حتى لو سقط مار مخايل…

محمد شمس الدين

تتعالى منذ مدة الأصوات العونية التي تهاجم حزب الله، وعلى الرغم من أنها كانت تقتصر في فترة ماضية على بعض المسؤولين مثل ناجي حايك وزياد أسود، إلا أنه بعد رد الطعن من المجلس الدستوري وصلت إلى حد هجوم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بنفسه على حليفه الأول. وفي خطابه أمس الأحد، وجه باسيل رسالة للحزب بخوض الانتخابات من دونه، بينما تشير كل التحليلات والمعلومات إلى أنها تمثيلية بإذن من الحزب ليتمكن باسيل من شد العصب الطائفي في الانتخابات المقبلة. لكن لنفترض أن باسيل صادق، وأن اتفاق مار مخايل قد سقط، هل يفيد هذا الأمر التيار الحر انتخابيا؟

قراءة تاريخية لـ”العونية”

وصل ميشال عون إلى “الزعامة” المسيحية في زمن كان جزء كبير من مسيحيي لبنان فد سئم من حرب ميليشياتهم، فدغدغ عون مشاعرهم بخطاب الدولة والجيش لأنه كان قائدا للجيش حينها، وهذا مركز يقدره كل مسيحيو لبنان. خاض عون الحروب ضد الميليشات مسيحيةً ومسلمةً، بالتزامن مع حرب ضد الجيش السوري، اعتبره الكثير من المسيحيين وقتها رجل الدولة المخلّص. وبعد فشل معاركه وخروجه مهزوما إلى فرنسا، اعتبر مؤيدوه أنه قد نُفي، على الرغم من أن خصومه اعتبروه ترك المعركة وهرب.

وعند عودته في ٢٠٠٥ بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، استقبله المسيحيون المؤيدون له كعراب قرار مجلس الامن ١٥٥٩، الذي يضمن لهم الدولة والسيادة. وحتى في انتخابات ٢٠٠٥، حظي بتأييد واسع بسبب ترشحه بوجه الحلف الرباعي وقتها (حزب الله، حركة أمل، تيار المستقبل والقوات اللبنانية)، وكان أول بنود برنامجه السياسي هو نزع سلاح الميليشيات.

لكن بعدها بسنة فقط، انقلب عون على كل المبادئ التي حاضر بها ووقع تفاهم مار مخايل مع حزب الله، وعلى الرغم من ذلك اعتبر مؤيدوه سلاح الحزب أمرا إقليميا وأن عون يسعى للجمه والحد من سطوته بهذا الاتفاق، لذلك لم يخسر الكثير من التأييد وعوّل مؤيدوه عليه لبناء الدولة التي يحلمون بها.

بداية الرحلة إلى جهنم

منذ هذه اللحظة بدأت رحلة جهنم، فقد لاحظ المؤيدون والمحازبون وحتى أقرب المقربون أن الدولة والبلد ليسوا في أجندة عون وتياره، بل أن الأهداف تقتصر على الوصول إلى كرسي الرئاسة، وتأمين مصالح الصهر المدلل. وهو من أجل ذلك لم يترك مؤسسة إلا وعطلّها، لم يترك قطاعا إلا ودمره، ولم يواجه حزب الله في أي مفترق، بل على العكس هو نفّذ أجندة الحزب السياسية، تحديدا في الديبلوماسية ووزارة الخارجية، ووصل إلى سدة الرئاسة على ظهر دبابة التعطيل، ضاربا عرض الحائط كل الأصول الديموقراطية للوصول إلى الحكم.

جهنم في الحكم

في الرئاسة، استشرس عون وتياره، وأصبحوا يدعون أنفسهم “العهد القوي”، وكل من يعترض على أي ملف أو قرار هو عدو “الأقوياء”، وضعوا أيديهم على كل ما أمكن من قطاعات، الطاقة، الاتصالات، الأمن القضاء، وكل ما استطاعوا من مؤسسات الدولة، وبدلا من التطوير والتحسين، عاثوا فيها فسادا وخرابا، لدرجة أن الاعتراض وصل إلى الحلقة الضيقة داخل التيار، وتوالت الاستقالات حتى من أعتى المقربين لعون، وأصبح التيار تيارات.

الناس لن تختار جهنم

اليوم خطاب ولي العهد والتيار يحاول تقليد خطاب عام ٢٠٠٥، الذي أتى لهم بـ”التسونامي”، لكن فعليا لا يهم إن كان تمثيلية أم حقيقة، فإن كُفر الناس بعون وصهره وتياره ليس بسبب حلفه مع حزب الله، بل بسبب تسلطه على الدولة وإداراتها وتدميرها، بدلا من إنجاز ولو ١٪؜ إنماء. لذلك، إذا أرادت بعض فئات الشعب التصويت ضد حزب الله فهي لن تختار حوت الفساد العوني، الذي ما زال يذيقهم ظلام جهنم وطوابير ذلها، وعلى الأرجح ستتجه إلى خيارات أخرى مثل المجتمع المدني وشخصيات أخرى.

تيار وصل إلى الحكم بسبب تناقضات الداخل والخارج، لا يمتلك فكرا أو رؤية، كل نهجه السياسي قائم على التحريض على الآخرين، إدّعى كذبة تحصيل حقوق المسيحيين، بينما الحقيقة أن شعار التيار الحقيقي هو تعبئة جيوب باسيل.

شارك المقال