الجلسات “مش ماشية”… وميقاتي سيحكم البلد!

راما الجراح

حظوظ معاودة انعقاد جلسات مجلس الوزراء تتراجع، لا تسهيلات مرتقبة من الرئيس ميشال عون للتفاهم على المخارج التي تحول دون انعقاد الجلسات، وتصريح الرئيس نجيب ميقاتي فور خروجه من بعبدا لا يُبشر بالخير. “الحكومة ماشية لكن مجلس الوزراء مش ماشي”، جملة طرحت العديد من التساؤلات حول المقصد منها، لكن يبدو أن الأجواء تجاوزت كل الخطوط، وأن مقاطعة الثنائي الشيعي مستمرة، مما يعني أن التعطيل لا يزال قائماً، ومسألة القاضي طارق بيطار لا تزال في الصدارة، والطريق إلى الانعقاد بحاجة إلى التعبيد!

بعد أسبوع على الأجواء الإيجابية التي كانت سائدة في اللقاء الذي جمع الرؤساء الثلاثة، وإبداء الرئيس عون استعداده للتعاون لإيجاد حلول للنقاط الخلافية خلف تعليق جلسات مجلس الوزراء، وأن الرئيس ميقاتي سيدعو قريباً إلى عقد جلسة، وذلك حسبما جاء في “الشرق الأوسط”، إلا أن تصريح ميقاتي الأخير دحض تلك الأخبار وخيّب ظن اللبنانيين المتمسكين بخيط رفيع من الأمل الذي يستند الى مفاعيل إيجابية تجاه المجتمع الدولي لإنقاذ لبنان من الانهيار.

للإضاءة على الجوانب السياسية والقانونية لتصريح الرئيس ميقاتي الذي أثار القلق والتساؤل، تواصل “لبنان الكبير” مع المحامي والمحلل السياسي جوزف أبو فاضل، والباحث القانوني والسياسي الدكتور سامر عبدالله، وأستاذ القانون محمد شكر، الذين شرحوا جملة الرئيس قانونياً، وأكدوا أن لا استقالة من الحكومة ولو لم ينعقد المجلس نهائياً.

شكر: الوزراء يمارسون دورهم دون التئام المجلس!

أوضح الدكتور في القانون محمد شكر أن “المقصود بـ”الحكومة ماشية” أي “ان الوزراء يمارسون دورهم في إدارة مصالح الدولة وتطبيق الأنظمة والقوانين وكل ما يتعلق بالامور العائدة الى إدارته، أما المقصود بـ”لكن مجلس الوزراء مش ماشي” يعني “عدم التئام واجتماع مجلس الوزراء (رئيس الحكومة والوزراء)، ويحق ايضا لرئيس الجمهورية أن يرأس جلساته عندما يحضر، إذاً انعقاد اجتماع يكون دورياً في مقره الخاص لممارسة الصلاحيات المنوطة به وفقاً للدستور ونذكر منها على سبيل المثال، وضع السياسات العامة للدولة في جميع المجالات ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها، والسهر على تنفيذ القوانين والانظمة، وتعيين موظفي الدولة وصرفهم وقبول استقالتهم وفق القانون”.

واعتبر شكر أنه “من الضروري اجتماع والتئام مجلس الوزراء الامس قبل اليوم، واليوم قبل الغد، بخاصة في ظل الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها المواطن اللبناني والتي لم يحصل أن مرّ لبنان بمثل هذه الازمة منذ نشأة الكيان، واجتماع مجلس الوزراء يجب أن يكون متلازماً مع تطبيق الدستور الذي نص في المادة 80 منه بشكل واضح وصريح لا لبس فيه أن محاكمة الرؤساء والوزراء هي من صلاحية المجلس الاعلى، مشيراً إلى أهمية تلازم المسارين بحيث تنتقل صلاحية محاكمة رئيس الحكومة السابق حسان دياب، وعدد من الوزراء من المحقق العدلي إلى المجلس الاعلى، عندئذ يكون التئام مجلس الوزراء بديهياً وبالتالي القيام بواجباته المنوطة به، إضافة إلى أن الحرص على تطبيق الدستور هو أمر أكثر من ضروري وذلك لحسن سير عمل المؤسسات الدستورية وفي مقدمها مجلس الوزراء وأيضاً من اجل كشف حقيقة من ارتكب جريمة 4 آب ووفاء لدماء الشهداء الذين سقطوا”.

