وعلى رأسهم بشار الاسد وحزب الله.

فوجئ السعوديون حينها بسلوك قرداحي وانقطعت الصلة به، وحين عاد الى المشهد السياسي والاعلامي مؤخراً، أكد المؤكد، واعلن انحيازه للمشروع الايراني عبر ميليشيا الحوثي الارهابية وداخل دوائر حزب الله.

نحن امام عدة قصص تؤكد ان السعوديين لا يكرهون اللبنانيين لأنهم لبنانيون، فمنهم من تم استقطابه ومنحه الجنسية، ومنهم من عمل ووفى، ومن عمل وانكر، مما يؤكد حتمية واحقية القرارات السعودية فاللبنانيون ليسوا طبعة واحدة وبصمة واحدة، بل فيهم الصالح والطالح كأي شعب في هذا العالم، ولذلك فمن المهم ان نستبعد الطالح مهما اعتذر وتذاكى، ولا نتغافل عن حسنات الصالحين مهما تباعدت بهم السنوات.

شارك المقال