لا بيان بعبدا يحل الأزمة مع المملكة ولا تصليح السكانر يوقف تهريب الكبتاغون

راما الجراح

قرار المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى بمنع دخول الخضروات والفواكه اللبنانية أو عبورها من أراضيها، بعد تزايد عمليات تهريب الكبتاغون في شاحنات لبنانية تغرق بلاداً بأكملها، بدأ العمل به منذ يوم الأحد الماضي وهو ساري المفعول، فيما المسؤولون نائمون، كما يبدو، على حرير المشاريع “الخنفشارية” من نوع السوق المشرقية المشتركة لتكون بديلاً مناسباً لـ”حزب الله” وحاشيته السياسية.

وعلى الرغم من دخول لبنان بوابة الجريمة المنظمة من الباب العريض، من التفجيرات وتصنيع المخدرات وتهريبها إلى دول العالم، لا سيما السعودية، إضافة إلى الفساد. يبدو أن “الصيت” لا يزعج أهل السلطة، فتصدير الكبتاغون بالرمان إلى المملكة عمل خطير واعتداء امني على دولة، وردة فعل العهد لحل المشكلة التي تطال اللبنانيين سواء مزارعين أم مصدرين أم مقيمين يعملون في السعودية، وفي وقت يحتاج فيه لبنان للعملة الصعبة والمزارعين إلى تصريف إنتاجهم، كانت بسيطة للغاية: متابعة الموضوع من قبل وزارة الداخلية؛ والمبرر لهذه الجريمة ضد دولة شقيقة تعطل السكانر.

كان واضحاً أن المملكة ودول الخليج لن تتسامح مع لبنان هذه المرة، لا سيما وأن اللبنانيين أنفسهم غير مبالين بتعزيز علاقاتهم العربية والخليجية، ما يطرح السؤال كيف يمكن أن يبقى لبنان واقفاً على قدميه في وقت يجري فيه تهريب المخدرات ومصانع الكبتاغون تنتشر هنا وهناك والعصابات الاقتصادية والمالية والمسلحة المدعومة من “حزب الله” تعيث فساداً في كل القطاعات، تحت أعين المسؤولين. فلبنان محكوم بنظام الدويلة، ولا قضاء نافع ولا سيادة له على أرضه ولا سلطة لقانون دولي عليه.

وتعليقاً، اعتبر عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي أنيس بو دياب في حديث إلى “لبنان الكبير”، أن البيان الذي صدر عن اجتماع بعبدا ليس بالمقدار والمستوى المطلوب لحل الأزمة”، ورأى أنه بيان وصفي كلّف معالي وزير الداخلية لمتابعة الأمر وكأن العملية بسيطة لهذه الدرجة”، وأكد أن “سوء تقدير الأزمة ريما سيفاقمها أكثر وخاصة سعادة سفير السعودية ترك لبنان إلى السعودية وغير معروف حتى اليوم ما إذا كانت زيارة عادية أو طُلب منه ذلك”.

وشرح بودياب بالأرقام مدى تأثر لبنان بالقرار السعودي قائلاً: “حجم الصادرات اللبنانية كانت ٢.٩مليارات دولار عام ٢٠٢٠ إجمالاً، ولبنان يصدر من المزروعات (فاكهة وخضار) بحوالي ١٣٠ مليون دولار بشكل عام منها للسعودية بحوالي ٢٤ مليون دولار. ويصدر لبنان للخليج بشكل عام حوالي ٦٦ مليون دولار، وحجم الخضار يفوق حجم الفاكهة المصدّرة”، فالخطوة تكمن إذا أصبح الحظر على كل المنتوجات اللبنانية فيتأثر حجم الصادرات بحوالي ٢٥٪ من حجم الصادرات، لأن الخليج العربي يعتبر من الدول الأكبر التي تستورد من لبنان بعد أوروبا بحوالي ٧٠٠ مليون دولار سنوياً”.

وأردف بو دياب: “إجمالي الخطر الاقتصادي لا يقتصر فقط على الصادرات الزراعية من الخضار والفاكهة، إنما كل العلاقات الاقتصادية بين لبنان والخليج العربي وتحديداً السعودية، إذ أن ٣٠٠ ألف عامل وأسرة يعملون في السعودية ويشكل حجم الاستثمارات حجماً كبيراً ولا سمح الله إذا حصل قطع علاقات بشكل مطلق سيتأثز لبنان بشكل كبير”.

وأوضح انه “من عام ٢٠١١ السياحة الخارجية في لبنان تراجعت بشكل كبير ومن عام ٢٠١٥ تراجعت الاستثمارات السعودية والخليجية، ومنذ عام ٢٠١٧ حتى اليوم تراجعت إلى أدنى حدود حتى وصلت إلى صفر استثمارات خليجية مباشرة في لبنان”.

وأكد أن” السعودية هي بوابة لبنان إلى الخليج العربي لأن مجمل الخليج عندما كانت الحدود البرية من سوريا إلى العراق والأردن والسعودية كانت تمر إلى السعودية والبحرين وغيره، وعبر البحر أيضاً”، لافتاً إلى أن “شحنة الرمان الأخيرة المحشوة بالكبتاغون يبدو أنها ليست الأخيرة، وفيها عملية تزوير إضافة إلى التهريب لأنها شُحنت إلى لبنان عن طريق شركة لبنانية وهمية غير مسجلة. ويقال إن البضاعة أتت جاهزة من سوريا وأُعيد تعليبها في لبنان وتم نقلها وكأنها منشأ لبناني وربما تهدف هذه الصفقة إلى ضرب العلاقات اللبنانية السعودية”.

أضاف بو دياب: “هنا الخطورة الكبيرة على الوضع الاقتصادي بالأخص في هذه المرحلة الحساسة حيث هناك شح في الدولار والمزارع اللبناني بحاجة لفريش دولار كما السوق اللبنانية”، متمنياً أن “لا يتأثر العاملون اللبنانيون في السعودية لأن حجم بطالة في لبنان وصلت هذا العام بحسب تقرير البنك الدولي الأخير إلى ٣٩.٥٪ وهي مرشحة للارتفاع إلى ٤٧٪ في نهاية هذا العام، وبالتالي إذا تفاقمت الأزمة ربما ستلجأ السعودية إلى قرارات صارمة”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً