صاحب الكرة عون

محمد شمس الدين

وقّع رئيس الجمهورية ميشال عون مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، لكن التوقيع حصل ليس من أجل مصلحة الشعب، بل لأن رئيس مجلس النواب نبيه بري يملك في جيبه أكثر من 65 توقيعا لعريضة نيابية تُلزم عون فتح الدورة. ولهذا السبب، فخامته الذي لم يهزم في أي معركة، من ١٣ تشرين حتى اليوم، نشر المرسوم مفخخا، وترافق مع استنفار إعلامي وشعراء بلاط دستوريين، كي يوحي لجمهوره أنه انتصر مجددا، وهذه المرة على الرئيس بري، مما استدعى رداً من عين التينة:

“المجلس، سيد نفسه.

ولا يقيّده أي وصف للمشاريع أو الإقتراحات التي يقرر مكتب المجلس طرحها، ويعود لرئيس الجمهورية حق الرد بعد صدورها عن الهيئة العامة الى المجلس.

هذا حكم الدستور وما استقر عليه الاجتهاد.

يقتضي التصويب!”.

لكن بعيدا عن معارك طواحين الهواء من قصر بعبدا، وبعيدا عن الدستور، وبالمنطق فقط، ما هي القوانين التي يتخوف رئيس الجمهورية أن يدرسها المجلس النيابي في الأشهر الثلاثة المقبلة؟ وهل هناك مشاريع قوانين تافهة مثلا؟ وهل هناك قوانين غير مهمة؟ وهل سيناقش مجلس النواب التمديد لرئيس الجمهورية وفخامته الوصي على الدستور سيرفضها؟ فعلا هي أسئلة جدية على قصر بعبدا الإجابة عنها وهل هناك فعلا قوانين لا يجب أن يدرسها مجلس النواب؟

إذا كان هناك هذا النوع من القوانين يجب أن تعلن عنها بوتقة العهد الدستورية والإعلامية، ويجب أن يطلّ المستشار الرئاسي الأول المبدع سليم جريصاتي ليخبر الشعب اللبناني أي قوانين هي المهمة وأيها التافهة. لأن الكتل السياسية واللجان النيابية مشغولة بتحضير القوانين التي تساهم في نهضة لبنان من أزمته، على الرغم من بعض الخلافات على الصيغ، مما يسبب تأخيرا بها، إلا أنها كلها قوانين يطالب الشعب بإقرارها، مثل القوانين الاقتصادية والإصلاحية، وتلك التي يطلبها صندوق النقد، وقوانين أغلبها تتعلق باقتصاد البلد وأمن المواطن الاجتماعي.

المجلس النيابي سيد نفسه، تستطيع السلطة الإجرائية الطلب من المجلس مناقشة قوانين معينة، تستطيع تحويل قوانين إليه، لكن وبإجماع الدستوريين من غير دستوريي البلاط المفبركين، لا يستطيع أحد حصر عمل المجلس النيابي، وقد تحوّل اللجان مشروع قانون إلى الهيئة العامة، أو قد يكون هناك أمر ملح يتم طرحه في أي جلسة، إن كان في العقد العادي أو الاستثنائي.

يحرص فخامته كل يوم على تذكير الشعب اللبناني بأنه لم ينتخب رئيسا للجمهورية، لان أداء ساكن بعبدا لا يرتقي حتى لتصرفات ذلك الطفل الذي عانينا منه جميعا في طفولتنا… صاحب الكرة، الذي على الجميع مراضاته وإلا أخذ الكرة ونزع اللعبة، لكن في حالتنا، هو يلعب بمصير بلد.

وقد مرَّ على لبنان بل العالم الكثير من الحكام الذين خلّدهم التاريخ لغرابة أطوارهم وبطشهم، من جون بوكاسا إلى عيدي أمين، لكنهم على الأكيد نقطة في بحر ميشال عون.

شارك المقال