مصدر أمني كبير لـ”لبنان الكبير”: عام ٢٠٢٢ الأسوأ على لبنان

ليندا مشلب
ليندا مشلب

“الله يستر” جملة نرددها جميعا كل يوم في هذه الأزمة، لكن ان يقولها مصدر أمني رفيع المستوى، توضع على طاولته كل يوم تقارير أمنية واجتماعية يعدّها كبار الضباط في فروع المعلومات والاستقصاء، تصبح عندها جملة مخيفة. لكن اي نوع من المخاوف تلوح بالافق؟

يؤكد المصدر الأمني لـ”لبنان الكبير” ان الامور ستكون متداخلة جدا، وليست هناك معطيات تشير الى تحرك خلايا او تحضير لعمليات أمنية. فالوضع من هذه الناحية ممسوك جدا. انما الخوف من التفكّك المجتمعي والأسلاك العسكرية والأمنية ليست بعيدة عنه “وبالزور عم نقدر نضبط العسكر ونؤمن له حاجاته”. وليس ارتفاع معدل الفرار والبحث عن كل السبل لتأمين لقمة العيش (مهن اخرى، رشاوى،  بيع سلاح وغيره) سوى مؤشر قوي، والخوف من الارتفاع المستطير للدولار وسط سؤال جوهري: الى اي مدى سيستطيع حاكم المركزي الاستمرار في لجم هذا الارتفاع في ظل الشح الذي يزيد اكثر واكثر للعملة الاجنبية؟

يصنّف المصدر اللبنانيين حاليا كالآتي: ٥ بالمئة منهم مرتاحون ماديا جدا لا تزال مظاهر العيش السخي ظاهرة عليهم (يرتادون المطاعم والمقاهي والمولات ولديهم قدرة شراء عالية، وسفر وغيره) ١٠ بالمئة من الشعب اللبناني يقبضون “fresh” ممن يعملون في شركات أجنبية ومنظمات دولية وجمعيات غير حكومية (NGOs) وقد أصبح عددهم كبيرا نسبيا، و١٠ بالمئة لديهم دعم خارجي من الاغتراب يعينهم على شراء حاجياتهم، و١٠ بالمئة ادّخروا بعض الأموال واستعانوا بها خلال هذه الازمة، لكن قريبا سيلتحق نصفهم او أكثر بمن أصبحوا على خط الفقر مع تراجع كبير جدا بمستوى سلوكيات الحياة، اي يصرفون فقط على ما يحتاجون ويختارون الأصناف الأرخص من دون الاهتمام بنوعيتها وتصنيفها وسلامتها على الصحة. اما من تبقى فأحوالهم اصبحت مزرية جدا. وهذا التفاوت والتقلّب الطبقي خطير جدا لانه يخلق عدائيات ويؤدي الى توترات أمنية وفوضى مجتمعية تعتبرها الاجهزة أخطر من التعامل مع خلية إرهابية.

والكارثة الأكبر ان الصورة بدأت تتضح اكثر مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الذي يجمع أكثر من مرجع سياسي وأمني على عدم رؤية هلاله! على الرغم من ان المجتمع الدولي يدفع بكل ثقله باتجاه اجرائه، الا ان مصالح معظم القوى السياسية الكبرى في الداخل ترى الا مصلحة حاليا بالانتخابات، وحالة الاستسلام للواقع تنسحب على كل القطاعات. ويقول المصدر: “ما حدا بدو يعمل شي” فهناك ملفات عدة وأمور كثيرة تستطيع أن تقوم بها الحكومة من دون الحاجة إلى مجلس وزراء، وشماعة التعطيل هي حجة ليس إلا.

