مرجعيون: هيمنة الثنائي في مواجهة تحالف المعارضة و”الثورة”

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

ربما لا يحتاج المواطن اللبناني الانتظار الى ما بعد الانتخابات وفرز صناديق قد تسرق وتُستبدل لمعرفة النتائج، فكثيرون يعتقدون انها تصدر بمجرد الإعلان عن مواد قانون الانتخاب التي تفصّل لتخدم أحزاباً معينة وتغيّب أخرى تحت عنوان اللعبة الديموقراطية.

عام 2017 انتظر اللبنانيون اقرار قانون عصري، فأقر القانون الأرثوذكسي مبطّناً بـادعاء اعتماد النسبية مراضاة للشارع، الا ان إعتمادها في الدوائر الصغرى، كان مجرد عودة للنظام الاكثري، اذ ان النسبية مع صوت تفضيلي أدت في تجربة انتخابات 2018 الى انتخاب كل مواطن طائفته، وبحسب الخبراء فان النسبية تحتاج الى دوائر كبيرة مع لوائح مغلقة، يختار المواطن اللائحة التي يريدها او يترك له حرية الاختيار بإعادة ترتيب اللائحة على ذوقه.

كان في انتخابات دائرة مرجعيون – حاصبيا عام 2018 أمل للمعارضة، واحداث خرق في ظل القانون النسبي لكن الحاق بنت جبيل والنبطية بهذه الدائرة صعّب الامر، اذ تم الاتيان بخزان بشري كبير، أي ما يقارب الــ 500 الف ناخب، مقابل عدد قليل جداً من الناخبين من المشارب او الطوائف المختلفة.

ويشرح الناشط المدني والسياسي رياض عيسى ابن بلدة الهبارية لــ “لبنان الكبير”: “القانون اعطى الثنائي الشيعي مكسب لائحة كاملة، كان ممكن ان تُخرق لو تجمعت قوى الاعتراض وقوى المجتمع المدني. لكن احزاب السلطة عملت على ان لا تتوحد اللوائح المعارضة، إذ فرقوا بين المرشحين وخلقوا لوائح جديدة حتى تكثر المنافسة ولا يكون هناك حاصل انتخابي جيد للمعارضة، ودارت المعركة بين 4 لوائح؛ لائحة قوى تحالف الثنائي الشيعي مع “التقدمي الاشتراكي” و”البعث” و”القومي”، مقابل لائحة ضمت “المستقبل” و”الوطني الحر” و”الديموقراطي”، ولائحة “القوات اللبنانية” ومجتمع مدني وشخصيات إعلامية، ولائحة مؤلفة من شيوعيين ومستقلين، وتم قطع الطريق امام أي خرق للمعارضة”.

ويعتقد عيسى ان القوى المعارضة للثنائي “لم تدرس الأرضية الانتخابية ولا قامت بإحصاءات دقيقة لقوتها آنذاك، فكان كل طرف يضخم قدرته وشعبيته حتى يفرض شروطه، وللاسف لان القانون غير عادل احد المرشحين على لوائح المعارضة حصل على نحو 19 الف صوت تفضيلي، بينما منافسه حصل على 3 آلاف وربح مما يثبت ان هذا القانون غير عادل وغريب عن المنطق. دائرة مرجعيون من اصعب الدوائر، لان الحاصل فيها عالٍ جداً ولأن عدد الناخبين كبير، ويلتزم معظمهم بفتاوى او تعاميم حزبية، وهناك عدد كبير منهم لديه منافع مالية نتيجة تفرغهم لهذه الاحزاب او لديهم مصالح، فاللوائح التي قدمها الثنائي الشيعي من العام 2000 وحتى الآن لم تلعب دوراً بارزاً بقضايا التنمية فهذه المنطقة اكثر حرمانا وكانت الناس عندما تطالب المسؤولين في فترة الاحتلال بمشاريع إنمائية كانوا يقولون لهم بعد التحرير وكان الأهالي يأملون ان ترصع بالذهب والمفاجأة كانت أنه لم تنفذ أي مشاريع تثبت الناس في ارضها على العكس زاد النزوح من القرى الى بيروت والمدن الكبيرة طلباً للعمل أي إن شعاراتهم واهية والبطالة تزيد ولا دعم لصمود الناس والوضع الصحي تعس حتى فرع للجامعة اللبنانية غير موجود ووسائل النقل معدومة”.

المعالم الانتخابية غير واضحة في هذه المنطقة اليوم، يفيد عيسى: “صحيح ان بعضا من الجمهور الشيعي في حالة قرف الا انه لم يتخذ قرار إعطاء اصواته لخيارات أخرى، فلا بدائل واضحة، ولا أسماء مرشحة برزت قادرة على مخاطبة عقل واحساس هذا الجمهور الذي لم يخرج من عباءة الأحزاب الطائفية. هناك استسلام وخنوع وخضوع كبير في المنطقة. وقوى الاعتراض والثورة لم تقدم أي خطاب يحفّز الجمهور لا برنامج ولا مشروع، حتى انه سُمح لاحزاب السلطة بركوب موكب الثورة، على الرغم من انهم قمعوها وشيطنوها والصقوا بها تهم انهيار العملة والفلتان الامني والاقتصادي”.