أبو فاضل: “إذا اجتمعوا رح يدبحوا بعض”!

من جهته، أوضح المحامي والمحلل السياسي جوزف أبو فاضل أن “تصريح ميقاتي يعني أنه لا استقالة ولا اعتكاف، حتى يمرروا المطلوب عبر مراسيم جوّالة، والحكومة لن تجتمع طالما الثنائي الشيعي مع بعض الوزراء والنواب يقولون “يا نحن يا القاضي بيطار”! وكان قد قصدها الرئيس ميقاتي عندما قال “ولكن مجلس الوزراء مش ماشي”، أما الحكومة فهي موجودة وبرئاسته ولن تستقيل، وبالتالي لن يدعو إلى اجتماع مجلس الوزراء بالاتفاق مع الرئيس ميشال عون لأنه إذا اجتمعوا رح يدبحوا بعض”.

وأشار إلى أن “عدم انعقاد مجلس الوزراء لفترة طويلة ينعكس سلباً على البلد الذي يتحلّل، والأغلبية تضع اللوم على المصارف وحاكم مصرف لبنان في حين أننا كحكومة ومجلس وزراء نصرف الأموال. هناك الكثير من القرارات المهمة والمصيرية متوقفة بسبب عدم انعقاد المجلس، لكن الرئيس ميقاتي يحاول التفاهم مع صندوق النقد الدولي بواسطة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، ووزير الاقتصاد، ووزير الشؤون، وحاكم مصرف لبنان، إلا أن هناك خلافات مستحكمة من الرئيس عون لتحميل المصارف وحاكم مصرف لبنان وحدهم كل “صرف الأموال” في حين أن من صرفها وسرقها هم الرؤساء والحكومات المتعاقبة والوزارات والصناديق والمجالس بكل أنواعها، بالإضافة إلى رواتب قطاع العام وسلسلة الرتب والرواتب، وهذه جميعها تحتاج إلى مجلس وزراء لتهتم بشؤون الناس وأكبر دليل على ذلك بطاقة الرشوة المقنعة أي البطاقة التمويلية التي وعدوا الناس بها ولم تصدر بعد لأنه بالأساس لم يكن هناك إتفاق عليها في مجلس الوزراء، بالمقابل متفقين يختلفوا علينا وبدهم يانا نفل!”.

عبدالله: حكومة ميقاتي ستتسلم الحكم!

ورأى الباحث القانوني والسياسي الدكتور سامر عبدالله أن “هناك إصراراً على عدم عقد مجلس الوزراء بسبب موضوع القاضي بيطار وتحقيقات المرفأ، فهناك فريق يقول إن هناك استنسابية في التحقيقات واستهدافاً معيناً وتجاوزاً للدستور في ما خص محاكمة الرؤساء والوزراء، لذلك حصل ما هو معروف بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء بانتظار التزام الدستور بالتحقيقات العدلية، وبالتالي يجب أن تقوم وزارة العدل والهيئات القضائية ومجلس القضاء الأعلى بدورها، ويبدو أن الرئيس نجيب ميقاتي لا يرغب في الاستقالة حتى وإن لم ينعقد مجلس الوزراء، فلذلك خرج بهذه النظرية أن الحكومة ماشية لكن مجلس الوزراء مش ماشي!”.

وتابع “الرئيس ميقاتي يعمل على ملفين، الأول يعتبر أساسياً وهو المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وهذا لا يحتاج الى انعقاد جلسة مجلس وزراء، والملف الثاني يهدف فيه إلى إجراء الانتخابات في موعدها وهدف حكومته أولاً هو التحضير لهذا الاستحقاق النيابي، إضافة إلى أنه من الناحية القانونية يمرّر الأمور الضرورية بالتنسيق مع رئيس الجمهورية بمراسيم جوّالة أو حتى بما يسمى مراسيم استثنائية”.

وختم عبدالله: “الواضح أننا في مرحلة قصيرة، هي مرحلة الانتخابات النيابية، وهناك استحقاق رئاسي في حال حصل شغور في منصب رئاسة الجمهورية وهذا الأمر غير مستبعد أبداً، هنا حكومة الرئيس ميقاتي هي التي ستتسلم الحكم، لذلك لا يريد الأخير الدخول إلى تلك المرحلة بحكومة مستقيلة، وبالأساس الرئيس ميقاتي جاء على اساس أنه نقطة وصل بين الفرنسي والأميركي والإيراني وحتى بعض الدول العربية”.

شارك المقال