هل يُسقط “ثوار” النبطية خطط “حزب الله” انتخابياً؟

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

“الصورة قاتمة” هذا ما يردده كثيرون من معارضي هيمنة الثنائي “حزب الله” – أمل ومجموعات الثورة، عن الانتخابات النيابية في دوائر الجنوب، ولا سيما في النبطية، وسط صعوبة الاتفاق على خوض غمارها بشكل موحد على الرغم من الجهود التي تبذل، فالتوقعات تشير إلى أن “حزب الله” يسعى إلى استقطاب مرشحين محسوبين على الثوار والمعارضة وشخصيات عائلية تطمح إلى الحصول على مقعد نيابي ضمن لائحة ولو كانت غير مكتملة، وتشجيع الترشح فردياً لمنافسة لائحة الثوار إن توصل هؤلاء إلى اتفاق على مرشحين باسمهم في إطار لائحة مكتملة للثورة.

وتشير مصادر متابعة للحدث الانتخابي المنتظر في النبطية لـــ “لبنان الكبير” إلى واقع هذه الدائرة بالقول: “في الانتخابات الأخيرة حصد الثنائي الشيعي كل الأصوات، كان يوجد مرشح لحزب 7، ومرشح مستقل. ولا تذكر نسبة الأصوات التي حصلوا عليها، نظراً للبيئة المشبعة بالروح الطائفية والمذهبية المقيتة، فقد استخدم “حزب الله” كل أسلحته الفتاكة من إغراء وإغواء وتشبيح وضغط حتى ربح المعركة”.

وتستدرك المصادر عينها أن “الثوار في خيمة النبطية، على الرغم من الضغوط والقمع لا يزال عدد من الشبان موجودين فيها، وهم من فلول اليسار، من بينهم الشيوعي المنقسم إلى 3 أو 4 أقسام. فحديث الشيوعيين متناقض، ويظهر تبايناً كبيراً في المواقف بين شيوعي وآخر، وهناك الطليعة، أي ما كان يعرف سابقاً بحزب البعث العراقي، وحركة الشعب، إضافة إلى مستقلين كان بعضهم في الأحزاب الوطنية البائدة وآخرون انفتحوا في ظل الوضع الصعب”.

وبحسبها، إن “حالة الانقسام دارت وتدور في ساحة حراك النبطية، حول ما إذا كان “حزب الله” من “كلن يعني كلن”، وهل تتم مداراة هذا الحزب مع حليفه أمل. وتجري الوشوشة حول ممارساتهم فقط من دون مواجهة، إذ نشط “حزب الله” باستمالة البعض منهم، فيما مارس على البعض الآخر قمعاً لا يحتمل. لكن أصحاب الرأي الحر عملوا على جمع المكونات على قواسم مشتركة، لافتة إلى تشكيل هيئة تنسيق حراك النبطية من 6 اشخاص يمثلون أحزابا وواحدا مستقلا، وتبين أن الشيوعي لم يرسُ على موقف واضح وثابت، ولم يؤمن حشد عناصره في تحركات الثورة، وهو حزب شبه مشلول. أما حزب الطليعة، فعدد ناشطيه أقل، لكن مواقفهم واضحة ويجاهرون بالحقيقة، والبعض الآخر يعتمد التقية، وهناك حركة الشعب التي تجهر بأنها مع سلاح حزب الله”.

وتلاحظ إنه “عندما يكون هناك خلاف كبير في الرؤية الاستراتيجية وحتى المرحلية، يصبح من الصعب جدا التئام الأطراف ضمن رؤية وخطة موحدة، فحتى لو تم إحراجهم في الاتفاق على أمر معين ينسون لاحقاً، لأنهم غير مقتنعين”.

الوضع في النبطية انتخابياً خاضع للظروف التي قد تنشأ خلال الشهرين المقبلين من إمكان توحيد صفوف الثورة على مستوى الوطن، تقول المصادر: “إذا استطاعت مجموعات الثورة على صعيد لبنان التوحد، ستأخذ زخماً في استمالة المستقلين، وإزالة الحواجز الموجودة، وهم ينتظرون منا التوحد والاتفاق في ما بيننا”.

