موسكو تتذرّع لغزو أوكرانيا فهل تردّ واشنطن بالتمرد؟

حسناء بو حرفوش

سلط مقال على موقع “ذا هيل” (The Hill) الأميركي الضوء على محاولات روسية محتملة لخلق ذرائع من أجل غزو أوكرانيا. وحسب نتائج الاستخبارات الأميركية، تشير معلومات إلى أن “روسيا تعمل بالفعل بنشاط لخلق ذريعة لغزو محتمل، وللتحرك ضد أوكرانيا”. وفي الوقت عينه، سلط موقع “تايمز” (Times) الهندي الضوء على إمكانية تدخل واشنطن من خلال دعم “التمرد”.

وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جون كيربي قال: “إن روسيا تخطط لتنفيذ أعمال استفزازية بهدف خلق ذريعة لغزو أوكرانيا، مسلطا الضوء على “تلفيق” عملية من خلال نشر عملاء روس شرقي أوكرانيا”، في محاولة لإتهام أوكرانيا بالتحضير لهجوم وشيك. وبينما نفت موسكو هذه الادعاءات، وجهت أوكرانيا أصابع الإتهام لروسيا باستهداف مواقع رسمية بعشرات الهجمات السيبرانية.

وربط الأميركيون الدليل الموجود للاستفزاز بدليل مشابه تم رصده عام 2014 في شبه جزيرة القرم، حيث يخطط الجيش الروسي لهذه الأنشطة قبل الغزو العسكري المحتمل والمرتقب ما بين منتصف كانون الثاني ومنتصف شباط. كما يتزامن الاتهام الأميركي بعد أسبوع من التواصل الديبلوماسي بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين وروسيا، والذي انتهى الخميس الماضي من دون تحقيق أي اختراقات كبيرة. ولم تلتزم موسكو بشكل مباشر بالانخراط في أي حوار مستقبلي. وحشدت روسيا عشرات الآلاف من القوات بالقرب من الحدود الأوكرانية، مما أثار مخاوف من احتمال تخطيط موسكو لغزو جارتها بطريقة مماثلة عندما ضمت شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014.

وحذّر الرئيس جو بايدن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن موسكو ستواجه عقوبات اقتصادية خطيرة في حال قامت بغزو أوكرانيا. لكن موسكو نفت مرارا وتكرارا وجود أي نوايا لغزو أوكرانيا. ولفت مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أمام الصحافيين الخميس الماضي لارتفاع احتمال التهديد بغزو ثان، وقال إن الولايات المتحدة ستشارك تفاصيل “ما نراه كوضع محتمل لذريعة” مع الصحافة. كما أصدرت وزارة الدفاع الأوكرانية بيانا الجمعة اتهمت فيه روسيا بالتآمر لاستفزاز قواتها وإلقاء اللوم على كييف، مضيفة أن الوحدات العسكرية المعادية تتلقى أوامر بالاستعداد لمثل هذه الاستفزازات.

وتمتلك واشنطن معلومات تشير إلى أن موسكو وضعت مجموعة من النشطاء المدربين على حرب المدن والمجهزين لاستخدام المتفجرات لتنفيذ “أعمال تخريبية ضد القوات الروسية بالوكالة”. كما تشير معلومات الولايات المتحدة أيضا إلى أن الجهات الفاعلة المؤثرة الروسية بدأت اختلاق الاستفزازات الأوكرانية ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لتبرير التدخل الروسي. وتسعى الجهات الفاعلة للدفع باتجاه الروايات التي تشدّد على تدهور حقوق الإنسان في أوكرانيا وتلوم الغرب على تصعيد التوترات، وتشدد على تعزيز الروح الوطنية الروسية لضمان حشد الدعم المحلي للعمل العسكري.

أميركا تدعم حركة تمرد؟

وفي هذا السياق، نشر موقع “تايمز” الهندي أن الولايات المتحدة تدرس دعم حركة تمرد في حال غزت روسيا أوكرانيا، مع الإشارة إلى أن المسؤولين الأميركيين يطرحون منذ سنوات مسألة مقدار الدعم العسكري الذي يجب تقديمه لأوكرانيا، خوفا من استفزاز روسيا. أما حاليا، وفي ظل ما قد يشكل منعطفا رئيسيا، حذر كبار مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أن الولايات المتحدة قد تدعم التمرد الأوكراني في حالة قيام الرئيس فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا.

لكن كيف يمكن للولايات المتحدة، التي خرجت للتو من حرب استمرت عقدين من الزمن في أفغانستان، أن تركز على تمويل ودعم تمرد ضد غزو لا يزال قيد الإعداد. هذا خصوصا أن الحديث عينه عن المدى الذي قد تذهب إليه الولايات المتحدة لتخريب الأهداف الروسية في حالة حدوث غزو، أحيا شبح حرب باردة جديدة وجعل احتمال بدايات ما يسمى بصراع القوى العظمى حقيقة بشكل مفاجئ. وعلى الرغم من أن أميركا لم تثبت محاربة التمرد في أفغانستان إلا أن الخبراء العسكريين يعتبرون أن عملية التمويل لعبة مختلفة.

ولم يحدّد بايدن كيف يمكن للولايات المتحدة تسليح المتمردين في أوكرانيا والذين سيديرون ما قد يرقى إلى حرب عصابات ضد الاحتلال العسكري الروسي. كما أن الخطوة التالية لروسيا ليست واضحة تماما كنية بوتين شن هجوم سيبراني. لكن مسؤولي إدارة بايدن بدأوا إرسال إشارات إلى روسيا مفادها أنه حتى لو تمكنت من الاستيلاء بسرعة على الأراضي الأوكرانية، فإن بوتين سيجد في النهاية أن تكاليف الغزو باهظة للغاية من حيث الخسائر العسكرية. وحسب أحد جنود البحرية المتقاعدين، في حال غزا بوتين أوكرانيا بقوة عسكرية كبيرة، ستزداد المساعدة العسكرية للولايات المتحدة والناتو والاستخبارات والأسلحة السيبرانية والأسلحة المضادة للدروع والأسلحة المضادة للطائرات والصواريخ البحرية الهجومية بشكل كبير، وفي حال التمرد الأوكراني، على بوتين معرفة أن واشنطن تدرك جيدا كيفية تسليح وتدريب وتنشيط المتمردين بعدما قامت بنفسها بمحاربتهم على مدى عقدين من الزمن”.

المصادر: 
the hill
times of india

شارك المقال