وبرأيه انه على “قوى الاعتراض والمجتمع المدني التوحد في لائحة واحدة والتعالي على الانانيات وحسابات المكاسب الشخصية، إذ لا بد ان تخاض معركة مشرفة في هده المنطقة، وعلى الأقل احداث خرق بشخص او اكثر، والاستفادة من حالة الاعتراض وشعور اليأس والقرف عند الناس. ودعوتهم كي لا ينتخبوا بشكل خاطئ وانما بشكل مغاير ليقودوا عملية التغيير. وليس المقاطعة، مع الإشارة الى ان اعداد المسجلين في بلدان الاغتراب من هذه المنطقة قليلة، لكن عليهم ان يصوتوا لصالح التغيير”.

وتشير المعلومات الى ان القيمين على لوائح الثنائي والحلفاء في السلطة يتجهون الى طرح أسماء جديدة للترشح على المقاعد التقليدية، ومن المحتمل ان لا يعود بعض النواب الى مقاعد المجلس مثل اسعد حردان وأنور الخليل وقاسم هاشم، اذ هناك سعي للاتيان بأسماء مقبولة اكثر وقادرة على تشكيل رافعة لهذه اللائحة في المنطقة. فهدف الثنائي من ذلك عدم افساح المجال واستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لقطع الطريق على اي شخص للفوز باي مقعد من المقاعد الـ11 في هذه الدائرة.

ويلفت عيسى الى الوضعية الخاصة لهذه المنطقة ويصفها بــ “الحساسة”، “فهي على تماس مع فلسطين المحتلة وهي عنوان للمواجهة. فأي فوز لغير الثنائي والممانعة يعتبرونه مؤثراً في الرأي العام المحلي والعالمي، لذلك الضغوط على الناخبين من الثنائي كبيرة والترهيب لغة التعامل وهم فرضوا في انتخابات 2018 أسلوبا لترهيب المرشحين المعارضين وفرضوا ترشيح اشخاص وأسلوب انتخاب للناس وفق الفتاوى وتأمين النقل وعدم السماح لمندوبي المعارضة بالتواجد على صناديق الاقتراع مما تسبب بخلل في ميزان القوى في الساعات الاخيرة فبعد الساعة الخامسة في يوم الانتخاب اضطروا الى رفع نسبة المقترعين حتى يعدلوا بالنتائج”.

تضمّ المنطقة كافة المكونات اللبنانية من دروز وسنة وشيعة وارثوذكس، وهي كانت نموذجاً للتعايش الواحد، ولكل صوت فيها قيمة وتأثير ولكن عندما توسعت الدائرة لتضم النبطية وبنت جبيل، يرى عيسى ان “الانتخابات صارت معلبة واصبح قرار المنطقة بيد الثنائي المهيمن واصبح على المواطنين التسليم بالامر الواقع، فالكثيرون قالوا اذا كانت لائحتهم فائزة فلماذا نذهب للانتخاب”.

ويتابع: “لهذه المنطقة خصوصية هي منطقة مواجهة قدمت تضحيات، فيها شهداء ومعتقلون ومبعدون، دمرت وقصفت وعانت الحرمان والاهمال فترات طويلة. فمن يريد تركيب لائحة عليه ان يأخذ بالاعتبار تسمية اشخاص مقبولين من الناس، يعبرون عن وجعهم ويتبنون قضاياهم ولا يفرضون عليهم أسماء بالباراشوت”.

ليس من حركة لمرشحين في هذه المنطقة، والمواطنون فيها مشغولون بكيفية إدارة أزماتهم مثل تأمين المازوت للتدفئة او تصريف موسم زيت الزيتون. هناك أولويات بالنسبة لهم، لكن الصورة ستتغير بالطبع مع اقتراب موعد الانتخابات اذ سيهتمون ويراقبون عن كثب حركة المرشحين والدعاية الانتخابية وأداء الفرقاء، والقوى السياسية ستبحث أيضا عن مرشحين محتملين، وقد بدأ البعض باتصالات جس النبض لدى شخصيات من المحتمل ان تترشح، وحتى قوى الثورة تبحث عن تشكيل لائحة قوية لمواجهة الثنائي علّها تستطيع تحقيق خرق بالتعاون مع قوى معارضة لمواجهة لائحة الثنائي.

ويحكى في الكواليس عن احتمال ان يبدل الثنائي في الأسماء فيكون هناك مرشح لــ “الديموقراطي” ومرشح للقومي وإعطاء سني لفريق محسوب عليهما، ويمكن ان يقدموا للتقدمي مقعدا درزيا اذا أعطوا السني لطلال أرسلان.

كيف ستكون عليه التحالفات هذه المرة؟ الواضح ان المستقبل لن يتحالف مع التيار الوطني الحر وقد يكون من الصعب ان يتحالف مع القوات، والسؤال المطروح هل تتحالف قوى الثورة مع المستقبل إضافة الى الكتائب؟ ثمة حضور لافت للمستقبل في العرقوب وفي بعض قرى مرجعيون وفي منطقة بنت جبيل هناك حضور للقوات والكتائب والشيوعي فهل هناك إمكان تعاون وهناك شخصيات مستقلة وناشطين فهل يسعون لتشكيل لائحة قوية هذا هو السؤال المطروح من الجمهور المناهض لهيمنة الثنائي؟

شارك المقال