وينظّم المصدر السؤال المفترض طرحه: “لا تسألوا من اليوم ولاحقا: لماذا لا يريدون الحل؟ اسألوا: لماذا يريدون الحل؟”، إذ يتضح اكثر انه من مصلحة الجميع ما نحن عليه اليوم، ولم يعد يصح الترقيع الا ضغط الخارج لعدم فلتان الأمور… وهناك عدة عوامل قد تؤدي إلى تطيير الانتخابات، أحدها وأقواها: ارتفاع هستيري بسعر الدولار مقابل انهيار دراماتيكي بسعر الليرة على عتبة الانتخابات. والقول ان حاكم مصرف لبنان يستطيع التدخل دائما لضبط سعر الدولار ليس دقيقا، لأن (رياض) سلامة يمكن ان يدخل الى سوق القطع لمدة وجيزة، وهو ما فعله اليوم من خلال التعميم الاخير، ويمكن ان يحافظ على نفسه لاعبا اساسيا في القدرة على التحكم ليقول: “أنا هنا” كرد على الحملة ضده، لكنه لا يملك مكابح حديدية والأمور عند نقطة معينة ستخرج عن السيطرة الا بقدرة قادر او تدخل خارجي طارئ.

وفي هذا الإطار، علم موقع “لبنان الكبير” من مصادر موثوقة جدا ان صندوق النقد لن يوقع على إتفاق مع لبنان، لا قبل الانتخابات ولا بعدها، فكيف اذا لم تحصل هذه الإنتخابات؟ وقد أبلغ من مراجع عليا بهذا الامر، وبأن ما يمكن إنجازه هو “اتفاق إطار” اما التوقيع والتنفيذ فلن يحصل قبل أواخر العام وبلورة الصورة بما خص الاستحقاقين النيابي والرئاسي، والدليل ان ٤ اشهر من عمر الحكومة ولم تنجز خطة التعافي ووفد الصندوق لن يحضر الى لبنان واستعاض بـ”التفاوض عن بعد… وفهمكم كفاية”. فعلى اي اساس سيحضر الوفد الى بيروت ولا خطة بين يديه. الخطة كانت جاهزة من الحكومة السابقة، والتي أعدتها “لازار” وتم اخضاعها للمزيد من الدرس وعُدلت أرقامها وفق المعطيات الجديدة، وتم توحيد رقم الخسائر فيها والذي أصبح معلوما (٦٨ مليار دولار) من دون الاتفاق بعد على كيفية توزيعها، الإصلاحات (كلام من دون افعال) الموازنة (شخبط شخابيط) لا إيرادات ولا سعر موحدا لتحديد العجز، فعلى أي اساس سيفاوض صندوق النقد؟

“واقفين عاصوص ونقطة” يقول المصدر، واذا “فلت الدولار وتجاوز الـ50 ألفا او ٦٠ ألفا الله اعلم ماذا سيحل بالناس التي ستعود حتما الى الشارع. ولم تلتزم الحكومة بأي خطوة اصلاحية للجم ارتفاع الدولار كما وعدت عند تشكيلها، فمن وعد بدولار على ١٢ الفا الى دولار فوق الـ٣٠ الفا. ومن وعود بمساعدة القطاع العام التي لا تحتاج إلى مجلس وزراء، الى تأجيل وراء تأجيل والحجة غياب مجلس الوزراء”.

لا شيء يطمئن والاحزاب على دراية بكل هذه الوقائع، وتحاول قدر الإمكان ضبط جماعاتها، ومن حين لآخر تدخل وساطات لتهدئة الخطاب السياسي. لم يترشح احد بعد ولم يعلن اي طرف تحالفه مع طرف آخر، لعدم وضوح صورة المزاج الشعبي والناس على الارض. خروج سعد الحريري الذي يعدّ الضربة القاسمة، وتفكّك مؤسسات الدولة والانهيار المتسارع لكافة القطاعات… كلها عوامل بدأت في ٢٠٢٠ تفاقمت في ٢٠٢١ وهذا العام ستبلغ ذروتها ليكون ٢٠٢٢ اسوأ عام وسنكون امام مفترق: اما وقف السقوط من خلال الذهاب الى  انجاز الاستحقاقات التي تعبّد الطريق امام بدء مرحلة التعافي، واما على لبنان السلام…

شارك المقال