يتدرب الثوار على كيفية إدارة المعركة الانتخابية تقنياً، إذ نظموا في النبطية دورة تقنية، و”كلف الذين خضعوا للدورة بإجراء إحصاء، كل في منطقته وشارعه لرصد أصوات العائلات والأحزاب والميول، لكشف اتجاه الرأي العام. وعملية الرصد ستستمر لمعرفة إمكان التبدل في الشرائح التي لا تعرف الى أين ستتوجه”.

باختصار، تفيد هذه المصادر بأنه “لم يتم حتى الآن الاتفاق بعد على مرشحين محددين باسم الثورة، هناك من أعلن ترشحه بشكل فردي، وهؤلاء لا يمثلون أحداً تقريبا. لكن العمل يجري بين مختلف المجموعات والقيادات أفقيا ومركزيا لمحاولة جمع شتات الثورة وهذا دونه صعاب، خصوصاً عندما دخل المال الى الثورة، فهناك مجموعات صغيرة العدد لكنها متمولة، وهناك مغتربون شكلوا مجموعات مشتبه في وصوليتها، لكن بالثورة إمكان الاتفاق على لوائح موحدة على صعيد الوطن صعبة، ولو كانت مطروحة لتقديم لائحة من 128 مرشحاً من كل الدوائر”.

ماذا عن النبطية؟

تكشف المصادر عن “تفاهم تم على ترشيح 6 أشخاص يمثل كل واحد منهم شريحة معينة، وقد اضطررنا لكتابة ذلك خطياً والتوقيع عليه واعتبرناه قسم شرف بيننا”، وتستدرك بالقول: “لكن بالسياسة ليس هناك شرف ولا قيم ولا أخلاق، فنحن نحاول لملمة الوضع ولا نرى إمكان خرق، ولكن قد نجمع نسبة معينة من الأصوات للحفاظ على ماء الوجه، عكس ما كان يحصل في الماضي، وربما في ظل وجود مراقبين دوليين قد يُسمح لمندوبي الثورة بالوجود من دون إشكالات ولا تتم سرقة الصناديق، من هنا نرى ضرورة المرونة مع شعار “كلن يعني كلن”، والتعاون مع بعض المرشحين المستقلين من غير المعادين لها، أو مستقلين باستطاعتهم جمع أصوات ولهم تجارب وخصائص فردية”.

لم يتوقف “حزب الله” خلال الأشهر القليلة الماضية عن اتباع سياسة الجزرة والعصا، فقام بمحاولاته للترغيب والتهديد، بالاتصال ببعض الشخصيات المؤثرة في ثورة النبطية، طالباً منهم التنحي جانباً، أي بنصيحة مبطنة وأحياناً بإعلاء اللهجة والوصول إلى تهديد مباشر، “وعلى الرغم من ذلك نحن ننحت في الصخر ومستمرون، نحاول التماسك ونراعي خواطر بعضنا من أجل الثورة لتغير واقعا فرض علينا منذ 40 سنة، وعلى الرغم من أن الواحد منا بات لا يستطيع التفكير إلا بلقمة العيش، وعلى الرغم من أن الناس مقهورة ومذلة لكنها لم تعد مهتمة بالثورة والنزول إلى الشارع، في المقابل هناك إصرار على الاستفادة من الانتخابات وممارسة الحق الديموقراطي. فإن حصلت الانتخابات في ظل مراقبة دولية جيدة يمكن لنا الحصول على نسبة أعلى من الحواصل”.

وتكشف سعي “حزب الله” لترشيح شخصيات تأخذ من أصوات الثوار وليس من أصوات لائحته مع أمل، في كل دوائر الجنوب، وترى أن “مواجهة خطته تكون بالإعلان عن خطة الثورة وبرنامجها، للحد من الترشيحات الفردية والاتفاق على ذلك لا ينفذ إذ يتراجع البعض عنه وهذا يقصم ظهر الثورة”.

تلفت المصادر نفسها إلى اجتماعات للتنسيق لم تثمر، “كان هناك 720 مجموعة، الآن هناك 3 كتل كبيرة بينها تباينات واختلاف، و”حزب الله” يلعب عبر مندسّيه في مجموعات الثورة على زيادة الشرخ والانقسام، وهو بارع في تحريك هؤلاء للحصول على معلومات عن تحركات الثوار ويجهد لإنجاح تكتيكه بترشيح أشخاص باسم الثورة، ولا يمكن مقارنة إمكاناتنا بإمكاناته. ليس فقط المالية ولكن الخدماتية واللوجيستية، فنحن نفتقد كل شيء”.

شارك المقال