إنقاذ ضاع وإنقاذ يضيق… وميقاتي تطنيش

ليندا مشلب
ليندا مشلب

لا يخفي أكثر من مرجع سياسي انزعاجه من ” تطنيش رئيس الحكومة نجيب ميقاتي” على اجتراح حلول متاحة بين يديه لحل الازمة الحكومية الى حد السؤال: هل هو حزين لما أصاب حكومته؟ أم مستفيد؟

في الواقع ان الرجل الفدائي لا احد يشك بعاطفته وغيرته على مصلحة الوطن لكنه يدرك جيداً ان ليس بمقدوره شيء فالالهام الوحيد الذي نزل عليه هو تشكيل حكومة من خلال حنكته في تدوير بعض الزوايا والتنازلات التي قدمها لرئيس الجمهورية وصهره الوزير السابق جبران باسيل فأحدث صدمة إيجابية “خلصت” حكومة حسان دياب من المستنقع الذي غرقت فيه ونقل البلد من ضفة الى اخرى… علماً ان الضفتين هما في بلد منكوب يعني أسوأ من بعضهما… لكن ان تكون بحكومة افضل بكثير من لا حكومة، هذا في البداية اما الآن، فالوضع صعب لان الحكومة تحولت إلى حكومة تصريف أعمال واصبحت القرارات تؤخذ بمراسيم استثنائية كما حكومة دياب المستقيلة!

والحقيقة التي حاول ميقاتي قلبها ان البلد بحالة انهيار والجميع مكبل وميقاتي على الرغم من الوضع المزري الذي اصاب حكومته فإنه يعتبر هذا الامر “هدية” او “ذريعة”، فعودة مجالس الوزراء ستكشف العجز عن تنفيذ القرارات، اذاً يصبح القول انهم يمارسون التعطيل ضد حكومتي منفذاً.

“لا يا دولة الرئيس” يقول قيادي مقرب من الثنائي الشيعي، هذا السلوك لا يصح ولم يعد ينفع، فالحل بيدك، وانت قادر عليه، فكما شكلت حكومة بأي ثمن وبدعم فرنسي كبير بغض النظر عما اذا كان وهماً او حقيقة، يمكنك أن تحل قضية البيطار بأي ثمن وبين يديك مخارج قانونية ودستورية، تستطيع السلطة السياسية ان تكون على تماس فيها مع القضائية…

“الكذبة الكبيرة خلصت” يقول القيادي لموقع “لبنان الكبير”، والازمة اللبنانية عصية على الحل في الوضع الراهن وجل ما يستطيع أن يفعله الاميركيون والفرنسيون هو فرملة الفوضى الامنية وتجميد الشارع اما الحلول فأصبحت في مكان آخر.

ويسأل القيادي كيف السكوت عن ممارسات رئيس مجلس القضاء الاعلى ولماذا؟ لقد تبين أن الرجل له أجندته الخاصة، والفضيحة الكبرى التي حصلت في قصر العدل منذ يومين لا تمر ويجب ان لا تمر، ففي عهد عبود انتهى القضاء، فكيف يصار الى اخذ كل هذه القرارات في جلسة واحدة (نكف يد غسان خوري، ونرد دعاوى الارتياب بحق البيطار المعلقة منذ ثلاثة أشهر ونرد دعاوى معاداة الدولة…) وكأن هناك اوركسترا واحدة تعمل مع بعضها، ولماذا كذب عبود على الرؤساء الثلاثة عندما أوهمهم بوجود حل قضائي؟ فقد قدمت له خدمة كبيرة اذا كان يريد متابعة التحقيق وكشف الحقيقة وهي دعوى معاداة الدولة التي قدمها الرئيس حسان دياب ومن بعده الوزير السابق نهاد المشنوق وهو حل سلس يريح القضية من خلال الوصول إلى نتيجة: ان البيطار يخالف الدستور بعدم إحالة الرؤساء والوزراء والنواب على المجلس الاعلى لمحاكمتهم في مجلس النواب ويدعى الى الكف عن الاعتداء على صلاحيات البرلمان لكن عبود يعمل كرمى للعيون السود… والايام ستكشف من هي الجهة التي تدعمه وتسانده وصاحبة الأجندة يقول القيادي، فمن الواضح أن هناك من يريد التعمية على الحقيقة في انفجار المرفأ وأصلاً أين هي هذه الحقيقة؟ ضاعت في الإهمال الوظيفي! وعما يستطيع أن يفعله وزير العدل او رئيس الحكومة قال القيادي: “الاول لا يمكن له فعل شيء سوى سحب تكليف البيطار، والثاني سحب إحالة الملف على المجلس العدلي، لكن بالتأكيد ان للطرفين حساباتهما بعدم الاقدام على هذه الخطوات”.

في الخلاصة حكومة يملك فيها جبران باسيل 12 وزيراً، تؤكد بما لا يرقى اليه الشك ان الحل بيد ميقاتي وباسيل… لم يبقَ شيء من البلد وفي آذار لا يبدو أنها ستحصل الانتخابات التي دخل موعدها في كباش قاسٍ خصوصا بعد أرقام تسجيل المغتربين… يعني ان الضبابية تلف المقبل من الايام وهنا نسأل بقوة وبارتياب يصل إلى مستوى الاتهام: “الدولار أصبح بـ25 الفا! أين الثوار ونزلة الشارع والمعترضون على ارتفاعه؟! هل تعطلت الـremote control ؟ ثم أين الاحزاب التي كانت تقطع طرقات الكسليك وجل الديب وانصارهما الذين يقطعون الطرقات في طرابلس وعند نقطة الـPalma وغيرها من المناطق اعتراضا على الوضع المعيشي والفساد… خصوصا القوات والكتائب؟”.

الحكومة يجب ان تستلحق نفسها وإمكان تغيير الحكومة مستحيل لذا فرصة انقاذها لا تزال موجودة على الرغم من ضيق الهامش؟ فعليها العودة الى الطاولة لوضع الخطط وترجمة المتاح منها واتخاذ خطوات اجرائية للعلاج ووقف المراسيم الاستثنائية والانتقال من حكومة تصريف أعمال غير معلن الى حكومة كاملة الصلاحية تريح الأوضاع نسبياً وتنعكس فرملة للصعود الهستيري للدولار واهمه في المرحلة المقبلة هو إدارة الوضع الصحي الطارئ والخطير المقبلون عليه لفرض ضوابط واتخاذ اجراءات عملية.

اذاً حكومة ميقاتي “معاً للانقاذ” بين انقاذين، الاول لنفسها وكيانها ولمستقبل ميقاتي السياسي، الامر الذي تضيق فرصه لكنه لم ينته بعد، والثاني للبلد، انتهى وقُضي الامر.

شارك المقال